الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب المسجد النبوي: شريعة الإسلام فيها حسن الثواب وعافية الأبدان وعظيم الجزاء

خطيب المسجد النبوي
خطيب المسجد النبوي

قال الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن من فضل الله تعالى على عباده وإحسانه إليهم أن شرع لهم من الدين ما به حسن الثواب لهم، وعظم جزائهم، وزكاء نفوسهم، وعافية أبدانهم، ألا وإن من أجل الشرائع التي فرضها العليم الحكيم على عباده فريضة الصيام.

به حسن الثواب

واستشهد “ المهنا” خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، بما قال تعالى ذكره: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فهذه الآية العظيمة نداء من الرحمن لأهل الإيمان، ينبههم إلى جلالة هذه الفريضة من وجوه كثيرة منها: أن الله تعالى فرض هذه العبادة على جميع الأمم من قبلنا، وفي ذلك حض على لزومها، وتنويه بفضلها وشرفها.

وتابع: وإيماء إلى كثرة الخير في أدائها، وإبانة عن محبة الله لها ولأهلها، ولذلك فرضها على جميع عباده لينالوا من بركاتها وأجورها، ومن وجوه جلالة هذه الفريضة أن الله تعالى جعل التقوى علة لفرض الصيام على عباده وتقواه، لما كان الصيام سبيلًا إلى التقوى فرضه الله على عباده أولهم وآخرهم.

يلوح للعبد

وأوضح أنه من ذلك يلوح للعبد اليقظ عظم شأن هذه العبادة التي جعلها الحكيم سبحانه أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، ثم رتب عليها من الأجور ما دل على حبه لها، واختصاص أهلها في الدنيا والآخرة بفضائل تحدهم إلى الفرح بها وتحثهم على المزيد منها.

واستند لما قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ).

وأشار إلى أنه ما أولى العبد المحسن لنفسه وأحقَّه بأن يصون عبادته عما يبطلها أو ينقص ثوابها كما يوفي أجرها ويذوق حلاوتها ويحصّل مقاصدها، وإن أصّون الناس لصيامه أحفظهم للسانه، وأشغلهم بطاعة ربه، وأتركهم لما لا يعنيه، من أجل ذلك قال الرؤوف بأمته صلى الله عليه وسلم: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب).

لم يرد من الصائم

ودلل كذلك بما قال : (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)، منوهًا بأن في هذا الحديث دلالة ظاهرة على أن الله تعالى لم يرد من الصائم مجرد الامتناع عما أباح الله لعباده من الطعام والشراب والنكاح، وإنما أراد منه أن يدع كل قول محرم مائل عن الحق كشهادة الزور والكذب والغيبة والنميمة.

وأضاف: وكل عمل داخل في الزور كالغش في البيع والمعاملات، والنظر الحرام، وكل جهل وهو السفه، كالشتم والقذف وفاحش القول ورديئه، فمن ترك ذلك كله وهو صائم فقد تحقق بمراد الله من فرض الصيام، وظفر بمنافعه، فصار تقيًا زكي النفس، وتحركت جوارحه إلى ما يحبه الله، وانقادت نفسه نحو مراضيه سبحانه، فذاق طعم العبادة وأنس بها، واستلذ بفعلها.