الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسابات التنين المعقدة.. هل تنقذ الصين الجيش الروسي في أوكرانيا لإبعاد شبح حرب نووية؟

فلاديمير بوتين وشي
فلاديمير بوتين وشي جينبينج

اتسم موقف الصين تجاه الحرب الروسية الأوكرانية منذ نشوبها بقدر من التحفظ فاجأ عدد من المراقبين الذين راهنوا على دعم صيني صريح لروسيا، باعتبار حربها في أوكرانيا بالتحليل الأخير حرب ضد المعسكر الغربي المناهض للصين.

الصين.. موقف بارد من الحرب

ورغم عدم إدانة الصين الاجتياح الروسي لأوكرانيا حتى اليوم، فإن القيادة الصينية تتخوف من تداعيات التصعيد وتهديد الرئيس الروسي في 21 سبتمبر الجاري باستخدام السلاح النووي لردع أي هجوم قد تتعرض له أراضي روسيا.

وفي هذا الإطار، يوضح البروفيسور بجامعة بكين شي ينهونج لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية أنه "لا خيار أمام الصين سوى الابتعاد عن تصعيد الحرب والتهديدات النووية. وأضاف: "بكين لم تكن تريد هذه الحرب التي أطلقها شريكها الروسي".

وترى الصحيفة أن الرئيس الصيني شي جينبينج لم يتقبل بسهولة حرب بوتين التي أطلقها بعد 3 أسابيع على زيارة بكين حيث أبرم "شراكة غير محدودة". وظهر هذا التخوف الصيني مجددا خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون، حين أقر بوتين أن نظيره الصيني لديه "أسئلة ومخاوف" مشروعة حول أوكرانيا.

التعبئة الجزئية.. الجيش الروسي يواجه صعوبات في أوكرانيا

بعد ساعات من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 21 سبتمبر التعبئة الجزئية لاحتياطي القوات المسلحة الروسية وتهديده باستخدام أسلحة نووية لردع خصوم روسيا الداعمين لأوكرانيا، دعت الصين إلى وقف إطلاق النار وخفض التصعيد عبر الحوار.

وحققت القوات الأوكرانية خلال الآونة الأخيرة انتصارات معتبرة واستعادت السيطرة على مواقع انسحبت منها القوات الروسية، لا سيما على جبهة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا، الأمر الذي كشف عن خلل كبير في صفوف القوات الروسية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانج وينبين، في مؤتمر صحفي: "ندعو جميع الأطراف المعنية إلى وقف لإطلاق النار عبر الحوار والتشاور، والتوصل إلى حل يراعي المخاوف الأمنية المشروعة لكل الأطراف في أسرع وقت ممكن".

وأكد المتحدث أن الصين تشدد على "وجوب احترام سيادة ووحدة أراضي كل البلدان، والتقيّد بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ومراعاة المخاوف المشروعة لكل البلدان بجدية، ودعم كل الجهود الرامية لإيجاد حل سلمي للأزمات".

وأثارت لهجة البيان الصيني المحايد تساؤلات وتكهنات حول حقيقة موقف الصين حيال الحرب الروسية الأوكرانية، ومدى قربها من روسيا أو دعمها لقرار اجتياح أوكرانيا.

ولا تزال الصين تراهن على شراكتها مع روسيا لإحباط استراتيجية واشنطن بمحاولة تطويقها، وهو ما يفسر قلقها بشأن الانتكاسات الروسية، ولن يكون لصالحها أن تخسر موسكو. فشبح الهزيمة الروسية المحتملة يطارد الاستراتيجيين الصينيين، الذين يخشون الانجرار إلى المعركة ويضعون الكرملين أمام مسئولياته. وقد بدأ بعض "المتشددين" داخل القيادة الصينية يطالبون بتلبية دعوات الكرملين وإرسال أسلحة إلى الجيش الروسي.

الصين وروسيا.. علاقات غامضة

تشير التطورات الأخيرة إلى أن مستقبل العلاقات الصينية الروسية قد لا يكون باعثًا على التفاؤل كما يعتقد بعض الروس.

فبعد قمة منظمة شنغهاي للتعاون، أعلن بوتين فجأة عن تعبئة جزئية وخطة لإجراء استفتاءات في عدة مناطق من أوكرانيا للانضمام إلى روسيا. ويُظهر هذا بوضوح أن العلاقات الصينية الروسية لم تكن قادرة على تخفيف ضغط الحرب على موسكو. ومع تقدم القوات الأوكرانية في أراض كانت تحتلها روسيا، لم تقدم الصين دعمًا لبوتين وإنما على العكس من ذلك دعت إلى إنهاء الحرب.

ولا شك أن العلاقات بين روسيا والصين ليست عدائية، فهما دولتان كبيرتان وجارتان، والتجربة التاريخية بينت أن التناقض والتنافس بينهما في حقبة الحرب الباردة أضر بمصالحهما الوطنية، لكن الصداقة بين موسكو وبكين لا تعني بالضرورة موافقة الأخيرة على كل ما تفعله روسيا.

وخلال الأشهر السبعة الماضية، تنامت شكوك لدى الصين بشأن الحرب في أوكرانيا، فعلى على سبيل المثال، دعت شبكة التلفزيون الحكومية الصينية CCTV خلال الأسابيع القليلة الأولى من الحرب، العديد من الخبراء الدوليين المشهورين لمناقشة الوضع. وقال الكثيرون بصراحة إن روسيا ستفوز بالتأكيد، لكن هذه الأصوات اختفت مؤخرًا من وسائل الإعلام الصينية المملوكة للدولة.

وتتزايد معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا في أوساط الرأي العام الصيني. وعلى الرغم من أنه من غير الممكن التعبير عن انتقاد صريح لروسيا في وسائل الإعلام الصينية المملوكة للدولة، فقد تزايدت المناقشات حول حرب أوكرانيا على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن السهل رصد نغمة سلبية تجاه روسيا في معظم هذه المناقشات.