قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

شخصيات من التاريخ: سيبويه.. "إمام النحاة"


• ألّف كتاباً واحداً ولم يضع له عنواناً أو مقدمة أو خاتمة
• سيبويه هو شهرته.. وكانت أمه تناديه به في الصغر فعرف به كبيراً
• الخليل بن أحمد أكثر من أثّر فيه.. وروى عنه في الكتاب 522 مرة

ربما يعرفه الجميع ولا يختلف على علمه الغزير اثنان، فهو المؤسس الحقيقي لقواعد النحو في اللغة العربية، هو العالم العربي الكبير سيبويه.
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، وسيبويه هذا هو لقبه الذي اشتهر به حتى غطى على اسمه الحقيقي وكنيته، حيث كانت أمه تحب أن تراقصه به وتدلّله في الصغر، وهي كلمة فارسية مركبة وتعني «رائحة التفاح»، وهو إمام النحاة الذي إليه ينتهون، وعَلَم النحو الشامخ الذي إليه يتطلعون، وصاحب كتاب العربية الأشهر ودستورها الخالد.
فارسي الأصل ولد في عام «140هـ الموافق 756 م» تقريباً على أرجح الأقوال في مدينة البيضاء ببلاد فارس، وهي أكبر مدينة في اصطخر على بعد ثمانية فراسخ من شيراز.
كان سيبويه وقتها ما زال فتى صغيراً يتلقى في ربوع البصرة -وجهة العلم آنذاك- وكذلك كان يتلقى علوم الفقه والحديث، وذات يوم ذهب إلى شيخه حماد البصري ليتلقى منه الحديث ويستملي منه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء…»، ولكن سيبويه لقدر قدره الله له، يقرأ الحديث على هذا النحو: «ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبو الدرداء …»، فصاح به شيخه حماد: لَحنت يا سيبويه، إنما هذا استثناء، فقال سيبويه: والله لأطلبن علماً لا يلحنني معه أحد.. ثم مضى ولزم الخليل وغيره. ومن هنا كانت البداية.
كان سيبويه لا يتصور بفطرته النقية أن يمتد الشر مدنساً في محراب العلم ومجالس العلماء، فحزن حزناً شديدًا وقرر وقتها أن يرحل عن هذا المكان إلى أي مكان آخر ليس فيه حقد ولا أضغان، فقرر الرحيل إلى خراسان. وكأنما كان يسير إلى نهايته، فقد أصابه المرض في طريق خراسان، ولقي ربه وهو ما زال في ريعان الشباب، لم يتجاوز عمره الأربعين، وذلك سنة «180هـ الموافق 796م» على أرجح الأقوال.
حرص كل العلماء والباحثين والمصنفين على أن يضعوا أسماء لمؤلفاتهم ومصنفاتهم وكتبهم، إلا أن الوضع هنا يختلف بشكل تام، فسيبويه لم يضع لكتابه اسمًا أو حتى مقدمة أو خاتمة، ومن هنا يبقى السؤال قائماً.. لماذا لم يضع سيبويه عنواناً لكتابه أو مقدمة أو خاتمة؟
اجتمع العلماء على أن أغلب الظن أن القدر لم يمهله ليفعل ذلك، فمات سيبويه في ريعان شبابه، قبل أن يخرج الكتاب إلى النور، فأخرجه تلميذه أبوالحسن الأخفش إلى الوجود دون اسم، عرفاناً بفضل أستاذه وعلمه وخدمةً للغة القرآن التي عاش من أجلها أستاذه، فأطلق عليه العلماء اسم «الكتاب»، فإذا ذكر «الكتاب» مجرداً من أي وصف فإنما يقصد به كتاب سيبويه. ويمثل هذا الكتاب خزانة للكتب، احتواها بالقوة في ضميره وتمخض عنها الزمن بالفعل من بعد وفاة سيبويه، فإذا الأئمة كلهم تلاميذ في مدرسته، وإذا المؤلفون جميعاً لا يجدون إلا أن يناقشوه ويفسروه ويعلقوا عليه ويصوبوه ويخطّئوه، ولكنهم مع ذلك يسبحون في فلكه، حتى أصبح هو المصدر الفريد لعلمي النحو والصرف بالإضافة إلى علم الأصوات.
كثيراً ما نسمع شعراء تونس وهم يندبون حظهم، ويتهمون أبا القاسم الشابي بأنه حكم عليهم بالإعدام، لأنه ما ذكر الشعر التونسي إلا وذُكر أبو القاسم الشابي فقط، ولكن يبدو أن هذا الاتهام وُجه أيضاً إلى سيبويه، فيقول عضو من أعضاء المجمع اللغوي «قد كان من سوء حظ النحو العربي أن جاء سيبويه في وقت مبكر جداً لا يتجاوز النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، إذ نتج عن تفوقه وشدة إعجاب النحاة به أن أصيب التفكير النحوي بشلل، ودار الجميع في فلك سيبويه، ولم يطوروا بالقدر الكافي، ويكفي دليلاً على ما كان لعمل سيبويه من سحر وإغراء إطلاقهم على كتابه اسم (قرآن النحو)».