قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حكم تربية العصافير وأسماك الزينة .. هل يجوز التجارة فيها؟ علي جمعة يجيب

أسماك الزينة
أسماك الزينة

حكم تربية العصافير وأسماك الزينة .. هل يجوز التجارة فيها؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف والمفتي السابق.

حكم تربية العصافير وأسماك الزينة .. هل يجوز التجارة فيها؟

وقال علي جمعة، إن هناك كلام كثير في تربية العصافير أو الأسماك للزينة أو لغيرها، ولكن ملخص كل هذا الكلام في أن هذه الأسماك، أو الطيور المتخذة للزينة، أو لسماع أصواتها إذا حبسها الإنسان، وأطعمها، وسقاها، ولم يهنها، ولم يؤثر عليها تأثيرًا وحشيًا؛ يعني: أكرمها فلا مانع من ذلك أبدًا.

وتابع: وإنما المانع أن يؤذي هذه العصافير أو الأسماك بأن يمنع عنها الطعام أو يضربها أو كذا؛ لأن الرفق بالحيوان واجب، والحديث معروف: "عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعًا، فدخلت فيها النار، قال: فقال – والله أعلم – لا هي أطعمتها، ولا سقتها حين حبستها، ولا هي أرسلتها فأكلت من خشاش الأرض".

وشدد علي جمعة أن النبي ﷺ مر على بعض الناس، فوجد صبيا صغيرًا يلعب بعصفور اسمه النغا أو النغير، والرسول يبسط مع هذا الولد، وقال: "ما فعل النغير يا أبا عمير"، المهم إذا لم يؤذ الإنسان هذه الحيوانات أو الطيور، وقام بالواجب نحوها من الرحمة فلا مانع من ذلك؛ لأنها من الحلالات التي خلقها الله سبحانه وتعالى للزينة أو للأكل أو لكذا، فما دام لا يوجد ضرر فلا مانع أبدًا.

حكم بيع الهرة

وفي جواب سائل يقول: اشتريت قطة من قطط الزينة باهظة الثمن لأقوم بتربيتها، وهذا منذ فترة، وأريد الآن أن أبيعها لشدة انشغالي وعدم قدرتي على الاعتناء بها جيدًا، لكن بعض أصدقائي المتدينين أخبرني بأن هناك نهيًا شرعيًّا عن بيع القطط، وأن أخذ ثمنها حرام، ونصحني بأن أعطيها هدية لمن يمكنه الاعتناء بها، فهل هذا هو الحكم الشرعي الصحيح في مثل هذه الحالة؟، أجاب دار الإفتاء.

قال الله عز وجل: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]؛ فبين سبحانه وتعالى أن جنس البيع حلال، قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 356، ط. دار الشعب): [قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ هذا من عموم القرآن، والألف واللام للجنس لا للعهد؛ إذ لم يتقدم بيع مذكور يرجع إليه] اهـ.

وأوضحت أن هذه الحِلِّية تنسحب على كل أنواع البيوع إلا ما نصَّ الشرع على حرمته واستثناه من حكم الأصل؛ وذلك كالبيوع المشتملة على الربا أو غيره من المحرمات، يقول الإمام الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 339، ط. دار الكلم الطيب، بيروت): [﴿وَأَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الربا﴾ أي: أن الله أحلّ البيع، وحرّم نوعًا من أنواعه، وهو البيع المشتمل على الربا] اهـ.

وتابعت: يؤيد أصالة الحل في البيوع قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم﴾ [النساء: 29]. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتاب "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اهـ.

ولفتت إلى أن البيع في اللغة هو: مبادلة شيء بشيء على وجه المعاوضة، وفي الشرع: مبادلة مال بمال على وجه مخصوص، أو هو: عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد، لا على وجه القربة. انظر: "أسنى المطالب" (2/ 2، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"حاشية قليوبي وعميرة على شرح المحلي" (2/ 152، ط. عيسى الحلبي).

ومما يشترط في صحة عقد البيع أن تتوفر في المبيع شرائط خمسة، وهي: أن يكون المبيع معلومًا، طاهرًا، منتفعًا به، مملوكًا للعاقد، مقدورًا على تسليمه -انظر: "الوجيز بشرحه فتح العزيز" (8/ 112، ط. دار الفكر)-، فلا بد أن يكون المبيع مما ينتفع به حسًّا وشرعًا، وبيع ما لا نفع فيه يكون بيعًا باطلًا سواء لم تكن فيه منفعة أصلًا أو كانت فيه منفعة لكن غير معتبرة شرعًا؛ لأنه حينئذ لا يعتبر مالًا، وذلك كما أسقط الشرع مالية الخمر وإن كان يمكن الانتفاع بها ببعض الصور إلا أن أضرارها لما كانت أكثر من منافعها سقطت ماليتها؛ قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: 219].

وأكدت أن الأصل في الحيوانات الطاهرة المنتفع بها هو جواز اقتنائها والانتفاع بها وتداولها بعقود البيع والشراء ونحوها؛ وذلك لكونها بعضًا مما سخره الله تعالى لمنفعة الإنسان وخدمته وتنعمه؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: 20]، وقال سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 13].

وبينت أن الانتفاع بالحيوان كما يكون بالأكل والحلب والركوب وحراثة الأرض، يكون أيضًا بجمال صوته كما في البلابل، وبجمال صورته ولونه كما في الطواويس، فالتنعم بمثل هذا يُعدُّ من الأمور التحسينية المباحة، فهو ضرب من الانتفاع بنعم الله سبحانه وتعالى وباب لتدبر جليل آياته في إبداع الخلق وإتقان الصنع؛ قال تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ۞ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ [السجدة: 6-7]، وقال سبحانه: ﴿صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 88].

واستدلت بما جاء في آيات القرآن الكريم ما يدل على جواز اقتناء الحيوانات وغيرها بقصد الانتفاع بحسنها والتحلي بها؛ طلبًا لإدخال السرور على النفس، قال تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 8]، وقال جل شأنه: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [النحل: 14].