الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«إيزيس» أصل الزمن والسحر

صدى البلد

أسطورة الخرافات إيزيس ملكة السماء الساحرة أم الرب الواحدة والكل، سيدة المحاصيل الخضراء البراقة في السماء، يا من ولدت السماء والأرض سيدة بيت الحياة وسيدة السحر الكبرى العليمة بخفايا القلوب،  صاحبة العقربة الأرملة  سيدة كلمات القوة المنتصرة للفقراء مأوى الضعفاء الملكة إيزيس الأم الحامية والزوجة المخلصة والأخت المحبة التى قال عنها الدكتور زاهى حواس لولا المرأة إيزيس لما كانت هناك مصر فعندما فقدت زوجها بكت وفاضت عيناها من الدمع لتصنع نهر النيل، ومن هنا تبدأ قصة أشبه بالخرافات أسطورة "إيزيس وأزوريس ".

القصة التى أذهلت عقول الكتاب والأدباء ومنهم توفيق الحكيم الذى جسد هذه الأسطورة فى عمل مسرحي عظيم .

فكانت تنتمي الملكة " إيزيس"  إلى التاسوع المقدس "تاسوع هليوبوليس" ، فى نصوص الأهرام ووثقت إيزيس للمرة الأولى فى التاريخ، فيما يُعرف بالنصوص الجنائزية.. وجاء ذكرها كالزوجة المطيعة والأم الحنون والأخت المحبة، وباعتبارها ابنة إله الأرض "جب" وإلهة السماء "نوت" .

وهم مجموعة من  الآباء وأهم الآلهة في الديانة المصرية القديمة، وتدور حولهم الأساطير التي يمكنها أن تكون دليل للملوك ولحياة المصريين، فكانت هذه الأساطير تدور في الغالب حول الخير والشر والصراع الدائم الدائر بينهما.

تزوج الملك جب إله الأرض ونوت إلهة السماء، اللذين أنجبا "إيزيس"  ربة السحر و"أوزوريس"  حاكم مملكة الموتى و"نيفتيس" ربة المنزل و "ست " رمز الشر. تزوج الأخوة الأربعة إيزيس من أوزوريس  ونيفتيس من ست  . وبسبب شعبية أوزوريس الجارفة ومحبة المصريين له، أصبح  هو وزوجته إيزيس يحكمان مصر، وامتلك أوزوريس حينها قلوب المصريين بسبب كرمه وطيب أخلاقه.

لتشتعل الغيرة فى قلب أخيه " ست " وتكون  تلك هي البداية للصراع الذي أوعز لـ "ست" أن يتخلص من أخيه "أوزوريس" الملك المحبوب عند المصريين " أوزريس "، واخترع لذلك حيلة نجح في تنفيذها . قام ست بصنع تابوت فخم من الخشب على قياس أوزيريس، ثم خدعه ليدخل فيه . وقام ست بدفع بعض الآلهة لتقوم بحفل ويتم عرض التابوت الفخم  كهدية لأي شخص يتبيّن أن التابوت على مقاسه . حاول الجميع أن يفوز بذلك التابوت الفخم دون أن ينجحوا. وجاء الدور على أوزيريس و لكنه ما أن دخل التابوت واستلقى داخله حتى أغلق التابوت وأحكمة الأقفال و تم صهر أقفال التابوت بالرصاص ورميه في النيل .

حين سمعت أيزيس بما حدث لزوجها وحبيبها و كانت هى«إلهة كل البدايات» والأمومة والخصوبة والطبيعة والسحر، بكيت على محبوبها لدرجة أن فاضت أعينها من الدمع وأصبحت نهراً ، ولَم تيأس إيزيس وقامت  تبحث عن حبيبها وزوجها وأخيها بإصرار وأستماته كالجندى المحارب .  كانت تخشى إيزيس على  جسد أزوريس أنه من دون طقوس دفن ملائمة لأوزيريس لن يكون بمقدوره أن يبعث  إلى الحياة الثانية .

