الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جيوش الشمس

منى أحمد
منى أحمد

نصر أكتوبر سيظل  حدثا فريدا وعلامة مضئية  في تاريخ كل عربي، ونقطة تحول مفصلية في مسار الصراع العربي الإسرائيلي.

فحرب أكتوبرلم تحطم نظرية التفوق الإسرائيلي فقط، بل أوقفت الأطماع التوسعية وقلصت أحلام إسرائيل في  إقامة دولتهم من النيل للفرات، الأمر الذي دفعهم  لقبول التفاوض السلمي والذي ما كان ليقبله صلف غرورهم قبل حرب أكتوبر.

كان قرار الحرب حتمي لا بديل له أمام الرئيس الراحل أنور السادات، لكسر جمود الموقف الذي أثار استياء الداخل المصري، المُطالب بإلحاح بالثأر من هزيمة 67، فكانت مظاهرات طلبة الجامعات تنطلق يوميا لاسترداد الأرض من العدو الغاصب للأرض.

فكانت القاعدة الشعبية إحدى أدوات الضغط على الرئيس الجديد السادات الذي تطالبه جموع الشعب أن يسير علي درب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي بدأ يدخل في خانانة المقارنات مع الزعيم الخالد في نفوس جموع المصريين.

في الفترة من 67حتي 73 كان وضع الاقتصاد المصري علي المحك  بعد أن تأثر بهزيمة يونيو ، فمع إغلاق قناة السويس 7سنوات والتي كانت تدر عائدا كبيرا علي الخزانة العامة للدولة ، وبانخفاض إيرادات السياحة  وتراجع الصادرات ، وأرتفاع الديون الخارجية لمصر لأكثرمن 5 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث الأولى من السبعينيات، انخفض معدل النمو وتدهورميزان المدفوعات ، وتوقفت خطط التنمية ولم يكن أمام مصر سوى خيار واحد و الحرب.

حالة اللاحرب واللاسلم التي أحدثتها سياسية الوفاق  بين القطيبن العالميين روسيا والولايات المتحدة ، اتجاه قضايا المنطقة العربية كان لا بد من كسرها  وتحريك الموقف ، والاتجاه نحو وضع الجميع علي خطي إيجاد حلول للقضايا المصيرية.

فكان لابد من قرار الحرب من منطلق القوة لتعزيز موقف المفاوض العربي ، كمفاوض سياسي يمتلك أوراق ضغط تمكنه من تحقيق مكاسب سياسية.

وكان قرار الحرب والبداية عسكرية مباغتة لتحريك المياه الراكدة والوصول للهدف سريعا،  فالحسابات دقيقة لا تحتمل اي خطأ، والرئيس السادات عندما أتخذ قرار الحرب كان يعلم علم اليقين متي يبدأ الحرب وعند أي نقطة سيقبل التفاوض.

فقد وضع نصب عينه الوصول لنقطة التفاوض بدعم أممي ، لأنه يدرك جيدا عدم قدرته التسليحية و اللوجستية علي الصمود طويلا أمام العدو ،فبحسابات المنطق لن يتمكن من محاربة الولايات المتحدة ، التي قدمت بالفعل دعم لامحدود  وغير مسبوق لنقل الأسلحة المتطورة لاسرائيل عبر جسر جوي بعد ستة ايام فقط من بدء الحرب ، لتجنب ما وصفه هنري كسينجر بالكارثة وحاولت ان تهيئ لها التفوق العسكري الذي كان يفوق بمراحل قواتنا المسلحة.
لكن كلمة السر كانت للمقاتل المصري والذي راهن عليه الرئيس الراحل السادات، فبعد ستة أيام من الحرب فشل العدو الأسرائيلي في الحفاظ علي مواقعه في مواجهة الجيش المصري العظيم ، وهنا يبدأ فصل جديد في المعركة المصيرية لم يكن فيها أي خيار للأسرائيليين  سوي التسليم والقبول بحتمية التفاوض.

جسارة وتفوق وإيمان المقاتل المصري، كانوا السلاح والعتاد والعنصر الأهم الذي سطر اسم بطل معركة الشمس، فلم تكن كلمة الفصل في نصر اكتوبر لنوع الأسلحة ومستوي تطورها ، أو حتي عنصر المفأجاة بل للجندي المصري صاحب العقيدة القتالية ,الذي أستطاع بعزيمته التفوق علي العدد والعتاد المتقدم للعدو،وكسر هيبته وتحطيم أسطورته. 
نصر من نوع أخر برهنت عليه ملحمة أكتوبر، وهي القوة المؤثرة للردع العربي القادر على إحداث التغيير، فقد كان الدعم والتنسيق العربي للامحدود والدور الذى لعبته الدول العربية المنتجة للبترول اوبك، فى قطع صادراتها للضغط علي الولايات المتحدة والدول الغربية وبلورة  صياغة  جديدة للدور السياسي العربي .

معطيات وضعت العدو وداعميه أمام حقيقة مؤلمة ، وواقع حتم ضرورة اللجوء للتفاوض، ففي حضرة الجيش المصري الباسل  لا توجد أنتصارات مضمونة حتي لو بدعم غربي  وأسلحة امريكية.

ما كان لسيناء وقناة السويس أن تعودا لولا حرب 73، حرب أكتوبر كانت قهرا للمستحيل وهزيمة للأنكسار وإيذانا بعودة الروح وأستعادة الكبرياء،لكل جندي علي جبهة القتال وكل مصري وعربي.

نصر1973كتب تاريخ جديد ،تحية إجلال وأحترام وعرفان لروح كل شهيد مصري وجندي مقاتل  في معركة النصر والعزة.