الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رُب ضارة نافعة .. هكذا استفادت صناعة الطائرات في روسيا بالعقوبات الغربية

روسيا
روسيا

"دائما يكون من قلب المحنة منحة .. ورب ضارة نافعة" .. هذا ما ينطبق على وضع عدد من الشركات الروسية، ومنها شركة صناعة الطائرات، والتي استفادت من العقوبات الغربية على روسيا، حيث ساعد ذلك في انتعاش تلك الصناعة بشكل ملحوظ على مدار العام منذ بدء العقوبات، وذلك بعد أن كانت تلك الشركات قد شارفت على الإفلاس.

وفي تعبير عن هذا الوضع، قالت الصناعة الروسية جملة تعبر عن مدى انتعاش مبيعاتها، حيث كتبت "إنس أمر إيرباص وبوينج"، وذلك مع انتعاش طائرات توبوليف 214، والتي تنتجها الشركة الروسية، حيث أصبحت هي البديلة للشركات الغربية، وليس فقط في الطائرات، ولكن في قطع غيار الطائرات.

الروس يحتفلون: "لقد نسيت بالفعل إيرباص وبوينج"

ترى صناعة الطيران الروسية مزايا في العقوبات، حيث يؤدي التبديل إلى طائرات مثل Tupolev Tu-214 إلى تعزيز مهاراتك الخاصة، فمنذ العقوبات الغربية، لم يعد هناك قطع غيار ولا صيانة ولا طائرات جديدة من الغرب، وهو ما أضر في البدابة بصناعة الطيران الروسية بشدة، ولكن روسيا تحاول أن تصنع إنجاز بدافع الضرورة، وهي الآن تقلب الطاولة على صورتها الخارجية دون مزيد من اللغط.

"لا عقوبات بدون شيء جيد"، هكذا أعلنت شركة Rostec التابعة للدولة الروسية، والتي تجمع أيضًا تحت سقفها حيازة UAC لجميع مصنعي الطائرات الروس، وتجادل بأن العقوبات ستضمن أن صناعة الطائرات المحلية تتلقى الطلبات بالكميات التي تحتاجها، وهذا يؤدي إلى تقنيات جديدة ، وتحديث الإنتاج وترقية الموظفين الشباب.

هكذا طورنا قطع الغيار الروسية بالإجبار

كما قلب سيرجي تشيميزوف، رئيس شركة روستيك، الطاولة في سبتمبر الماضي عندما قال إن الطائرات الغربية لن يتم إحضارها إلى روسيا مرة أخرى، فهم غادروا السوق الروسية، وتابع: "شركتي إيرباص وبوينغ هما علامتان تجاريتان نسيناهما بالفعل".

وأوضح سيرجي، أنه الخطوة الأولى كانت هي استخدام Irkut MS-21 و Superjet 100، ومع ذلك، تم أيضًا تثبيت العديد من المكونات الغربية في الآلات. تحقيقا لهذه الغاية، ولكن مع الوقت تم تطوير قطع الغيار الروسية، وتوفير عناصر استبدال للاستيراد بسرعة، وكان هذا التحدي هو الدفاع لتطوير صناعتنا، وقمنا بتوفير جميع الطلبات.

سبحان مغير الأحوال ... من نموذج فاشل إلى رواج تجاري

وسبحان مغير الأحوال، فوفق ما ذكره تقرير صحيفة "فوكس" الألمانية، فقد كانت الحاجة لتلبية توفير الطائرات مفعول السحر في تغير أحوال الشركة الروسية، فقد كانت طائرة Rostec نموذجًا معروفًا ولكنه غير ناجح تجاريًا، ولكن الآن يعد نموذج Tupolev Tu-214. هي الآن واحدة من الشركات الرائدة في صناعة الطيران الروسية، فوفقًا لشركة Rostec ، فهي "طائرة محلية بحتة ذات خصائص عالية الأداء تلبي جميع متطلبات النقل الجوي الحديث".

ويذكر أن طائرة Tu-214  قد دخلت السوق في عام 2000، كإصدار حديث من طراز Tu-204 بوزن إقلاع ونطاق أعلى، وقد تم بناء ما مجموعه أقل من 30 نسخة بقليل فقط، والتي لم تطير في المقام الأول مع شركات الطيران، ولكن الواقع الآن تغير بكثير بعد العقوبات الغربية.

رواج خارج روسيا

والمفاجأة كانت رواج الطائرات الروسية خارج روسيا، فرغم أن النموذج  يعتبر قديمًا من الناحية التكنولوجية - ويرجع ذلك جزئيًا إلى قمرة القيادة المكونة من ثلاثة رجال ومحركات PS-90A الروسية، وكذلك تبتلع وقودًا أكثر بنسبة 10 في المائة من المحركات الغربية، ولكن Tu-214 لديها أيضًا ميزة الآن.

