الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معلومات استخباراتية خطيرة عن إيران والصين.. تحقيق يكشف طبيعة وثائق سرية للغاية عُثر عليها في قصر ترامب

الرئيس الأمريكي السابق
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

لا تزال تنكشف تفاصيل الوثائق السرية التي صادرها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي) بعد مداهمة قصر مار-إيه-لاجو المملوك للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بولاية فلوريدا في أغسطس الماضي.

معلومات سرية عن إيران والصين في وثائق مار-إيه-لاجو

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست الأمريكية عن مصادر مطلعة، أن بعض الوثائق التي استولى عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي من قصر ترامب تضم معلومات سرية حساسة بشأن إيران والصين، ومن شأن إعلانها كشف طرق سرية لجمع المعلومات تبقيها أجهزة المخابرات الأمريكية سرًا، وفضح هويات أشخاص يتعاونون مع تلك الاجهزة، أو حتى دفع خصوم للولايات المتحدة إلى القيام بعمليات انتقامية.

وأوضحت المصادر أن وثيقة واحدة على الأقل تحتوي على تفاصيل عن برنامج إيران النووي، فيما تضم وثائق أخرى معلومات حساسة عن عمليات جمع معلومات تتعلق بالصين.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست في وقت سابق أن إحدى الوثائق التي تم الاستيلاء عليها في مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي تحتوي على تفاصيل الدفاعات العسكرية لدولة أجنبية، بما في ذلك قدراتها النووية، وآنذاك رفضت مصادر مطلعة الإفصاح عما إذا كانت الوثائق المشار إليها تتعلق بإيران أو الصين أو دولة أخرى.

لكن المصادر المطلعة كشفت أن العديد من الوثائق الأكثر حساسية التي أخذها ترامب أو مساعدوه على ما يبدو إلى قصر مار-إيه-لاجو بعد مغادرته البيت الأبيض هي وثائق تحليلية عالية المستوى لا تحتوي على أسماء مصادر معلوماتها، ولكن حتى بدون الكشف عن هويات شخصية يمكن أن توفر مثل هذه المستندات أدلة ثمينة حول كيفية قيام الولايات المتحدة بجمع المعلومات الاستخبارية ومصادرها.

وتحتوي بعض الوثائق التي تم الاستيلاء عليها من قصر ترامب على تفاصيل عمليات أمريكية بالغة السرية تخضع لحراسة مشددة لدرجة أن العديد من كبار مسئولي الأمن القومي لم يتم إبلاغهم بها، لأنها متاحة فقط لاطلاع الرئيس وعدد محدود من مسئولي إدارته، حتى أن المحققين المكلفين بتصنيف الوثائق التي تم الاستيلاء عليها لم تكن لديهم سلطة الاطلاع على ما فيها.

قصة مداهمة قصر ترامب مار-إيه-لاجو

وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي قد داهم قصر ترامب مار-إيه-لاجو في 8 أغسطس الماضي بأمر قضائي، وصادر نحو 13 ألف وثيقة، بينهم 103 وثائق مصنفة سرية، و18 وثيقة مصنفة سرية للغاية.

وكانت الوثائق التي صادرها مكتب التحقيقات الفيدرالي من قصر ترامب، المجموعة الثالثة من وثائق استولى عليها ترامب عند مغادرته البيت الأبيض بعد خسارته الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس جو بايدن عام 2020، وكان قد سلم طواعية في وقت سابق من هذا العام، مجموعة من الوثائق إلى إدارة السجلات والأرشيف الوطني، بينها 184 وثيقة سرية تضم 25 وثيقة سرية للغاية، وفي يونيو الماضي سلم مساعدون لترامب 38 وثيقة سرية أخرى.

وبدأ المسؤولون في الأرشيف الوطني السعي لاستعادة السجلات الحكومية الخاصة بإدارة ترامب العام الماضي، بعد أن اعتقد المسئولون أن بعض السجلات مثل الرسائل الواردة من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون كانت مجهولة المصير، وربما في حوزة ترامب.

وبعد شهور من الشد والجذب، وافق ترامب في يناير الماضي على تسليم 15 صندوقًا من الوثائق. وعندما فحص أمناء الأرشيف هذه الصناديق وجدوا 184 وثيقة تحمل علامة "سري"، بما في ذلك 25 وثيقة سرية للغاية، كانت مبعثرة في جميع الصناديق دون ترتيب معين، وعندما أبلغ مسئولو الأرشيف وزارة العدل، سرعان ما أدركت السلطات أن ترامب لم يسلم جميع الوثائقالسرية التي بحوزته.

