الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القمة الروسية الأفريقية.. إعادة تشكيل خريطة القارة وتطلعات نحو شراكة متوازنة

القمة الروسية الأفريقية
القمة الروسية الأفريقية

القمة الروسية الأفريقية الأولى أولت اهتماما بمواصلة تعزيز الاتصالات والتنسيق بين روسيا والأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من بين الدول الإفريقية بهدف تعزيز المصالح المشتركة.

القمة الروسية الأفريقية 2

وتعقد القمة الروسية الأفريقية الثانية والمنتدى الاقتصادي الروسي الأفريقي 27 يوليو الجاري بمدينة سانت بطرسبورج الروسية، حيث عقدت القمة الأولى في أكتوبر 2019 في سوتشي تحت شعار "من أجل السلام والأمن والتنمية.

ويتضمن برنامج القمة الروسية الأفريقية الثانية أكثر من 30 جلسة نقاشية وفعاليات حول أهم قضايا التعاون بين روسيا والدول الإفريقية والتي ترتكز على محاور رئيسية وهي محور الاقتصاد العالمي الجديد، والذي يتناول مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة والعلوم والتكنولوجيا والطاقة النووية والفضاء، والمحور الاجتماعي والإنساني لحياه أفضل والذي يتناول التعاون في مجال التعليم العالي ونقل أفضل الخبرات التعليمية في مجال التعليم عن بعد والتعليم المهني ودور المرأة في التنمية المستدامة والتقدم الاجتماعي ودور الرياضة في الصداقة بين روسيا وإفريقيا.

ويناقش محور الاقتصاد العالمي الجديد آفاق تعزيز الأعمال التجارية في إفريقيا لرجال الأعمال الروس ودراسة مخاطر وظروف السوق والفرص المتاحة في ضوء النمو السريع لإفريقيا التي تبرز كمنطقة تحمل الآمال لحدوث انتعاش اقتصادي عالمي وأن الشركات الروسية تنفذ بالفعل عددا كبيرا من المشروعات الرائدة التي تسهم في التنمية المستدامة للمنطقة الإفريقية.

أهداف القمة وتطلعات القارة

وتسعى روسيا إلى دعم التعاون مع الدول الإفريقية في المجال الزراعي حيث تحتل مكانة مميزة بين أفضل 20 دولة رائدة في هذا المجال ووفرت المنتجات الزراعية إلى ما يقرب من 160 دولة وتجاوزت صادراتها الزراعية 41 مليار دولار مؤكدة وجود إمكانيات كبيرة لتطوير البنية التحتية للنقل في إفريقيا لزيادة التجارة وتنفيذ مشروعات زراعية مشتركة.

ويعد نصيب روسيا في التجارة الخارجية مع الدول الإفريقية يزيد قليلا عن 2 في المائة مما لا يعكس الإمكانيات الكاملة للتعاون الثنائي، حيث إن القمة الروسية الأفريقية ستبحث آفاق زيادة التجارة الثنائية في ضوء التحديات الجديدة التي ظهرت في أعقاب وباء كوفيد -19 في عام 2019، حيث أن المنتدي سيناقش المعايير الجديدة للشراكة بين الشركات الصغيرة الروسية والأفريقية والتعاون متبادل المنفعة التي يمكن أن تصبح مصدرا للدخل وأسواق جديدة للسلع والخدمات، فضلا عن المساهمة في تنمية الاقتصاد الإفريقي وخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة لسكان القارة.

وتستعد الشركات الروسية لنقل التكنولوجيا الزراعية الحديثة إلى إفريقيا بهدف تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر حيث أن القارة الإفريقية تعد أكثر منطقة تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم حيث يوجد 278 مليون شخص في إفريقيا يعانون من الجوع المزمع أي 20 في المائة من سكان القارة ووجود آفاق كبيرة للتعاون بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الاقتصادي وإفريقيا في ضوء أن القارة اليوم تعد واحدة من المراكز الناشئة للتنمية العالمية وضرورة تحديد مجالات الأولوية للتعاون بين الجانبين والتعرف على تأثير التكامل الاقتصادي على الهيكل الحالي للاقتصاد العالمي وتحديد الخطوات لإيجاد رؤية مشتركة لمستقبل بناء التكامل في منطقة الأوراسي وإفريقيا.

ويناقش المنتدى سبل تعزيز التعاون في مجال الطاقة في إفريقيا التي تعتبر واحدة من أسرع أسواق الطاقة نموا في العالم وتولي روسيا اهتماما كبيرا بدعم الدول الإفريقية لتحقيق الهدف السابع للتنمية المستدامة للأمم المتحدة وهو ضمان وصول الجميع إلى مصادر الطاقة الحديثة والموثوقة والمستدامة والميسورة التكلفة وأن شركات الطاقة الروسية تنفذ عددا من المشروعات الطموحة في القارة بمجالي الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية، وأهمية دعم التعاون في مجال اللوجستيات التي تلعب دورا مهما في تعزيز التجارة بين روسيا والدول الإفريقية حيث أصبح إقامة نظام مسار لوجستي بين روسيا وإفريقيا يكون عمليا ومفيدا لجميع الأطراف المعنية يشكل قضية أكثر إلحاحا في السنوات الأخيرة في ظل التحديات المرتبطة بوباء كوفيد -19 وإعادة التشكيل العالمي لتدفقات الصادرات والواردات.

