الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معنى ادخار الدعاء في الآخرة.. واحذر من 5 أخطاء تحرمك من الاستجابة

الدعاء
الدعاء

ما معنى ادخار الدعاء في الآخرة ؟  قبول الله تعالى لدعوة من دعاه، وإجابته لما طلب، على أنواع: إما تعجل له دعوته بخصوصها، أو أن يصرف عنه من السوء بمثلها، أو يدَّخر ذلك له أجراً وثواباً يوم القيامة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ؟ قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ».

 

والحديث السابق فيه دليل على أنه لا بد من إجابة الدعاء على إحدى هذه الأوجه الثلاثة، فكل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة: فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه، والحديث صريح في أن من أنواع الإجابة أن يدخر له الدعاء في الآخرة، وليس بالضرورة أن تكون إجابة الدعاء في الآخرة بأن يعطيه فيها عين ما سأل في الدنيا، أو أن يفرج عنه من كرب القيامة، فقد يعطيه الله أحسن من ذلك، والله تعالى واسع العطاء كريم لا يعجزه شيء.

 

وذكر علماء الحديث معنى ادخار الدعاء له في الآخرة، وبينوا وجوه الإجابة فيها، منها:

«إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ» أَيْ: بِخُصُوصِهَا، أَوْ مِنْ جِنْسِهَا فِي الدُّنْيَا فِي وَقْتٍ أَرَادَهُ إِنْ قَدَّرَ وُقُوعَهَا فِي الدُّنْيَا.

(وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا ): أَيْ: تِلْكَ الْمَطْلُوبَةَ. أَوْ مِثْلَهَا. أَوْ أَحْسَنَ مِنْهَا.

أَوْ ثَوَابَهَا وَبَدَّلَهَا لَهُ: أَيْ: لِلدَّاعِي فِي الْآخِرَةِ أَيْ: إِنْ لَمْ يُقَدِّرْ وُقُوعَهَا فِي الدُّنْيَا. 

كما جاء في بعض الروايات أن من الإجابة تكفير الذنوب، ففي لفظ للحديث عند الترمذي: «وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا».

 

وقال الحافظ بن حجر في كتاب «الفتح»: «اعْلَمْ أَنَّ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِ لَا يُرَدُّ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرَ الْإِجَابَةِ، أَوْ يُعَوَّضُ بِمَا هُوَ أَوْلَى لَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا».

 

وورد في كتاب تحفة الأحوذي بيان معنى ادخار الدعاء أن الْإِجَابَة عَلَى أَنْوَاعٍ:
مِنْهَا: تَحْصِيلُ عَيْنِ الْمَطْلُوبِ فِي الْوَقْتِ الْمَطْلُوبِ.
وَمِنْهَا: وُجُودُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِحِكْمَةٍ اقْتَضَتْ تَأْخِيرَهُ.
وَمِنْهَا: دَفْعُ شَرٍّ بَدَلَهُ، أَوْ إِعْطَاءُ خَيْرٍ آخَرَ خَيْرٍ مِنْ مَطْلُوبِهِ.
وَمِنْهَا: ادِّخَارُهُ لِيَوْمٍ يَكُونُ أَحْوَجَ إِلَى ثَوَابِهِ.
وَمِنْهَا: تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ بِقَدْرِ مَا دَعَا.

 

أسباب عدم استجابة الدعاء 

 

هناك أسباب لـ عدم استجابة الدعاء، وهي:
أولا: أكل الحرام ومن أسباب عدم الاستجابة أكل الحرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51]، وَقَالَ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ» [البقرة:172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» (رواه مسلم).

 

ثانياً: سؤال الله عز وجل ما لا يجوز من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يكون فيه اعتداء، وهو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله، كأن يدعو بإثم أو محرم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ» رواه مسلم.

 

ثالثاً: غفلة القلب ومن أسباب عدم استجابة الدعاء استيلاء الغفلة على القلب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ»، رواه الترمذي.