واستصدر مسئولو وزارة العدل أوامر استدعاء أمام هيئة محلفين كبرى في مايو الماضي، سعيًا لاسترداد أي وثائق سرية أخرى يكون ترامب محتفظَا بها في قصر مار-إيه-لاجو، والتقى مساعدون لترامب بمسئولين حكوميين وممثلين عن سلطات الادعاء في مار-إيه-لاجو في أوائل يونيو، وسلموا مظروفًا مختومًا يحتوي على 38 وثيقة سرية أخرى، بما في ذلك 17 وثيقة تحمل علامة "سري للغاية".

وتضمن هذا الاجتماع في يونيو إطلاع المحققين على الغرفة التي خُزنت فيها الوثائق في مار-إيه-لاجو، لكن لم يُسمح لهم بتفتيش صناديق الوثائق، وبعد 5 أيام أرسل المسئول بوزارة العدل جاي برات مخاطبة رسمية إلى محامي ترامب أخطرهم فيها أن قصر مار-إيه-لاجو "لا يضم موقعًا مرخصًا لتخزين وثائق سرية"، وأضاف أن وزارة العدل طلبت من السلطات المختصة رسميًا التحفظ على غرفة تخزين الوثائق وجميع محتوياتها.

واستمر المحققون في جمع الأدلة التي تثبت رفض ترامب الامتثال لمطالب السلطات أو الاستجابة لطلبات الاستدعاء، وبحسب مصادر مطلعة، كشف تفريغ محتويات كاميرا تأمين أن صناديق نُقلت من غرفة التخزين بعد صدور أوامر الاستدعاء في مايو، وقال شاهد رئيسي لمكتب التحقيقات الفيدرالي أنه شارك في نقل الصناديق بتعليمات من ترامب.

وبعد استيفاء أدلة كافية، قررت وزارة العدل طلب أمر قضائي لتفتيش قصر مار-إيه-لاجو، وبناء عليه داهم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، قصر ترامب في أغسطس الماضي.

هل يواجه ترامب دعوى قضائية لحيازة وثائق سرية؟

تسلط المعلومات الجديدة التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" حول الوثائق الضوء على تحذير مسئولي المخابرات الأمريكية الحاليون والسابقون، من الخطر الشديد في إخراج مواد شديدة السرية من منشآت حكومية خاضعة لحراسة مشددة، والاحتفاظ بها في نادٍ خاص مليء بالموظفين والضيوف والزوار مثل مار-إيه-لاجو.

وقال ديفيد لوفمان، وهو مسئول كبير سابق في وزارة العدل الأمريكية تعامل مع القضايا التي تنطوي على إساءة استخدام معلومات سرية، إن "الحساسية الاستثنائية" للمواد التي عُثر عليها في قصر ترامب ستُعتبر عاملاً مشددًا للعقوبة إذا فكر المدعون العموم المختصون بالمسألة رفع دعوى قضائية.

وأوضح لوفمان أن "الحساسية الاستثنائية لهذه الوثائق والكشف المتهور عن المصادر والأساليب التي لا تقدر بثمن للقدرات الاستخباراتية الأمريكية فيما يتعلق بهؤلاء الخصوم الأجانب، سيؤثران بالتأكيد على قرار وزارة العدل بشأن ما إذا كان ينبغي توجيه الاتهام إلى ترامب أو غيره بالاحتفاظ المتعمد بمعلومات الدفاع الوطني بموجب قانون مكافحة التجسس".

وأنكر ترامب مرارًا أن يكون قد ارتكب خطأً يستوجب العقاب باحتفاظه بمثل هذه الوثائق، كما يرفض هو ومؤيدوه التحقيق الجنائي ويصفونه بأنه محاولة لتشويه سمعة الرئيس السابق، الذي يظل الشخصية الأكثر نفوذا في الحزب الجمهوري، ويتحدث علنًا ​​عن الترشح في الانتخابات الرئاسية مرة أخرى عام 2024.

وفي لقاء له مع شبكة "فوكس نيوز"، الشهر الماضي، قال ترامب: "ليست هناك حاجة إلى أي إجراءات قانونية أو دعوى قضائية؛ عندما تكون رئيس الولايات المتحدة يمكنك رفع السرية عن أي وثيقة بمجرد أن تريد ذلك. أنت الرئيس وأنت من يقرر".