الإرهاب والجرائم العابرة 

ويناقش المنتدى أيضا  مجال التحول الرقمي العالمي والاعتماد المتزايد على تكنولوجيا الاتصالات التي أدت إلى دفع أمن المعلومات في موقع الصدارة وضرورة تعاون المجتمع الدولي للتصدي التهديدات من الإرهاب والجرائم العابرة للحدود واستخدام الطائرات بدون طيار لأغراض غير قانونية إلى نشاط الإنترنت غير القانوني، وكذلك البحث عن التعاون في العلوم والتكنولوجيا والتعاون الفعال في مجال الرعاية الصحية حيث يشمل الأدوية والابتكار والتكنولوجيا في سياق التحول الحالي ويمكن للجهود الموحدة في تطوير سياسة الرعاية الصحية والأدوية من جانب روسيا وإفريقيا أن تكون بمثابة وسيلة مستدامة أساس الشراكة متبادلة المنفعة.

وتعزيز مجال التعليم العالي بين روسيا والدول الإفريقية ومشاركة الجامعات الروسية الرائدة في مشروعات تعليمية مشتركة وكذلك الاهتمام بدعم التعليم المهني وتنفيذ مبادرات في مجال التعليم وجذب الطلاب للدراسة في الجامعات الروسية فضلا عن فرص التعاون في مجالي الثقافة والفنون ودعم الروابط الثقافية بين روسيا والدول الإفريقية ودور الصناعات الإبداعية كمحرك مهم للنمو.

وكذلك تسليط الضوء على دور المرأة في روسيا وأفريقيا من أجل التنمية المستدامة والتقدم الاجتماعي وتنفيذ الرؤية الحالية للتنمية في إفريقيا وأجندة 2063 للاتحاد الأفريقي خاصة وأن التنمية في إفريقيا ستعتمد في الخمسين عاما المقبلة على تمكين المرأة وأن المرأة في روسيا وإفريقيا تلعب دورا نشطا في مجال الأعمال.

من جانبه قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن القمة الروسية الأفريقية مرتب لها من قبل الجانب الروسي جيدا، في إطار عدة أهداف، أولها مناكفة السياسية الأمريكية في مناطق تموضعها في مناطق مختلفة من العالم، وكما هو معروف يوجد فيلق جنوبي تابع للقيادة الأمريكية، والروس يسجلون حضورا مبهرا الآن في مناطق متعددة، سواء كان في السودان وليبيا وسوريا، كما يبحثون عن موضع قدم في الخليج.

وأضاف فهمي، أن القمة تأتي أيضا في إطار محاولة التنسيق مع الصين في إفريقيا، والروس يتحركون من خلال أذرع متعددة مثل شركات الأمن، ويقدومون وجها جديدا من الدبلوماسية الهادئة، سواء أمنية أو استراتيجية.

وتابع: القمة تأتي أيضا في ظل شروط حلف الناتو القوية لدفع روسيا إلى الهاوية، ومحاصرة وتطويق موسكو في مناطق متعدد من العالم، و الروس يحاولون الدخول في لعبة مقايضة سياسية مع الولايات المتحدة والصين، وتخفيف العقوبات المفروضة على موسكو بشكل أو بآخر، وهناك أهداف متعلقة بتطبيق عالم متعدد الأقطاب، لمواجهة ما يجري، وسط السيولة السياسيىة التي يعيشها العالم.

وكان اتفق الجانبان في ختام القمة الروسية الأفريقية الأولى على إقامة منتدى شراكة روسية - إفريقية، لتنسيق تطوير العلاقات الروسية الإفريقية، وجعل قمة روسيا - إفريقيا كهيئة عليا لها تنعقد مرة كل ثلاث سنوات، فضلا عن عقد مشاورات سياسية سنوية بين وزراء خارجية روسيا والدول الإفريقية التي تتولى الرئاسة الحالية والسابقة والمستقبلة للاتحاد الإفريقي في الفترة بين انعقاد القمم.. وقد تم التوقيع على مجموعة كبيرة من الاتفاقيات في ختام القمة بلغت قيمتها تريليون روبل.

وذكر تقرير لسفارة روسيا بالقاهرة اليوم السبت، أن البيان الختامي للقمة الأولى أكد أهمية التعاون الوثيق في تنفيذ أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتأكد من أن الأمم المتحدة تلعب دورًا نشطًا في الشؤون الدولية، ولا سيما في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وتنسيق الجهود لإصلاح الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن، وكذلك دعم قدرتها على مواجهة التحديات والتهديدات العالمية القائمة والجديدة.

وشدد البيان الختامي للقمة الأولى على أهمية تعزيز الحوكمة العالمية والنظر في إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مع مراعاة الحقائق الجيوسياسية، بهدف جعله هيئة أكثر تمثيلا من خلال ضمان مشاركة أكبر للدول الإفريقية، مشيرا إلى ضرورة إجراء مشاورات منتظمة بين البعثة الدائمة لروسيا والبعثات الدائمة للدول الإفريقية لدى الأمم المتحدة.