تحتفل روسيا اليوم الاثنين 9 مايو، بالذكرى 77 لـ"عيد النصر" في الحرب العالمية الثانية، على ألمانيا النازية، حيث يعد هذا اليوم مناسبة وطنية لا مثيل لها، وعطلة شخصية للغاية للعديد من العائلات، وفرصة كبيرة لتعزيز خطاب الحكومة.
ويكتسب الاحتفال بـ "عيد النصر" هذا العام أهمية خاصة للجيش الروسي، حيث يعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيرغب في استغلال المناسبة للإعلان عن تحقيق مكاسب كبيرة في الحرب في أوكرانيا.
فوج الخالدين وعيد النصر
ويتزامن "عيد النصر" مع معركة روسية دائرة داخل الأراضي الأوكرانية منذ ما يقرب من 80 يوماً، وسط تصعيد غربي مستمر وسلسلة متتالية من العقوبات الاقتصادية علي موسكو، وتمسك روسي بمواصلة القتال الذي يراه الكرملين دفاعاً عن المدنيين في شرق أوكرانيا، وحق أصيل في صيانة الأمن القومي الروسي من التهديدات التي تراها الإدارة الروسية قائمة بسبب التقارب بين كييف وحلف الناتو.
واحتفالا بهذه المناسبة، شارك المئات في العمل التقليدي "جدار الذاكرة" الذي يكرم من خلاله الروس أبطال (فوج الخالدين) بمناسبة عيد النصر على النازية، وذلك أمام السفارة الروسية في عاصمة المكسيك.
وقال فيكتور كورونيللي السفير الروسي لدى مكسيكو في تصريح لوكالة "نوفوستي" إن "هذا الحدث يقام كل عام منذ فترة طويلة في المكسيك، وبسبب وباء كورونا أقيم لمدة عامين عبر الإنترنت، أما الآن فتغير الوضع وتم تنظيم هذه المراسم على الأرض بمشاركة مواطنين الذين ساهموا بتنظيم هذا الحدث".
وأضاف: "الجميع اليوم هنا مع عائلاتهم وأطفالهم وصور آبائهم وأجدادهم الذين قاتلوا، والمزاج احتفالي وقتالي".
وقالت منظمة الحدث ورئيسة المجلس التنسيقي لمنظمات المواطنين الروس في المكسيك ناتاليا تينياكوفا إن عدد المشاركين يتزايد كل عام.
وأضافت أنه "في عام 2015 عندما أقيم هذا الحدث لأول مرة، حضره بضع عشرات فقط من المشاركين".
ويعرف "فوج الخالدين"، بأنه حملة شعبية دولية تنظم في روسيا وبعض دول الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها بمناسبة عيد النصر (9 مايو) ويسير المشاركون فيها حاملين صورا لأقاربهم الذين شاركوا في جبهات الحرب الوطنية العظمى (1941-1945)، كما أنهم يسجلون روايات عن بطولات آبائهم وأجدادهم على موقع الحملة الإلكتروني.

عيد النصر وأهميتة للروس
وتحتفل روسيا في 9 مايو من كل عام بـ "عيد النصر" في الحرب العالمية الثانية، على ألمانيا النازية، ويعد هذا اليوم مناسبة وطنية لا مثيل لها، وعطلة شخصية للغاية للعديد من العائلات، وفرصة كبيرة لتعزيز خطاب الحكومة.
ويكتسب الاحتفال هذا العام أهمية خاصة للجيش الروسي حيث يعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيرغب في استغلال المناسبة للإعلان عن تحقيق مكاسب كبيرة في الحرب في أوكرانيا.
فالبعد يسأل عن أهمية هذا العيد، حيث تعتبر الحرب العالمية الثانية أكبر نزاع مسلح في العالم حتى الآن، وقد بدأت مع غزو ألمانيا لبولندا في سبتمبر من عام 1939 (على الرغم من أن هذا ليس التاريخ الذي تحدده روسيا) وانتهت في عام 1945.
وكان الاتحاد السوفيتي سابقا طرفا في تحالف عريض من البلدان التي هزمت ألمانيا النازية في تلك الحرب، وربما كان الأكثر تضررا حيث دار الكثير من القتال على أراضيه.
ووقع الألمان في الواقع على وثائق الاستسلام مرتين، مرة للحلفاء الغربيين في ريمس بفرنسا في 7 مايو 1945، وفي مايو من عام 1945، وقعت ألمانيا النازية استسلاما غير مشروط في الحرب العالمية الثانية، وقبلت بهزيمتها في أوروبا.
وقد أنهت تلك الوثيقة القانونية الأعمال العدائية في القارة الأوروبية على الرغم من استمرار الحرب ضد اليابان في آسيا حتى أغسطس من ذلك العام.
وقد تم التوقيع على الاستسلام الرسمي النهائي بالقرب من برلين في وقت متأخر من يوم 8 مايو، وأوقف الألمان جميع العمليات رسميا.
لذلك يتم الاحتفال بـ "عيد النصر"، المعروف أيضا باسم يوم النصر في أوروبا، في 8 مايو في معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وفي 9 مايو في روسيا وصربيا وبيلاروسيا.

