الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد سنوات إهمال .. مسجد الظاهر بيبرس يصدح بالصلاة عقب قرنين انقطاع

مسجد الظاهر بيبرس
مسجد الظاهر بيبرس

تزخر مصر بالعديد من المساجد التاريخية ذات الطابع الإسلامي الفريد، يحكي كل مسجد منها قصة حضارة وثقافة عريقة وفريدة، تفوح كل مئذنة وقبة من قباب مساجد مصر بعبق الماضي الأصيل وهي تأخذك برونقها لتعيش التاريخ والحضارة المتأصلة في كل زاوية من مساجدها. 

ومن بين هذه المساجد التاريخية مسجد الظاهر بيبرس، والذي يعد من أكبر المساجد الجامعة في مصر، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام  665 هجريًا، وتعود تسمية هذا المسجد إلى منشئه السلطان الظاهر بيبرس البندقداري المؤسس الفعلي للدولة المملوكية البحرية، ورابع السلاطين المماليك.

 

مسجد الظاهر بيبرس 

 

يقع المسجد الذي يعود لعصر المماليك البحرية بحي الظاهر في القاهرة، ويعد من أهم مساجدها، حيث يحتوي على صحن واسع مكشوف محاط بأربعة إيوانات، وقبة تعلو محرابه، ويبلغ طول الجامع 106 أمتار، وعرضه 103 أمتار، محاطًا بسور  وله أربعة أبواب. ويتميز مسجد الظاهر بيبرس بطابع إسلامي تجلت فيه العمارة المملوكية الفريدة بزخارفها الأنيقة وألوانها الزاهية ومرونة تشكيل الرخام الذي كان يكسو جدرانه ببراعة تسر الناظرين.

 

تاريخ من الإهمال 

ومع مرور السنين؛ تعرض المسجد للعديد من ألوان الإهمال والتخريب، ففي عهد الفرنسيين تحول إلى قلعة وثكنات عسكرية، وتحول بعد ذلك إلى معسكر ومخبز في عصر محمد علي، ثم بعد ذلك صار مصنعًا للصابون، وفي عام 1882  اتخذه جيش الاحتلال الإنجليزي مخبزًا ثم مكانا للقتل. 

ترك المسجد في حالةٍ رثة فبُليت أجزائه وطُمست معالمه، إلى أن تسلمت لجنة حفظ الآثار المسجد عام 1918؛ فاصلحت بعض أجزائه ورممتها، لكنه ظل مطموس المعالم، واندثرت فيه العمارة المملوكية البارزة. 

ترميم وإحياء المسجد 

 

ولبث الحياة في المسجد من جديد؛ كلفت الحكومة المصرية إحدى شركات المقاولات بترميمه وإعادة إحيائة، تحت إشراف ودعم وزارتي السياحة والآثار والأوقاف، حيث  كانت ساحته مليئة بالحشائش الكثيفة لوجود المياه الجوفية، بالإضافة إلى وجود اتساخات و مونة إسمنتية على الحوائط الحجرية الداخلية، مع فقد وتآكل في الآيات القرآنية والزخارف والشبابيك القصية، كما كانت هناك ميول وشروخ وشقوق وفقد لأكتاف الطوب.

 

الترميم المعماري 

اشتمل الترميم المعماري للمسجد على تكسير القواعد الخرسانية المستحدثة، وأعمال الحفر والإحلال، وحقن الحوائط والقبة، وإنشاء شبكة تثبيت منسوب المياه الجوفية، وأعمال تنظيف وتطهير الصهريج، وتوريد وتركيب الأعمدة الرخامية، وتنظيف الخندق الخارجي للمسجد، وتركيب الأرضيات الرخامية، وصرف المطر بالخندق الخارجي وكذلك أعمال الكهرباء والعزل الأخرى. 

ولم يكن ترميم مسجد بتلك الحالة فضلاً عن مساحته الشاسعة مهمة سهلة، حيث واجه القائمون على أعمال ترميم المسجد تحديات كبيرة؛ لانجاز المهمة دون إيقاف إقامة شعائر الصلوات فيه طوال مدة تنفيذ الأعمال.  

براعة فنية 

تجلت البراعة الفنية في أعمال الزخارف وإظهار طابع الحضارة المملوكية للمسجد؛ حيث تم العمل في هذا الجزء بدقة وبراعة فنية فائقة، واشتملت هذه الأعمال على أعمال دهانات الأسقف الخشبية، إضافة إلى حقن وتثبيت الأجزاء الضعيفة للشريط القرآني واستكماله بإيوان القبلة والقندلية القصية، وترميم النصوص التأسيسية بالمداخل الثلاثة والقبة، أعمال ترميم واستكمال الشبابيك الآثرية الخارجية، ليخرج مسجد الظاهر بيبرس في حلته المتميزة التي كان عليها وقت إنشائه قبل 800 عام، في صورةٍ تدعو إلى الفخر لاستعادة أثر إسلامي مهم من آثار مصر، وإعادة بيت من بيوت الله تعالى ليذكر فيها اسمه.