الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قتل مع سبق الإصرار .. الرجاء ربط الأحزمة

أميرة خلف، كاتبة
أميرة خلف، كاتبة صحفية بموقع صدى البلد

انتشار أفلام العنف والإثارة وإظهار بطولة البلطجي وانتصار الشر على الخير، وكذلك انتشار تلك النماذج الرخيصة من الفنانين يعطى صورة ذهنية للشباب المصري، أن ذلك هو الأسلوب الأمثل للحصول على المكاسب المادية ، والمعنوية فى وقت قصير طالما كان العنف وسيلة لتحقيق ذلك .

 

أصبح مألوفاً لكل من يطالع الصحف اليومية، ومواقع التواصل الإجتماعي، أن يلاحظ بصورة لافتة للنظر التزايد المستمر في معدلات ارتكاب الجرائم البشعة التى تهدد أمن المجتمع واستقراره، فما نراه من جرائم انتحار ، ضرب ، و  قتل عن سبق إصرار وترصد ، بالرغم من الجهود المقدرة التي تبذلها وزارة الداخلية ممثلة في قوات الأمن والشرطة لمكافحة واكتشاف هذا النوع من الجرائم وتقديم الجناة للعدالة ، و في ظل غياب شبه تام للآباء ، تظهر على الساحة العديد من الجرائم الخطيرة ، ليزداد معدل الجريمة المجتمعية نتيجة لما أصاب المجتمعات من  متغيرات اجتماعية ، ثقافية وإعلامية ساهمت فى زيادة العنف فى المجتمع.

 

ولعل انهيار الوازع الديني الأخلاقي والتفسخ الاجتماعي، واختلاط الفهم الخاطئ بما كان عليه المجتمع من عادات وتقاليد وعدم القدرة على تحمل متطلبات المرحلة التي مر بها المجتمع  ليصل إلى موقع ومكان أفضل ، السبب الرئيسي فى انتشار هذا الكم من الجرائم.       

 

 لا مبالغة في القول إنَّ تفكك المجتمعات وتدهورها هي الأعنف والأخطرعلى الإطلاق، فالمجتمع الآمن المستقر مطلب الجميع، حيث إن الأمان هو مصدر بناء المجتمعات وتطورها، والإنسان منذ فجر ولادته تكون فطرته سوية ، لكن البيئة التي ينشأ فيها هي ما قد تؤثر فيه ويتأثر بها، تلك البيئة التي تغرس فيه سلوكيات غير سوية ، تؤدى به للميل للإجرام و الانحراف عن الطريق المستقيم .

 

وهنا يحضرني قول الفيلسوف البريطاني، برتراند راسل، «الإنسان أكثر تعقيداً في نزعاته ورغباته من أي حيوان آخر، وتنشأ الصعوبات التي يواجهها من هذا التعقيد، فهو ليس اجتماعياً تماماً مثل النمل والنحل، ولا هو انفرادي تماماً مثل الاسود والنمور، انه حيوان شبه اجتماعي، وبعض رغباته ونزعاته اجتماعي، وبعضها انفرادي فهو مخلوق مادي روحي خلقه الله تعالى من قبضة من تراب ونفخة من روح، وللتراب انشداداته وميوله، كما للروح طموحاتها وتطلعاتها، ما يجعله ميدان تجاذب بين الاتجاهين ».

 

لذا فإن الرجوع إلى الدين والعقيدة الصافية، و تقوية الدين في نفس الإنسان، وتعزيز الجانب الإيماني لديه، المخرج الوحيد من الفتن، والانحرافات الأخلاقية والسلوكية، يأتي ذلك من خلال تفعيل دور منظمات المجتمع المدني و دور العبادة ، وإطلاق حملات لتوعية الشباب بالمقاهي والنوادي ، وغيرها من الأماكن التى يتردد عليها الشباب.

 

تقوية الوازع الديني خطوة بناءة تغرس فى النفس البشرية الرقابة الذاتية ، و تعرف المؤمن مقامه وحدوده، كما أنه يعمل على انضباط سلوك الإنسان ، لأن الإيمان يخرج الإنسان من الضيق إلى الانفتاح، ومن سيطرة الشهوات إلى شرف العبادة  ، فينقله من انغلاق التفكير في دنيا فانية إلى التفكير في الآخرة وما بعد الموت، وأنه خلق حقيقة للآخرة، وأن الدنيا ماهي إلا معبر لها، فيتسع أفقه وتتفتح مداركه، إلى أن يجعل همه من الدنيا وهدفه الأسمى هو الفوز برضا الله و بنعيم الآخرة، وهذا ما سيدفعه إلى العمل الدؤوب لأجل تحقيق هذا الهدف النبيل، والتضحية بمتع الدنيا وشهواتها لأجل الآخرة .

 

ويرى البعض أن تقدم وعي الإنسان، وتطوره العلمي، كفيلان بضبط سلوكه وتصرفاته، لكن شاهد الواقع شيء آخر،  فعلى المستوى العام تطورت وسائل العنف وأساليب التخريب والفساد، وانتشرت الاسلحة البيضاء ، و وظف العلم لدى الدول الكبرى لمزيد من السيطرة والهيمنة على الشعوب.

 

وعليه لابد أن يكون الإنسان في موقع قوة تجاه الآخرين، فإن ذلك قد يسوغ له استخدام قوته بغير حق معهم وهنا يحتاج إلى التقوى والوازع الديني ليتعامل مع الخاضعين لسلطته باحترام وإنصاف ، فالرجل في عائلته ، والرئيس مع مرؤوسيه ، والحاكم مع رعيته كلهم معرضون لهذا المنزلق ما لم يكن الوازع الديني حاضراً في نفوسهم ، وليضع كل منا هذه الجملة نصب عينيه “  أشعر قلبك الرحمة للآخرين، والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعاً ضاريا”.

 

واختتم قولي بـ " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.. فقوم النفس بالأخلاق تستقم.. إذا أصيب القوم في أخلاقهم ..فأقم عليهم مأتما وعويلا ..