 

رابعاً: من أسباب عدم استجابة الدعاء أن العبد لم يأخذ بالأسباب، كأن يطلب النجاح من غير دراسة، أو الرزق من غير عمل، أو النصر من غير إعداد العدة، أو الشفاء من غير علاج، كما في قصة الفقيه الإمام عامر الشعبِي رحمه الله عندما مرَّ بإبِل قد فشا فيها الجَرَبُ، فقال لصاحبها: أما تداوي إبلك؟ فقال: إن لنا عجوزًا نتَّكِلُ على دعائِها، فقال: "اجعل مع دعَائِهَا شيئًا مِنَ القَطِرَانِ". والقطران: يداوي جَرَب الإبل.


خامساً: استعجال الإجابة من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يستعجل العبد الإجابة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي» رواه البخاري ومسلم.

 

كيف يستجاب الدعاء بسرعة

إذا أردت أن يستجاب الدعاء بسرعة فعليك بفعل آداب الدعاء وأسباب الإجابة:

 1- الإخلاص لله.

 2- أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بذلك. 

3- الجزم في الدعاء واليقين بالإجابة.

 4- الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال.

 5- حضور القلب في الدعاء. 

6- الدعاء في الرخاء والشدة. 

7- لا يسأل إلا الله وحده.

 8- عدم الدعاء على الأهل، والمال، والولد، والنفس. 

9- خفض الصوت بالدعاء بين المخافتة والجهر. 

10- الاعتراف بالذنب والاستغفار منه والاعتراف بالنعمة وشكر الله عليها. 

11- عدم تكلف السجع في الدعاء. 

12- التضرع والخشوع والرغبة والرهبة.

 13- رد المظالم مع التوبة. 

14- الدعاء ثلاثًا.

15- استقبال القبلة. 

16- رفع الأيدي في الدعاء. 

17- الوضوء قبل الدعاء إن تيسر. 

18- أن لا يعتدي في الدعاء.

 19- أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره «قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بنفسه بالدعاء وثبت أيضًا أنه لم يبدأ بنفسه كدعائه لأنس، وابن عباس، وأم إسماعيل، وغيرهم».

 

20- أن يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أو بعمل صالح قام به الداعي نفسه، أو بدعاء رجل صالح حي حاضر له.

 21- أن يكون المطعم والمشرب والملبس من حلال.

 22- لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم.

 23- أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. 

24- الابتعاد عن جميع المعاصي.
 

 

الدعاء 

 

فضل الدعاء وفوائده


إن للدعاء أهمية كبيرة، وفضائل عظيمة، وفوائد كثيرة، ومن هذه الفضائل والفوائد:

- الدعاء طاعة لله -عزّ وجلّ-، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ»، فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأحياه.

- الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي.

- الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى.

- سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور.

- سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه.

- دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعينًا بالله، مفوضًا أمره إليه.

- السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزًا عن الدعاء.

 

 

الدعاء المستجاب

 

 

استجابة الدعاء بسرعة

وعد الله - تعالى- عباده بإجابة الدعاء، ولكن هذه الإجابة لها أسباب، وقد تؤخَّر إجابة الدعاء لحكمة بالغة، فإما أن تستجاب الدعوة في الدنيا، أو أن أنها تؤخر إلى الآخرة، أو أن الله يصرف عن العبد فيها شرًا، فالله -حكيم عليم- بما يقدره؛ و لكى يستجاب دعاء الانسان يجب عليه أولًا الأخد بأسباب الإجابة الواردة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة:

- تحرّي الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وشهر رمضان، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة.

- استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة.

- حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها.

- العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل.

- الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل.

- حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي.

- الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء.

- التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله.

 آداب استجابة الدعاء
بعد أخذ الإنسان بالأسباب السابق ذكرها لاستجابة الدعاء؛ يوجد عدد من الآداب التى يستحب له المحافظة عليها لكى يكون دعاؤه مستجابًا- بإذن الله تعالى- وهى :

- البدء بحمد الله والصلاة على رسوله - صلّى الله عليه وسلّم-، والختم بذلك، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ».

- الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله.

- عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك.

- إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: «ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين ».

- التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال.

- الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء.

-التوسّل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح.

- الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء.

- عدم تكلف السجع في الدعاء.

- الدعاء ثلاثًا، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء، والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسرًا على الداعي.

- من خشية الله تعالى، وإظهار الافتقار إلى الله، والشكوى إليه.