الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أزمة المناخ وتحدي البقاء

حسين مرسي
حسين مرسي

مؤتمر المناخ القادم في شهر نوفمبر والذي تستضيفه مصر في شرم الشيخ هو المؤتمر السابع والعشرون .. cop 27 ... وهو مؤتمر سنوي بمعنى أنه عقد من قبل لمدة 26 سنة سابقة لمناقشة قضايا المناخ وأزمة التلوث على مستوى العالم وتبعاتها الخطيرة على العالم كله وليس على دولة بعينها.

جاء العام السابع والعشرون لمناقشة قضايا التلوث والمناخ مرة أخرى .. وقد وصل الأمر إلى ذروته ووصلت الخطورة لأعلى مراحلها وأخطرها .. وأعتقد أنه قد آن الآوان للوقوف وقفة حاسمة أمام تلك المعضلة العالمية التي تهدد العالم بأسره.

ستة وعشرون سنة سابقة ناقش فيها كبار العالم وحكامه أزمة المناخ ولم نصل إلى حل .. ولم تنته ممارسات الدول الكبرى التي تلوث العالم كله .. ولم يستطع أحد أن يوقف تجاوزات الكبار بتلويث العالم .. لأن الحقيقة بكل بساطة هي أن دول العالم المتقدم والدول الصناعية الكبرى هي التي تتحمل المسئولية الأكبر في تلويث العالم برا وبحرا وجوا .. وعليها أن تتحمل فاتورة إصلاح ما أفسدوه على مدار سنوات طوال.

نعم .. الدول الصناعية الكبرى هي التي قامت بتلويث العالم بأدخنة وملوثات تبدأ من الدخان وتنتهي بالمخلفات النووية التي تلقيها في العالم كله في دول أخرى لأنها لا تقبل أن تدفنها في أراضيها خوفا على صحة مواطنيها.

ستة وعشرون عاما والعالم يناقش ويناشد ويرجو ولا فائدة ولا طائل ويستمر التلوث في كل بقاع العالم من جهات تبدو في الواقع أنها ترفض وتكافح التلوث في حين أنها هي منبع التلوث للعالم كله .. ويكفي أن نعرف أن مصر مثلا نصيبها من التلوث لا يتجاوز ستة من عشرة على مستوى العالم في حين أن دول أوروبا تتحمل النسبة الأكبر في التلوث المصدر منها للعالم كله.

منذ أيام عقد حزب مستقبل وطن بأمانة القاهرة مؤتمرا علميا بجامعة بدر كأول جامعة خضراء في مصر .. حضر المؤتمر رئيس الحزب المستشار عبد الرازق عبد الوهاب رئيس مجلس الشيوخ وجميع قيادات الحزب ووزراء ومسؤولون وتمت مناقشة جميع قضايا التلوث في مصر وتوصلت للعديد من التوصيات التي تضمن تحقيق أعلى نسب مكافحة التلوث ورصدت أيضا نتائجه السلبية على العديد من الأنشطة في مصر كالسياحة مثلا التي تتضرر بسبب تلوث المناخ بشدة .. وكانت أهم التوصيات هي الدعوة للاقتصاد الأخضر بمشروعات لا تضر البيئة على مستوى جميع دول العالم .. مع ضرورة رفع وعي المواطن بأهمية الاقتصاد الأخضر .. وضرورة إنشاء مركز دراسات الجدوى البيئية للاقتصاد الأخضر .. وكذا التوصية بدعم مبادرة الرئيس للحفاظ على مياه النيل من التلوث .. وأخيرا تفعيل دور الفنون والإعلام لتوعية المواطنين بخطورة التلوث البيئي.

ولفت المؤتمر إلى نقطة مهمة للغاية وهي ضرورة أن يكون هناك عدالة في تخفيف الأعباء وأن يتحمل النسبة الأكبر في علاج ومكافحة التلوث من تسبب فيه أي الدول الصناعية الكبرى .. وهو ما يعني أن تتحمل تلك الدول فاتورة العلاج التي تصل إلى تريليون دولار سنويا لمواجهة أزمة تلوث المناخ .. ولأن الأزمة كلها تأتي من أوروبا والدول الصناعية المتقدمة فلذلك لابد أن تتحمل هي التكلفة الأعلى في فاتورة العلاج .

أزمة المناخ هي أزمة عالمية .. وهي التحدي الأكبر الذي نواجهه جميعا .. إنها أزمة تحدي البقاء لأن تلوث العالم معناه نهاية حتمية وقريبة للجميع وأمراض فتاكة تحصد الأرواح .. ولذلك فإن مصر والرئيس السيسي يضعان الأمر في أولى اهتمامات مصر ولذلك تستضيف مصر مؤتمر المناخ القادم.

التلوث البيئي مثلا يؤثر بشكل مباشر على السياحة فلو تغير المناخ للأسوأ لن يكون هناك سياحة .. ولو ارتفعت البحار واختفت الشواطئ لن تكون هناك سياحة .. والأمثلة لا تنتهي في كل المجالات التي تتأثر بشكل مباشر بأزمة المناخ.

إن العامل الأهم والأخطر في الأزمة هو جانب الوعي .. الوعي بخطورة الأمر والتفاعل معه كأزمة حقيقية تهدد وجود العالم .. نعم إنها ازمة تحدي البقاء واستمرار الحياة وليست مجرد أزمة مؤقتة تنتهي بحلول مؤقتة عابرة .. ولابد أن تتحمل الدول المتسببة في تلوث العالم كله تكاليف فاتورة العلاج للخطر الأكبر الذي يهدد العالم .. خطر تلوث الكرة الأرضية وخطر تغير المناخ الذي ستكون نتيجته الوحيدة هي نهاية العالم .. فهل نقبل بالتحدي الكبير .. تحدي البقاء.