الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سامح الدهشان يكتب: رحلة الوعي.. أنا والخِزْعَة ! (3)

سامح الدهشان
سامح الدهشان

أتاني صوت موظفة الاستقبال عبر الهاتف بلغة عربية واضحة: معك مستشفى ال … تقدر تمر اليوم لاستلام الخِزْعة (تقصد عينة الورم الذي تمَّ استئصالها بالمنظار) من المعمل بالدور الرابع، أجبت في استسلام: حاضر.

منذ بداية الأزمة، وأنا راضٍ ومتماسك ومسلم الأمور كلها لله، ولكن هذا الموقف أعتبره اختبارًا وتحديًا منفردًا أن أمسك بجزء مني أعتبره خانني واستسلم للمرض، سريعًا بدلت ملابسي، ووجدت نفسي أمام مقود السيارة عند باب المستشفى، لم يلفت انتباهي صوت آلات تنبيه السيارات التي تصرخ لتُنبهني أني أقف في منطقة ممنوع الوقوف فيها! ما هي إلا ثوانٍ وانتبهت لصوت زوجتي، سامح أنت واقف في الممنوع.

بحثت عن موقف شاغر دسست فيه سيارتي، وكل حواسي تستعد لاستلام جزء من جسمي (عينة السرطان)، وأمام الطبيبة وقعت بالاستلام، وأمسكت بالعلبة مكتوبًا عليها بياناتي، وبدأت أنفاسي تتسارع، ودقات قلبي تعلو في لحظة انفعالية لا أعرف لها سببًا، هل يشتاق جسدي لقطعة مفقودة منه! أم أنه يرفضه!! دقائق وحملت العينة ونزلت إلى سيارتي لأذهب للمستشفى الذي سأتلقى فيه العلاج، وأسلم الخِزْعة إلى مثواها الأخير، دقائق مرت كالدهر تفصل هذا المستشفى عن ذاك.

وضعت الصندوق فوق قدمي كطفل رضيع، لا أدري هل أنا ساخط على هذا الجزء أم مُشفق عليه، وظلت أردد: يا شافي.. يا شافي.. يا شافي، وصلت إلى مركز السلطان قابوس لعلاج الأورام والسرطان، وذهبت لتسليم الخزعة للقسم المختص، وقبل أن أوقع الأوراق نظرت إلى الصندوق، وقلت لهذا الجزء المهزوم: لا تحزن كلي لا زال يُقاتل حتى ولو استسلم بعضي، مهما قل حجمك أو زاد، سأقاتل حتى النهاية، وأنا راضٍ عن ربي وعن أهلي هنا وهناك، راضٍ عن نفسي، وغلبتني تلك الدمعة؛ لتسقط فوق الأوراق وأحسست بالخجل؛ وكأن كل من حولي سمع صوت ارتطامها بالأوراق.

وللرحلة بقية ....