ووفقا لما ذكره خبراء الشركة، فإن تلك الميزة تأتي لأنه يتم تثبيت الحد الأدنى فقط من المكونات الغربية فيه، وبعد فرض العقوبات، زادت الطلبات على الطائرات، حيث طلبت شركة إيروفلوت 40 طائرة ومن المتوقع أن تحصل على الأولى في عام 2024، وتريد Rostec بناء حوالي 70 وحدة بحلول عام 2030.

سياسة التكيف شعار بوتين

وكان شعار التكيف هو استراتيجية بوتن منذ التخطيط للحرب على أوكرانيا، حيث اتجهت روسيا نحو الداخل، وقطع العلاقات مع بقية العالم، كما اتجهت نحو نموذج اقتصادي مشابه للنموذج الذي تبنته إيران، حيث تعتمد الشرعية السياسية على تزويد المواطنين بالأساسيات بدلاً من تحفيز النمو التحويلي، وبحسب التقرير كانت الحكومة الروسية أفضل استعدادًا لتحمل العقوبات مما توقعه كثيرون في الغرب.

ومنذ بداية الحرب، قام صندوق النقد الدولي بمراجعة توقعاته الاقتصادية لروسيا مرتين، وتوقع انخفاضا بنسبة 3.5% في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، على غرار توقعات الحكومة، وهذا التراجع الضئيل يتناقض بشكل حاد مع الانهيار المكون من رقمين للناتج الاقتصادي الفنزويلي بعد موجة العقوبات الأميركية في عام 2019، وهو لم يحدث للاقتصاد الروسي، ويعد هذا إنجاز دفع رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين إلى القول: "لم تدمر العقوبات مرونة النظام المالي الروسي، ولم تؤثر على استقرار الاقتصاد الكلي".

عائدات واحتياطيات كبيرة

ويعود هذا الصمود أساسا، إلى مزيج من عائدات النفط المرتفعة واحتياطيات كبيرة من العملات وفريق من الخبراء الاقتصاديين لدى بوتين حيث ساهمت بتخفيف الضربة مما أدى إلى إحباط بعض القادة الغربيين الذين كانوا يأملون في أن تكون للعقوبات تأثير أكبر الآن.

لكن الخبراء قالوا إن خسارة الاستثمار والتكنولوجيا والمهارات التي سببتها العقوبات من المرجح أن يتردد صداها عبر الأجيال ولسنوات طويلة، مما يحرم العديد من الروس من فرصة تحقيق مستقبل اقتصادي أفضل، ولكن الشركات الحكومية الروسية والحكومة تعهدت باستبدال الإنتاج المفقود بعلامات تجارية محلية، وهو ما تم في عدد من الصناعات.

بيلاروسيا تشكر الغرب على فرض عقوبات 

وعلى خطى روسيا، قدم رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، الشكر إلى الولايات المتحدة والغرب الجماعي على العقوبات، وذلك خلال احتفال تسليم معدات بيلاروسية إلى قيادة زيمبابوي اليوم الثلاثاء، وأضاف لوكاشينكو، الموجود في زيارة لهذه الدولة الإفريقية: "قبل كل شيء، أود أن أشكر الأمريكيين والعالم الغربي بأسره على فرض عقوبات علينا.. ولولا ذلك لكانت تقف هنا في هذا الحقل الضخم، الجرارات الأمريكية والألمانية وليس الجرارات البيلاروسية".

وتم خلال زيارة رئيس بيلاروسيا إلى زيمبابو، التوقيع على حزمة من الوثائق حول التعاون، ومن بينها اتفاقيات حول التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، وحول إنشاء لجنة دائمة مشتركة للتعاون، وتم إبرام مذكرة حول الاعتراف المتبادل بوثائق التعليم. تم التوقيع على اتفاقية حكومية مشتركة لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي بخصوص الضرائب على الدخل والممتلكات،ووفقا لوكالة "بيلتا".

وكذلك تم التوقيع على عقود مع حكومة زيمبابوي، لتوريد الجرارات البيلاروسية ومعدات حصاد الحبوب، وكذلك لتوريد المعدات البيلاروسية لبناء وتحديث مجمعات تخزين الحبوب. تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال توريد الآلات والمعدات البيلاروسية لصناعة الأخشاب في زيمبابوي.

ويشار إلى أن العلاقات بين بيلاروسيا والدول الغربية تدهورت بشكل حاد بعد الانتخابات الرئاسية البيلاروسية في عام 2020 ، والتي أثارت احتجاجات جماهيرية غير مصرح بها من جانب السلطات، وفرضت الدول الغربية، عقوبات على المسؤولين والشركات والمؤسسات في بيلاروسيا، واتهمت مينسك بارتكاب انتهاكات انتخابية وانتهاكات لحقوق الإنسان. وبعد بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وزادت الدول الغربية في ضغط عقوباتها على بيلاروسيا.