الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل على الصم والبكم حفظ القرآن والصلاة والصوم؟ دار الإفتاء ترد

حفظ القرآن
حفظ القرآن

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "هل على الصم والبكم حفظ القرآن والصلاة والصوم؟.

وأجابت دار الإفتاء، بأن الصلاةُ والصومُ ركنان من أركان الإسلام، وهما واجبان على كل مسلم بالغ عاقل، والصَّمَمُ والبَكَمُ لا يمنعان من الصلاة والصيام.

أمَّا حفظُ القرآن: فإن كان الأصمُّ والأبكمُ يستطيع حفظ القرآن فله أجره وثوابه، أما إذا كان لا يستطيع فلا شيء عليه. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.
 

وذكرت دار الإفتاء، أن الأبكم في اللغة -وزان أَفْعَل صفة من البكم-: وهو الأخرس الذي لا يتكلّم، والخرس ذهاب الكلام خِلقةً أو عيًّا-أي بسبب المرض-.
وبعض اللغويّين فرَّق بينهما بأنَّ الأخرس الذي خُلِقَ ولا نُطْقَ له، والأبكم: الذي له نطق ولا يَعْقِل الجواب.
وفرَّق آخرون بأنَّ الأبكم الذي يولد أخرس، فكلُّ أبكم أخرس، وليس كل أخرس أبكم، فيكون الأخرس أعمّ مطلقًا من الأبكم.
قال الجوهري: رجل أبكم، وبكيم؛ أي: أخرس بيِّن الخرس.
وقال الأزهري: بين الأبكم والأخرس فرقٌ في كَلامِ العرب؛ فالأخرس: الذي خلق ولا نطق له..، والأبكم: الذي للسانه نطق، وهو لا يعقل الجواب، ولا يحسن وجه الكلام. انظر: "التكملة والذيل" للصغاني (5/ 582).
والأبكم في الاصطلاح الطبي: هو الشخص المصاب بغياب النطق الكلي بسبب وجود خلل في أحد الأعصاب الحسيَّة، أو وجود خللٍ في عضلات الوجه واللسان المسؤولة عن النطق، أو بسبب الإصابة بصدمة نفسية.
وقد عرَّفه الأستاذ الدكتور جمال الخطيب بأنَّه: عدم القدرة على إصدار أي صوت. انظر: "مقدمة في الإعاقة السمعية" للدكتور جمال الخطيب (ص: 86).
وعرفه سمير الدبابنة بأنَّه: عدم القدرة على الكلام، وعدم القدرة على التعبير عن الأفكار الصريحة بكلمات منطوقة، وبشكل عام: عدم القدرة على إصدار الرموز الصوتية. انظر: "نافذة على تعليم الصم" لسمير الدبابنة (ص: 21).
والأصمّ في اللغة: من به صمم، والصمم: فقدان السمع، ويأتي وصفًا للأذن وللشخص، فيقال: رجل أصمُّ، وامرأة صمَّاء، وأذن صمَّاء، والجمع صُمٌّ، وعرفه ابن سيده: بأن الصمم انسداد الأذن وثقل السمع، صَمَّ يَصَمُّ وصَمِمَ بإظهار التضعيف نادر صَمًّا وصَمَمًا وأَصَم. انظر: "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (8/ 277).
أمَّا الصمم من الناحية الطبيَّة: فهو أعلى درجات الإعاقة السمعية، وقد عرفه عبد الرحمن سيد سليمان بأنه: الغياب الجزئي أو الكلي لحاسة السمع، أو هي الحالة التي لا تكون حاسة السمع فيها هي الوسيلة الأساسية التي يتم بها تعلم الكلام واللغة، وتكون معها حاسة السمع مفقودة أو قاصرة بدرجة مفرطة بحيث تعوق الأداء السمعي العادي لدى الفرد. انظر: "معجم الإعاقة السمعية" لعبد الرحمن سيد سليمان (ص19).
ولا يخرج استعمال الفقهاء في المصطلحين عن المعنى اللغوي.
قال السمعاني في "تفسير القرآن" (1/ 53): [الأَصَم، وَهُوَ الَّذِي لَا يسمع، والبُكم: جمع الأبكم، وَهُوَ الَّذِي لَا ينْطق، وَوُلد على الخرس] اهـ.
والإعاقة: إما أن تكون في حواس الإدراك، وهي السمع والبصر، أو في حواس التعبير وهي حاسة الكلام، والأولى تؤثر على أهلية الشخص لتلقي التكاليف والخطابات الشرعية، وهو ما يعرف قانونًا بأهلية الوجوب وهي: صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، أمَّا فقد القدرة على التعبير فإنها تؤثر على الاعتداد بتعبير الشخص عن إرادته، وهو ما يسمى بأهلية الشخص للأداء وهي: صلاحية الشخص للقيام بالتصرفات القانونية بنفسه على وجه يعتد به قانونًا.
والمقرر شرعًا: أن التكليف فرع العلم بخطاب الشارع، وأنَّ الأصل أنَّ معتل الحواس مكلَّف بخطابات الشارع بشرط ألَّا تنعدم الوسيلة لإفهامه هذا الخطاب، أمَّا إذا فقدت الوسيلة إلى إفهامه فإنَّه يُعَدُّ عاجزًا، وشرط التكليف هو الاستطاعة، فهو بهذا ليس أهلًا لتحمل الواجبات إلَّا من خلال قواعد الضمان المقررة بخطاب الوضع، ويخاطَب عنه في ذلك وفي تقبُّل الحقوق بدلًا منه من يُقِيمَه الشرع أو القاضي مقامه كما هو مقرر في أبواب الفقه.
والمراد بِمُعْتَلِّ الحواس عند الفقهاء: هو من به أكثر من إعاقة؛ بحيث يكون تعدد الإعاقة مانعًا له من إدراك ما حوله.