الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبد الرحمن بدوي.. آمن بالفكر الوجودي ودافع عن الرسول

عبد الرحمن بدوي
عبد الرحمن بدوي

يعتبر المفكر الفيلسوف الدكتور عبدالرحمن بدوى، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله،  أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن الماضي، وأغزرهم إنتاجًا، وأكثرهم إثارة للجدل.

بدأ عبد الرحمن بدوى، حياته مؤمنًا بالفكر الوجودي الذى يمجد الإنسان ويعلى من قيمته، ويؤكد أنه صاحب تفكير وحرية وإرادة ولا يحتاج إلى موجه ويعارض كل ما يحد من حريته من الأفكار والغيبيات، والإيمان المطلق بالوجود الإنساني واعتباره أقدم شيء في الوجود، فيميل هذا الفكر إلى الإلحاد أحيانًا، وقدم العديد من المؤلفات والترجمات التي تروج لهذا الفكر الذى وضع جملة: "عش كأن لا إنسان عاش قبلك، وكأن لا أحد سيعيش بعدك" نصب عينيه.

ونجد أن عبد الرحمن بدوي، أثار  الكثير من الدهشة في الأوساط الفكرية والفلسفية عندما قدم كتابيه: "دفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد منتقديه"، و" دفاع عن القرآن ضد الطاعنين فيه"، والصادر بالفرنسية، حيث كان الكتابان بمثابة انقلاب في فكره، بما فيهما من دفاع عن الرسول والإسلام، غير أن الرجل يوضح ذلك قائلًا: "إنني أزحف منذ بداية حياتي الفكرية على جبهتين: جبهة الفلسفة العامة بما فيها الفلسفة الوجودية، وجبهة الفكر الإسلامي، ولا أراني ظلمت جبهة على حساب الأخرى".

واطلع عبد الرحمن بدوى، على كتب المستشرقين الذين تناولوا قضايا الإسلام، وانتقد العديد منها، والتي افترى مؤلفوها فيها على الإسلام، وقام بالرد عليها بنفس الأسلوب الذى اتبعوه في استخراج الأحداث التاريخية فكشف ضلالهم.


شملت أعماله أكثر من 150 كتابًا تنوعت بين: تحقيق وترجمة وتأليف. يعتبره بعض المهتمين بالفلسفة من العرب "أول فيلسوف وجودي مصري"، لشدة تأثره ببعض الوجوديين الأوروبيين، مثل: الفيلسوف الألماني "مارتن هايدجر".

ولد عبد الرحمن بدوي بقرية شرباص - دمياط، وأنهى شهادته الابتدائية في 1929 من مدرسة فارسكور ثم شهادته في الكفاءة عام 1932 من المدرسة السعيدية في الجيزة، وفي عام 1934 أنهى دراسة البكالوريا، و حصل على الترتيب الثاني على مستوى مصر، من مدرسة السعيدية، التحق بعدها بجامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم الفلسفة، سنة 1934، وابتعث سنة 1937 لمدة أربعة أشهر إلى ألمانيا و إيطاليا أثناء دراسته لإتقان اللغتين الألمانية والإيطالية وذلك بناءً على تعليمات من طه حسين، وعاد عام 1937 إلى القاهرة، ليحصل في مايو 1938 على الليسانس الممتازة من قسم الفلسفة.

وبعد إنهائه الدراسة عُين في الجامعة كمعيد ولينهي بعد ذلك دراسة الماجستير عام 1941 وقد تحدث بدوي في مذكراته المعنونة بـ "سيرة حياتي" عن الظروف التي أحاطت بمناقشة رسالته للماجستير، والتي كان عنوانها "مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية" ثم عدلها إلى "مشكلة الموت في الفلسفة المعاصرة" باقتراح من الفيلسوف الفرنسي الكبير أندريه لالاند، والذي كان من المقرر أن يشرف عليها، إلا أن لالاند في عام 1940 قد ترك مصر قبل أن يتمكن عبد الرحمن بدوي من إتمام رسالته، وذلك بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية وكان لالاند يفضل أن يبقى في وطنه الأم فرنسا، فأشرف نيابة عنه الفيلسوف الفرنسي ألكسندر كويري.
يدعي عبد الرحمن بدوي أن عميد الكلية آنذاك أحمد أمين، قد تعمّد المماطلة في موعد المناقشة إلى حين فترة انتهاء خدمة ألكسندر كويري في الجامعة حتى لا يتمكن من وضع اسمه كمشرف على الرسالة، ويدعي بدوي أن ذلك حدث بسبب خلاف شخصي بينه وبين أحمد أمين، ويذكر بدوي أن أحمد أمين كان حقودًا على خصومه على حد تعبيره.

وتمت مناقشة الرسالة من قبل لجنة تألفت من: الشيخ مصطفى عبدالرازق، وطه حسين، وابراهيم مدكور.

نشرت جريدة الأهرام خبرًا مفصلًا عن هذه الرسالة ويذكر بدوي بأنه استقبل بعدها عددًا كبيرا من رسائل القرّاء من كبار السن، وكانوا يسألونه "هل وجدت حلًا لهذه المشكلة؟!".

وفي عام 1944 حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة، والتي كانت تسمى جامعة الملك فؤاد الأول في ذلك الوقت، وكان عنوان الرسالة: "الزمان الوجودي" وكانت بإشراف كل من: الشيخ مصطفى عبدالرازق، وطه حسين، وبأول كراوس، وعلق عليها طه حسين أثناء مناقشته لها في 29 مايو 1944 قائلا: "لأول مرة نشاهد فيلسوفاً مصرياً" وناقش بها بدوي مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية والزمان الوجودي.