الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما معنى قوله تعالى: "وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَه"؟.. علي جمعة يجيب

علي جمعة
علي جمعة

بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء المقصود بقول الله سبحانه وتعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ}، وهل هناك فرق بين تقلب القلوب وتقلب الأفئدة؟

تقلب القلوب والأفئدة

حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} إذًا فهناك ما يسمى بالقلب، وهناك ما يسمى بالفؤاد، وكلمة القلب في اللغة العربية سميت بذلك لأن القلب له أحوال ؛ فهو يتقلب في هذه الأحوال ، وقال الشاعر:
وما سُمي القلب إلا أنه يتقلب  *  وما أول ناسٍ إلا أول الناس. 

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: فأول من نسي سيدنا آدم، إذن القلب يتقلب في الأحوال، ولذلك يقول سيدنا ﷺ : «إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» إذًا تقلُّب القلب بين الأحوال هو من أمر الله؛ فالله سبحانه وتعالى هو الذي يُثبِّت القلوب على حال، أو يقلبها بين حالٍ وحال؛ فكله بيد الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء؛ فإذا كان القلب في حالة الثبات على الخير فإنه يسمى فؤادًا.

وأضاف علي جمعة: إذن القلب يتقلب بين الأحوال؛ بين الخير والشر، بين العلو والنقصان، والإيمان يزيد وينقص؛ فإذا كان في حالة العلو، وكان في حالة الوضوح، وكان في حالة الثبات فإنه يكون "فؤادًا" ، ولكن الإنسان يجب عليه وينبغي ألا يأمن مكر الله، وعلى ذلك فلابد عليه أن يراقب نفسه، وأن يكون دائم المراقبة حتى لا يذل، ولا يخطئ، ولا يتدهور حاله مع الله سبحانه وتعالى دون أن يشعر، لأنه ممكن أن يستدرج، وتتدهور حاله دون أن يشعر، قال تعالى في شأن هؤلاء: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.

وأردف علي جمعة: إذًا فالإنسان العاقل يكون خصيم نفسه، ويكون متدبرًا في هذه الحال، ويخشى أن يستدرج، فإذا الإنسان ترك نفسه للمعاصي يُستدرج، ويتدهور، وتجده يرتكب المعاصي وهو ينكرها أولًا، ثم يألفها ثانيًا فلا ينكرها، ويفعل المعصية دون نكير لا يجد في قلبه حرجًا من فعله، ثم بعد ذلك يتدهور حاله مع الله سبحانه وتعالى فيستحلها.

الأول يبررها لنفسه بقول :"كل الناس تفعل ذلك"، وبعد ذلك يستحلها، ثم يستحسنها -في البداية كانت حلال ثم أصبحت هي الصح- ، ثم يُخطِّئ ضدها -المعصية التي يفعلها هي الصح، وغيرها هي الخطأ - ، إذًا هذا استدراج؛ في الأول فعلها وهو متوجس خيفة، وفي الثاني فعلها من غير توجس، وفي الثالث فعلها وهو مستحلها.

وفي الرابع فعلها وهو مستحسنٌ لها، هل لازال قلب ذلك الإنسان على حالة الفؤاد أم أنه قد خرج عن حالة الفؤاد إلى حالةٍ أخرى ؟ يبدو أنه قد قُلب ، إذًا حالة الفؤاد قد تكون هي الحالة العليا؛ الصافية؛ الوافية؛ الكافية، ثم أنه انقلب على عقبيه، فإذا انقلب القلب لا يؤدي وظيفته ، فأصبح هناك كبر ؛ هذا الكبر يمنعه من أداء وظيفته، فلا تستطيع أن تضع فيه شئ ولا تستفيد منه فيما صُنع له؛ فالله يصف حال هؤلاء ويقول: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} فما معنى هذا؟

أولًا: أنهم كانوا على حالة الفؤاد وهي حالةٌ خيِّرة.

ثانيًا: إن الله سبحانه وتعالى قد استدرجهم فأخرج الفؤاد من حالته.

ثالثًا: وقَلَبه؛ فينتج من القلب تعطيل الوظيفة، الفؤاد الذي كان محلًا لنظر الله، ولتنزل الرحمات من عند الله أُغلق، قُلِبَ وبذلك ذهبت وظيفته؛ وظيفة التلقي، وظيفة الشفافية، وظيفة البصيرة، وظيفة الرؤية السليمة الربانية الإلهية التي يرضى عنها ربنا سبحانه وتعالى.