الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

40 جلدة أم 80 .. هل حدد القرآن الكريم عقوبة شارب الخمر؟

عقوبة شارب الخمر
عقوبة شارب الخمر

أثبت القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، أن شرب الخمر حرام شرعاً وكبيرة من كبائر الذنوب، التي حذرنا منها الشرع في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (المائدة: 90)، وفي سنن أبي داود (3189) عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ قال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ».

 

ولكن هناك سؤال مهم لدى البعض هل حدد القرآن الكريم عقوبة أو وضع حدًا لشارب الخمر؟ وللإجابة عن هذا السؤال نؤكد أن القرآن الكريم حرم شرب الخمر وأمرنا بالابتعاد عنه، أما السنة النبوية فهي التي ذكرت عقوبة شارب الخمر، ومن المعلوم أن المصدر الأول للتشريع هو القرآن الكريم، والمصدر الثاني هو السنة النبوية المطهرة، ولو اعتمدنا أن القرآن وحده هو مصدر التشريع ولا مصدر سواه، لضاع ثلاثة أرباع الدين، فمثلاً: الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين وهو: الصلاة، فمن المعلوم أن الصلاة ثابتة بالقرآن الكريم، لكن لا آية واحدة في طول القرآن وعرضه يتبين منها المسلم كيفية الصلوات الخمس، ولا عدد ركعاتها وسجداتها ولا هيئاتها من أول تكبيرة الإحرام إلى التسليم من التشهد الأخير، وأن هذه التفاصيل لا يمكن تبيُّنها ومعرفتها إلا من السنة النبوية التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، فإذاً حد شارب الخمر ثابث في السنة النبوية، وأما عقوبة شاربها في الدنيا فهي الْجَلْدُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِما رواه مُسْلِمٍ ( 3281 ) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ».

 

عقوبة شارب الخمر 

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أُُتي برجل قد شرب الخمر فضربه أربعين، ففي ‏صحيح مسلم «أن علياً رضي الله عنه أمر عبد الله بن جعفر أن يجلد الوليد بن عقبة فجلده ‏وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد، النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، ‏وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانيين، وكل سنة وهذا أحب إلي». وفي مسلم أيضاً عن أنس «‏أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين».‏


واتفق الفقهاء على وجوب حد شارب الخمر، وعلى أن حده الجلد، ولكنهم مختلفون في ‏مقداره، فذهب الأحناف ومالك إلى أنه ثمانون، وذهب الشافعي إلى أنه أربعون، وعن ‏أحمد روايتان، قال في المغني: وفيه روايتان إحداهما أنه ثمانون، وبهذا قال مالك والثوري ‏وأبو حنيفة ومن تبعهم، لاجماع الصحابة فإنه روي أن عمر استشار الناس في حد الخمر ‏فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعله كأخف الحدود ثمانين- فضرب عمر ثمانين وكتب به ‏إلى خالد وأبي عبيدة بالشام.

حد شارب الخمر


وعلق الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، خلال حواره مع الإعلامي أحمد موسى، ببرنامج "على مسئوليتى"، المُذاع عبر فضائية "صدى البلد"، على عقوبة شرب الخمر، قائلا: "هناك جرائم وضع الشارع لها عقوبة منصوص عليها وهناك جرائم أخرى لم يضع الشارع لها عقوبة مخصوصة".

وأضاف علي جمعة: "الجرائم التي لم يضع الشارع لها عقوبة مخصوصة يقوم القاضي بالتعزير فيها على مرتكب الجريمة بما يراه"، متابعاً: "فيما يتعلق بالخمر هناك أحاديث بأن النبي ضرب فيها 40 جلدة"، مؤكدًا: "ما تم ذكره حول شارب الخمر ليس هناك به إنكار لحد من حدود الله".

وتابع: "سيدنا علي قال أرى أن من سكر هذى ومن هذى سب ومن قذف يجلد 80 جلدة"، موضحا أن سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- رأى أن شارب الخمر يجلد 80 جلدة.

 

youtube

 

 

مراحل تحريم الخمر

 شرب الخمر حرام شرعًا، ويدمر الفرد والأسرة والمجتمع والعالم كله، ويؤثر على الحالة النفسية والجسدية للجسم بشكل كامل، والإسلام جاء بمنهج قويم ليعالج ظاهرة شرب الخمر المتفشية في الجاهلية، والشريعة الإسلامية حرمت الخمر على 3 مراحل، فظلت 15 عامًا حتى يستجيب المسلمون لأمر الله تعالى، ولخمر كانت كشرب الماء في الجاهلية.


وأولى مراحل تحريم الخمر كانت من النبي صلى الله عليه وسلم عندما حرمها على نفسه قبل بعثته الشريفة، والمرحلة الثانية للتحريم كانت الآيات القرآنية: كقوله تعالى:- «وَمِنْ ثَمَرَات النَّخِيل وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا» وهذه الآية لم تأت بالتحريم القطعي لشرب الخمر.
 

و القرآن الكريم يبن لنا منافع وأضرار الخمر في قوله تعالى: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ»، وهذه الآيات جاءت لبيان النفع والضرر من شرب الخمر وليس لتحريمها.


والإسلام أراد التضيق -بعد ذلك- على المسلمين في شرب الخمر، كما في قوله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ»


والصحابة رضي الله عنهم دعوا بأن يُبيّن الله لهم في الخمر بيانًا شافيًا إما بالتحريم أو بالإباحة، فذهب سيدنا عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال يا رسول الله بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا فنزل قول الله تعالى:-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ»، فكانت هذه الآيات هي المرحلة الثالثة لتحريم الخمر.