الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدولار الذي قصم ظهر البعير.. فاينانشال تايمز: قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة يدمر الاقتصادات الأضعف.. محمد العريان: التأخر تركنا أمام حلول إجبارية

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية تقريرًا رصدت فيه تداعيات قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتعاقبة رفع أسعار الفائدة وأثرها المتمثل في ارتفاع سعر الدولار عالميًا، بما يستتبع ذلك من إجراءات اضطرارية للبنوك المركزية حول العالم لكبح التضخم وهروب الدولار.

وبحسب "فاينانشال تايمز"، استغرق الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وقتًا طويلًا ليدرك أن ارتفاع الأسعار ليس مشكلة عابرة، وليبدأ بدوره رفع أسعار الفائدة من مستواها الذي كان يقترب من الصفر في مارس 2022.

وكما قال الخبير الاقتصادي المصري والأستاذ بكلية كوين كولدج بجامعة كامبردج البريطانية محمد العريان، فإن تأخر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي طويلًا في وضع حد للسياسات المالية التوسعية والبدء برفع أسعار الفائدة "تركتنا أمام حلول إجبارية ليست هي الأفضل على الإطلاق".

رفع أسعار الفائدة.. الاحتياطي الفيدرالي يصدّر أخطائه إلى الخارج

وأضافت الصحيفة أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يصدّر عواقب أخطائه إلى الخارج بشكل يثقل كاهل الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، فبينما تؤدي قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن رفع أسعار الفائدة إلى ارتفاع سعر الدولار أمام العملات الأخرى، ينتج عن ذلك ارتفاع معدل التضخم بدوره في جميع أنحاء العالم بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج السلع المقومة بالدولار، ولأن الدولار هو عملة التبادل التجاري الرئيسية على مستوى العالم.

وكان من نتائج قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة نشوب "حرب عملة عكسية" في جميع أنحاء العالم، إذ تتجه البنوك المركزية في معظم الدول إلى رفع أسعار الفائدة بدورها بمقدار يتراوح بين 50 و75 نقطة أساس، وفي بعض البلاد مثل السويد وكندا بمقدار 100 نقطة أساس، في محاولة لكبح هروب الدولار وتدفقه خارج تلك الدول عائدًا إلى الولايات المتحدة لإيداعه في البنوك الأمريكية أو الاستثمار في أدوات الدين الأمريكية انتظارًا لعوائد أعلى.

وعلى الرغم من أن رفع أسعار الفائدة أداة ضرورية بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وسائر البنوك المركزية حول العالم في سبيل كبح ارتفاع التضخم، فإن تكرار رفع أسعار الفائدة مرارًا وعلى فترات متقاربة يهدد، حسب تحذير البنك الدولي، بموجة مقابلة من الركود المدمر للاقتصادات، تترك الدول الأكثر فقرًا على حافة الانهيار.

وشبّه البنك الدولي الموقف الحالي بوضع ساد في أوائل عقد الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أدت موجة مشابهة من رفع أسعار الفائدة عالميًا إلى ركود في حركة التجارة العالمية، تسبب في أزمة تخلف عن سداد الديون في دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء.

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.. خراب العالم لا يهم

وعلقت "فاينانشال تايمز" بأن مقارنة البنك الدولي في محلها، فمنذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 ضخ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية في معظم الاقتصادات الكبرى حزمة تحفيز نقدية تلو الأخرى، واتُبعت سياسات تيسير كمي وسياسات مالية توسعية أغرقت الأسواق بالمعروض النقدي وخفضت أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية للغاية لسنوات متتالية.

وفيما راحت تكاليف التمويل ترتفع بإطراد، راحت الدول النامية تلجأ أكثر فاكثر إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وعرضت الصين قروضًا ميسرة بقيمة إجمالية عشرات الملايين من الدولارات على الدول الفقيرة والمحتاجة بشكل ملح للتمويل، الأمر الذي أثار قلقًا في الغرب حيال تمدد نفوذ الصين في العالم النامي.

وتابعت الصحيفة أنه لطالما حذر خبراء الاقتصاد من الىثار العالمية واسعة النطاق للسياسات المالية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي لا تراعي بطبيعة الحال ظروف الدول الأكثر فقرًا، ولا تركز سوى على ما هو في صالح الاقتصاد الأمريكي.

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاجو الأمريكية ورئيس البنك المركزي الهندي السابق راجورام راجان "إذا اقترضت دولة فقيرة في الأوقات الجيدة فيما أسعار الفائدة منخفضة، فما هي المسئولية التي تتحملها الولايات المتحدة؟ ألا يجب أن تتحمل مسئولية؟ إننا بحاجة إلى إيجاد نقطة التقاء أو حل وسط".

مع ذلك، لا تزال الحقيقة أنه لا توجد حلول أو خيارات كثيرة أمام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سوى رفع أسعار الفائدة، وفي إعلانه رفع أسعار الفائدة أمس الأربعاء، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بوضوح إنه يدرك تداعيات سياسات البنك المركزي الأمريكي على دول العالم، لكنه مضطر وملزم بخفض التضخم محليًا في الولايات المتحدة.