الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد نبيـل يكتب: حرقة .. مشاهدات من مهرجان البحر الأحمر السينمائي

فيلم حرقة
فيلم حرقة

حلقة جديدة من سلسلة ممتدة تتعلق بتراجع جودة الأفلام المصرية مؤخرا، فبعدما عجزت لجنة اختيار الفيلم المصري بالأوسكار في الوصول لاسم مناسب، وفضلت عدم المشاركة، سجلت مصر حضورًا باهتًا في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بدورته الثانية، صحيح لدينا ممثلة في لجنة التحكيم الرسمية وهي نيللي كريم، ومكرمة أضافت لحفل الافتتاح وهي يسرا، ولكن غياب فيلم "القاهرة - مكة" عن المسابقة الرسمية، وسحبه من المهرجان قبل ساعات من انطلاقه، ألقى الكثير من علامات الاستفهام حول تضمينه لملاحظات الرقابة، يجاهد منتجه محمد حفظي للتخلص منها في المونتاج حتى يبعث فيلمه الجديد.

ورغم ذلك، نجح البحر الأحمر وللعالم الثاني في تمرير عرض أفلامه كاملة، دون حذف أو تشويه، ورصدت العالم الماضي شكر المخرجة روجينا بسالي لمدير البرامج العربية والكلاسيكية أنطوان خليفة بعد عرض فيلمها كاملا، لقد كانت قلقة فيما يبدو من قطع مشهد محدد، والعام الحالي يقدم المهرجان أيضا أفلامه للجمهور كما تم صنعها تماما دون اجتزاء.

"المهرجان لديه سياسة رقابة صفرية .. ولا أعتقد أنه يمكنك إقامة مهرجان سينمائي دولي إذا كنت ستخضع للرقابة".. هكذا صرح محمد التركي الرئيس التنفيذي مؤسس مهرجان البحر الأحمر، لوسائل إعلام غربية حول عمل الرقابة مع أفلام المهرجان.

على مستوى التنظيم شهد البحر الأحمر تغيرات حقيقية تختلف عما تم تقديمه في الدورة التأسيسية التي أقيمت في جدة القديمة، مع عدد ضيوف يفوق الرقم ١٥٠٠، كان لابد أن تبذل الإدارة مزيدا من الجهد لخروج كل الفعاليات بشكل مُرضٍ، عروض الأفلام، الندوات، ترتيبات عمل الصحافة، وحتى سوق المهرجان على مستوى منافسة مشاريع الأفلام، أو حضور الشركات في الأجنحة المخصصة لها لإنجازها عمليات ترويج مُرضية.

هيئة الأفلام السعودية

الاهتمام بالمواهب السعودية وتقديم الدعم لها على مستوى توفير فرص الإنتاج والتدريب لا يمكن إغفاله، ومع إطلاق برنامج ضوء من قبل هيئة الأفلام السعودية تضاف مساحة رحبة جديدة للأصوات الصاعدة سواء من السعوديين أو مواليد المملكة، على مستوى الأفلام الطويلة أو القصيرة، وحتى الرسوم المتحركة.

 

حرقة.. صرخة في وجه القهر

قدم المخرج المصري الأصل لطفي ناثان واحدًا من أقوى أفلام المهرجان بالمسابقة الرسمية وهو حرقة، أول أفلامه الروائية الطويلة، قادما من قسم “نظرة ما” في الدورة الماضية من مهرجان كان السينمائي الدولي، بعد أن لقى إشادة مستحقة من الجمهور والنقاد على حد سواء.

الفيلم شديد التميز على عدة مستويات، وأبرزها تصوير الشارع التونسي بشكل حقيقي، وعنصر التمثيل لبطله أدم بيسة، الذي عبر بشكل متصاعد عن حالة العجز، اليأس، الوهن، ومن ثم ذروة الغضب، شاب بسيط يحاول النجاة بنفسه وعائلته بعد أن ضاقت به السبل، ليصور مخرج الفيلم بجرأة مدى التغيرات السياسية والاقتصادية التي أصابت تونس بعد الثورة، وانعكاسها على أطياف متنوعة من الشعب.

 

وبجرأة، انتقد المخرج السلطة، ووضع المجتمع التونسي في مواجهة شفافة تجاه ما يدور حول التفرقة الطبقية، والفساد الأمنى، وغيرها من الأفكار التي اعتادت السينما التونسية على الحديث عنها خلال السنوات العشر الماضية، ولكن هذه المرة في صورة محاكاة قاسية لواقعة حرق محمد بو عزيزي نفسه أمام مقر البلدية بالعاصمة تونس.

لقد أشعل البطل النار في جسده اعتراضا على ما يحدث، ولكن المارة تابعوا حركتهم ولم يلاحظوه، هكذا أراد المخرج أن يصبح بطله غير مرئي، فقد عاش كذلك، لا يكترث أحد لوجوده.

وفي الأغلب لن يغيب حرقة عن حفل توزيع جوائز الدورة الثانية من مهرجان البحر الأحمر السينمائي مساء الغد، وتنتظره جولة طويلة في المهرجانات السينمائية ودور العرض حول العالم.