واستطاعت إيزيس بشجاعة  المرأة القوية والعاطفة الجامحة والحب الأبدي، أن تستعيد زوجها وحبيبها أوزوريس بطريقتها الخاصة فى السحر . ولكن عندما علم ست بهذا سرق الجثة وقطعها إلى 42 جزءاً، ووزعها على أقاليم مصر ، وبدأت إيزيس رحلة البحث من جديد ولَم تستسلم بأى شكل من الأشكال .

وتمكنت  إيزيس من جمع أشلاء زوجها المغدور، وبُعثت فيه الروح من جديد عن طريق الصلوات والتعاويذ السحرية وأنجبت منه أبنها "حورس"، الذي جاء لينتقم لوالده، وعاد أوزوريس إلى العالم السفلي ويصبح إله البعث والحساب المسؤول  عن محكمة الموتى.

واختبأت إيزيس في دلتا مصر داخل غابة من ورق البردي، و تمكنت  من رعاية "حورس" والحفاظ عليه وضمان بقائه  بصحة جيدة ، فاستعانت بآلهة من العقارب ليحموه معها من الاخطار والثعابين ومواجهة الأمراض، وكانت تملك قوة سحرية يقال إنها تفوق قوة مليون إله آخر، ولذلك استطاعت أن تحمي حورس وتقوي شوكته حتى أشتد عظامه أمام عمه "ست" كما دعمت ملكه بنقل قوى الإله "رع" له . وبعد صراع طويل بين "حورس" الذي أعدته إيزيس لهذا اليوم، و"ست" الذي يملأ قلبه الحقد والشر ، ينتهي الأمر بانتصار حورس ويصبح هو الحاكم الشرعي الوحيد لمصر .

كان للملكة إيزيس معابدها في عدة بلدان رومانية، حيث كانت تعتبر أم الطبيعة وأصل الزمن، وشخصت في تماثيل وهي حاملة ابنها حورس، وفوق رأسها قرنان بينهما قرص القمر.

وتسجل نصوص الأهرام سيرة الملكة إيزيس والتى تتجلى فى الأمر الإلهي " انتحبى إيزيس، انتحبى لأجل أخيك أوزوريس" وفى موضع آخر تخاطب النصوص أوزوريس قائلة "إيزيس ستعتنى بك، ستعتنى بك بعد أن وجدتك".

مازالت تحتفظ مصر بالعديد من معابد إيزيس فى صعيد مصر، مثل معبد إبيدوس الواقع بين مدينتى جرجا ونجع حمادي، وهو أقدم معبد لإيزيس، حيث أنه بُنى قبل تشييد الأهرام، ويُعتقد أن به مدفن أوزوريس، وكذلك معبد قفط ومعبد فيلة الشهير في جزيرة فيلة.

وتقول الكاتبة " ديتراكى ريجولا  " مؤلفة كتاب "ألغاز إيزيس" أنها خصّصت جزءاً كبيراً من حياتها لدراسة تاريخ إيزيس وفلسفتها الدينية، حيث تشرح فى كتابها كيفية التطهّر بالماء من أجل الصلاة، وما هى الملابس المناسبة لتؤدى بها طقوس العبادة: أن تشعل شمعة، تتلو الصلاة وتتيقن أنك تعبد الإلهة ذاتها بما تمثله من أفكار وليس صورتها أو تمثالها.
 
كما قالت " ديتراكى ريجولا "  أن إيزيس هى الأصل، ومن رحمها خرجت جميع النساء المقدسة واالمعتنقات الدينية . أوردت فى كتابها نص الصلاة الصباحى الذى تُستحضر به إيزيس كما كان يستحضرها عبدتها القدماء.
 استيقظي، استيقظي، استيقظى فى سلام
يا سيدة السلام... يا إلهة الحياة
يا جميلة فى الجنة ... الجنة فى سلام والأرض فى سلام 
يا ابنة نوت وابنة جب وحبيبة أوزوريس ... الكل يمتدحك
أعشقك... يا سيدة إيزيس