الزعيم الروسي بريجنيف
وقد أنهى عيد النصر حربا طويلة ودموية فقدت فيها معظم العائلات في الاتحاد السوفيتي أحباء لها، ولكن لم يمر وقت طويل حتى تجاوز اليوم هدف الاحتفال بالذكرى وأصبح أداة أيديولوجية رئيسية بيد الدولة.
ولم يكن يوم 9 مايو عطلة وطنية في الاتحاد السوفيتي لما يقرب من عقدين من الزمن بعد نهاية الحرب، ولم يكن يتم الاحتفال به إلا في المدن الكبرى مع الألعاب النارية والفعاليات الاحتفالية المحلية.
واكتسب عيد النصر أهمية متزايدة تحت قيادة الزعيم السوفيتي ليونيد بريجنيف، وفي عام 1963، بدأ الزعيم السوفيتي آنذاك ليونيد بريجنيف سياسة تقديس النصر في الحرب ضد ألمانيا النازية لتقوية الأساس الأيديولوجي المتراجع في البلاد وتعزيز المشاعر الوطنية.
وكان هذا يعني إطلاق فعاليات على المستوى القومي، وتنظيم استعراض عسكري في الساحة الحمراء، وجعل يوم 9 مايو عطلة وطنية.
وبذل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في أوائل القرن الحادي والعشرين المزيد من الجهد لتعزيز مضمون هذه المناسبة، محاولا جعلها جزءا لا يتجزأ من الهوية الروسية.
وقد اتسع مدى احتفالات يوم النصر، ولكن في كل عام كان هناك عدد أقل من المحاربين القدامى وشهود العيان الذين "ما زالوا على قيد الحياة وقادرين على المشاركة في الاحتفالات".
وجرى تضمين الدور الرئيسي لروسيا في هزيمة النازية أيضا في التعديلات على الدستور الروسي في عام 2020.
ومن بين التغييرات الأخرى التي شددت على القيم المحافظة والقومية منع المواطنين الروس من التشكيك في الرواية التاريخية الرسمية حول النصر.

28 مليون من الضحايا
من غير المعروف بالضبط عدد المواطنين السوفييت ضحايا الحرب العالمية الثانية، لكن التقديرات تصل إلى 28 مليون شخص.
ووفقا لاستطلاع عام 2020، لم يكن لدى غالبية الروس سوى القليل من المعرفة حول كيف وأين قضى أقاربهم في الحرب.
لقد كان أقل من ثلث الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما يعرفون متى بدأت الحرب الوطنية العظمى (عندما هاجمت ألمانيا النازية الاتحاد السوفيتي في يونيو من عام 1941).
وقد زادت وسائل الإعلام الحكومية من تركيزها على العنصر الوطني في الحرب ضد النازيين منذ عام 2014 حين بدأ التوتر في شرق أوكرانيا، وقد استولت الدولة على بعض المبادرات المدنية الشعبية لإحياء ذكرى الذين سقطوا في الحرب.
فعلى سبيل المثال، بدأت مجموعة من الصحفيين المستقلين في مدينة تومسك السيبيرية في عام 2011، مبادرة محلية لإحياء ذكرى الذين سقطوا في الحرب وأطلقوا عليها اسم "الفوج الخالد".
كانت الفكرة أن يسير الناس في يوم النصر حاملين صورا للقتلى في الحرب، وبهذه الطريقة يتم إنشاء "فوج" تذكاري، وقد انتشرت المبادرة بسرعة في أجزاء أخرى من روسيا لتصبح ظاهرة وطنية.
وفي عام 2015، تم إنشاء منظمة حكومية تحمل الاسم نفسه، لكن لم يتم تضمين مؤسسي الحركة الأصلية.
وأصبح "الفوج الخالد" مبادرة حكومية شارك فيها عمال القطاع الحكومي وأطفال المدارس ووسائل الإعلام الحكومية وأحيانا بطريقة إجبارية.
وبهذه الطريقة بدت السلطات الروسية وكأنها تريد الإشارة إلى أن الاحتفال الذي ترعاه الدولة ليوم النصر هو الوحيد الصحيح.
