الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسائل الاستعداد للتفاوض.. هل بدأ العد التنازلي لنهاية الحرب في أوكرانيا؟

بوتين وبايدن
بوتين وبايدن

تشهد الحرب الروسية الأوكرانية تطورا لافتا في الآونة الأخيرة، يعكس المساعي الغربية الرامية للتهدئة وخفض التصعيد، ويبدو للمراقبين كتمهيد لبدء مرحلة مفاوضات محتملة قد تفضي لإنهاء النزاع.

ويتمثل هذا التطور في إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن استعداده للتواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستطلاع خططه المستقبلية، وكذلك إجراء المستشار الألماني أولاف شولتس لمكالمة هاتفية مطولة مع بوتين هي الأولى منذ سبتمبر الماضي.

إرادة السلام بين روسيا وأوكرانيا

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" اليوم الجمعة، أن هذه التطورات لا تعني بالضرورة أن محادثات السلام رفيعة المستوى على وشك البدء، وقد أوضح بايدن سابقا أنها لن تتم إلا إذا أبدى بوتين رغبة جادة في إنهاء الحرب وهو ما لم يحدث حتى الآن.

ومن جانبه ينتقد الكرملين عدم احترام واشنطن للسيادة الروسية على الأقاليم التي ضمتها روسيا إلى أراضيها نهاية سبتمبر الماضي، وتسليح الغرب لأوكرانيا الذي يساهم في تشجيع مواقفها المتعنتة بشكل لا يوحي بإمكانية حلحلة الوضع الراهن، ومع دخول الحرب شهرها التاسع واقتراب الشتاء الذي سيزيد الوضع سوءا في أوكرانيا، يلوح في الأفق تساؤل لدى المجتمع الدولي عن موعد بدء المفاوضات بين طرفي النزاع.

وكان رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي مارك مايلي قد أدلى مؤخرا بتصريحات تسببت في موجة من التكهنات بأن مسألة المفاوضات قد تحدث انقساما داخل الإدارة الأمريكية، ومنذ ذلك الحين يؤكد القادة الغربيون على أن الأمر متروك لتقدير القيادة الأوكرانية لتحديد موعد وكيفية التفاوض.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي الخميس الماضي في البيت الأبيض، إنه ينبغي على حلفاء أوكرانيا احترام قرارها بشأن الوقت والظروف الملائمين لها لإطلاق عملية التفاوض، إلا أن هناك مؤشرات على إجماع قادة الغرب على أن وقتها لم يحن بعد، حيث لا يرون أي دليل على وجود رغبة حقيقية لدى موسكو لإجراء مفاوضات.

الاستنزاف والمفاوضات

ويسود اعتقاد لدى الغرب بأن إطالة أمد الصراع قد يؤدي إلى إضعاف روسيا خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع التقدم المطرد الذي تحرزه القوات الأوكرانية على الأرض ومواجهة القوات الروسية لتحديات عديدة، وقد قال أحد كبار الدبلوماسيين الغربيين إن الفرصة غير سانحة الآن لبدء التفاوض، وإن الدور الغربي ينحصر حتى الآن في دعم أوكرانيا عسكريا لتحسين موقفها عندما تحين اللحظة المناسبة له، لكن من الواضح أن قادة الغرب مترددون في تحديد تلك اللحظة.

وفي حال واصلت القوات الأوكرانية استعادة المزيد من الأراضي، سيبرز التساؤل الأهم عن مدى استعداد حلفاءها لدعم أهداف كييف العسكرية، والتي قد تتضمن العودة إلى وضع ما قبل الرابع والعشرين من فبراير الماضي وهو تاريخ بدء الحرب، أو الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك بالعودة إلى ماقبل عام 2014 حين استولت روسيا على شبه جزيرة القرم وأجزاء واسعة من إقليم دونباس.

ولا تزال قنوات الاتصال مفتوحة بين روسيا والغرب بما فيها المحادثات بين البنتاجون ووزارة الدفاع الروسية، وكذلك بين مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز ونظيره الروسي سيرجي ناريشكين، لكن رغم جهود التهدئة لا يزال الوقت مبكرا للحديث عن التوصل إلى حل دبلوماسي نهائي للحرب في أوكرانيا.

روسيا مستعدة للسلام.. بشروط

ومن جانبه أكد بوتين استعداده للانخراط في مفاوضت جادة شريطة اعتراف المجتمع الدولي بأحقية روسيا في الأقاليم الأوكرنية التي ضمتها في سبتمبر الماضي، وحث بوتين شولتز خلال الاتصال الهاتفي الذي جمعه به اليوم الجمعة على إعادة النظر في مواقفه تجاه الوضع في أوكرانيا.

وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قد قال إن روسيا منفتحة على محادثات تراعي مصالحها وأن أوكرانيا هي من ترفض فكرة التفاوض بإيعاز من واشنطن، متحفظا على قول بايدن إن الفرصة ستكون سانحة لإنجاح المفاوضات فقط بعد انسحاب القوات الروسية من أوكرانيا، ومنتقدا الموقف الأمريكي الذي وصفه بأنه يعقد مهمة إيجاد أرضية مشتركة لانطلاق المفاوضات.

ويأتي الموقف الإيطالي متسقا مع التوجه الغربي نحو بدء محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا، حيث قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني في جوار أجرته معه صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية أمس الجمعة إن قرار الجلوس إلى مائدة المفاوضات ينبغي أن يتخذ في كييف على أساس تأكيد استقلال ووحدة أراضيها لا استسلامها، مطالبا روسيا بإبداء المرونة الكافية تجاه هذه الشروط بدلا من قصف الشعب الأوكراني.

وتشير التقديرات المعلنة لأعداد الضحايا من الجانبين الروسي والأوكراني إلى وقوع ما يقرب من مائة ألف جندي روسي ومائة ألف جندي أوكراني مابين قتيل وجريح، فيما قدرت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين عدد الضحايا من المدنيين الأوكرانين بأكثر من مائتي ألف قتيل منذ بداية الحرب.