الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من المستفيد من كره موسكو ؟!

عمر الأحمد
عمر الأحمد

كنت في أحد المجالس الكريمة بأبوظبي، وكان بجانبي الدكتور شهاب الدين حسينوف نائب مفتي جمهورية داغستان، وهي إحدى الجمهوريات ذات الأغلبية الإسلامية في روسيا الاتحادية، كان الدكتور حسينوف يتحدث بشكل عام عن داغستان وكيف وصل إليها الإسلام سنة 22 هجرية، وعن حال أهلها الكرام. 

وما أن انتهى من حديثه حتى فاجأته بسؤال كان نتاج "لحظة سرحان" منذ أن قال إن بلاده ضمن الاتحاد الفيدرالي الروسي، "كيف هي علاقة الكرملين بالجمهوريات الإسلامية والمسلمين عامة في روسيا ؟"، بدت علامات الاستغراب على ملامحه من سؤالي، وأجاب باقتضاب : "ممتازة". 

ثم بررت له سؤالي بسؤال آخر "إذا ما حقيقة ما ينشر عن اضطهاد روسيا للمسلمين؟! ابتسم الدكتور حسينوف وقال : "كذبة روج لها المتطرفون" وسمى دول معينة.. فقلت له هناك من يروج لهذه الكذبة، وهناك مستفيد منها!

بداية وقبل التعليق على هذا الحوار، أوضح أنني لست ميالا لروسيا على حساب الغرب، والعكس صحيح، ولست مع طرف ضد آخر في الحرب الروسية-الأوكرانية. 

كل ما في الأمر أنني أبحث عن الحقيقة، وكسائر البشر، لا أحب الكذب والضحك على الذقون، وها هو مسؤول مسلم من داغستان يوضح الحقيقة التي يحاول البعض إخفائها ونشر عكسها لتضليل الرأي العام في العالم الإسلامي. وتساءلت في قرارة نفسي "من المستفيد من نشر أكذوبة اضطهاد روسيا للمسلمين ؟!" وهنا أعود لمن يقول أن "الجماعات المتطرفة ولدت برعاية غربية".

حكى حسينوف قصة قصيرة إلا أن دلالاتها كبيرة، مفادها أن مفتي داغستان أحمد حاج أفندي عبداللاييف، كان في إحدى زياراته للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مبنى الكرملين، وقبل مغادرة عبداللاييف سأله الرئيس بوتين إن كان هناك ما يحتاجه المسلمون في داغستان، فأجابه عبداللايف بطلب وحيد وهو استكمال بناء الجامع الكبير في العاصمة الداغستانية محج قلعة، وعلى الفور أجرى بوتين اتصالا لأحد أثرى المسلمين في داغستان للمساهمة في استكمال بناء الجامع، وبالفعل تم ذلك. وأكد حسينوف من خلال هذه القصة وغيرها، على الاحترام الكبير الذي يكنه الرئيس الروسي للمسلمين في روسيا عموما. ونفى ما يسمى بـ "اضطهاد المسلمين".

وبالعودة إلى المحاولات الحثيثة لتضليل الرأي العام لدى المسلمين، تذكرت المساعي الغربية لصنع صورة نمطية معينة عن روسيا عموما وعن الرئيس الروسي خصوصا، سواء في أفلامهم الهوليوودية، أو في نشرهم لأخبار معينة هدفها هز صورة فلاديمير بوتين وأعوانه، هي مساعي لتجييش الرأي العام العالمي ضد روسيا، وما الأزمة الأوكرانية إلا خير مثال في مساعي لرسم صورة الظالم المستبد والمحتل، وفي تصوير أوكرانيا على أنها المظلومة التي تكمن جل أمنياتها في الحرية واستعادة كرامتها. وبغضّ النظر عن الوجه الحقيقي لهذه الحرب وكينونة الظالم والمظلوم، إلا أن البروباغندا الغربية أصبحت مكشوفة حتى وإن كان لها مريدين كُثر.

تقاطع خيوط البروباغندا الغربية مع نظيرتها الجهادية المتطرفة، يثير التساؤلات عن المُعلم والملهم المشترك بينهما، في استخدام الوسائل المتاحة لتجييش المسلمين ضد موسكو. بالطبع كانت هناك تحركات للجيش الروسي في الأراضي الإسلامية بروسيا، سواء في إقليم القوقاز أو غيره، إلا أن الهدف يكمن في محاربة الإرهاب وليس المسلمين. 

وهناك أدلة وشواهد عديدة على استقرار الأوضاع الأمنية في الأراضي الإسلامية في روسيا الاتحادية وتطهيرها من الإرهابيين، وعيش المسلمين بهدوء وسلام، منها جمهورية الشيشان التي يرأسها رمضان قديروف والذي هو أيضا واجه حملة إعلامية لتشويه صورته أما العالم الإسلامي، وقد يعود السبب في ذلك إلى علاقته القوية بموسكو.

لست في موضع دفاع عن أحد، أو تبرير فعل أو تمجيد شخص، إلا أن الخيوط المتداخلة والمتقاطعة، بالإضافة إلى شهادة الدكتور حسينوف التي دحضت الادعاءات الكاذبة، جعلتني أتسائل عن المستفيد الأكبر من صنع حالة كره تجاه موسكو.