الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انفراجة محتملة.. عودة روسيا لاتفاقية تصدير الحبوب مجرد وقت| هل تنجح الوساطة؟

انسحاب روسيا من اتفاقية
انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب

لا حديث يعلو في العالم خلال الفترة الماضية، عن انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر المتوسط، منتصف الشهر الماضي، مما كان له تأثير سلبي على أسعار الحبوب والقمح عالميا، وحذرت الأمم المتحدة وعدد من الدول من أزمة طاحنة قد تعاني منها بعض الدول خاصة الإفريقية، جراء الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب.

وفي هذا الصدد، أعلن الكرملين، الشهر الماضي، استحالة العودة إلى اتفاق الحبوب مع أوكرانيا في الوقت الحالي.

وساطة تركية لاستئناف اتفاقية الحبوب

ووفقا لوكالة "رويترز"، قال المتحدث باسم الكرملين، الثلاثاء الموافق 25 يوليو، إنه من المستحيل على روسيا العودة إلى صفقة تصدير الحبوب في البحر الأسود في الوقت الحالي، حيث "لم يتم تنفيذ اتفاق يتعلق بالمصالح الروسية".

ومع ذلك، أوضح بيسكوف، في تصريح صحفي، أن الرئيس فلاديمير بوتين أشار إلى أنه يمكن إحياء الصفقة إذا تم الاهتمام بالجزء الذي يركز على روسيا من الاتفاقية.

ومن جانبه، أعلن  الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده تعتزم تحويل الحبوب الروسية التي سيتم إرسالها لتركيا إلى دقيق بقوله: "لدينا رؤية الموحدة مع روسيا، سنقوم بمعالجة الحبوب التي ستنقلها روسيا عبر الممر في البحر الأسود، وبعد ذلك سيتم إرسال هذا الدقيق إلى البلدان الفقيرة في أفريقيا والبلدان النامية".

وانتهت في 17 يوليو الماضي مدة سريان اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي يسمح بتدفق الحبوب من أوكرانيا إلى دول في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، حيث أعلنت روسيا تعليق مشاركتها في الاتفاق لأنه لم يتم تنفيذ مطالب روسيا، بحسب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف.

وكان الاتفاق، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، في يوليو 2022 يهدف إلى تخفيف حِدة أزمة الغذاء العالمية على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية بفتح باب التصدير بأمان أمام الحبوب الأوكرانية في الموانئ عبر البحر الأسود، وتم تمديد الاتفاق للمرة الأولى في نوفمبر 2022 حتى 18 مارس الماضي ثم تم تمديده للمرة الثانية أربعة أشهر لينتهي في 17 يوليو الماضي، حيث كانت روسيا قد هددت بالانسحاب من اتفاق أكثر من مرة، إذا لم تتم تلبية مطالبها بتحسين صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة.

القوات الروسية تمنع السفن الأوكرانية 

وبعد أسبوع من رفض موسكو تجديد مبادرة حبوب البحر الأسود، تعهد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في القمة الروسية الإفريقية التي عقدت في سان بطرسبرج، بتقديم شحنات الحبوب لبعض أفقر دول إفريقيا بالمجان خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة.

وتابع أردوغان: "المحادثات جارية لاستئناف الاتفاق الذي سمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر ممر آمن على البحر الأسود، بعد حديثه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، بحسب Apk inform".

وجاءت التصريحات، بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده قد تبدأ في اختيار أهداف روسية للهجوم عليها في البحر الأسود، إذا استمرت القوات الروسية في منع السفن الأوكرانية وقصف موانئها والبنية التحتية الأخرى.

ويقول الدكتور صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية، إن روسيا وضعت شروطاً خاصة برفع العقوبات عليها من أجل العودة مرة أخرى إلى اتفاقية تصدير الحبوب، التى انسحبت منها فى 18 يوليو الماضي، وسط رؤية روسية تؤكد أن دول الغرب، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى، هى المستفيد من هذه الاتفاقية، حيث وصل نحو 70% من المواد الغذائية المصدرة إلى الاتحاد الأوروبى ولم تحصل الدول الناشئة فى مختلف أنحاء العالم سوى على 30% فقط من الحبوب، فى الوقت الذى تحرص روسيا على مد جسور العلاقات مع الدول الناشئة، خاصة الأفريقية، بسبب المصالح الروسية السياسية والاقتصادية فى القارة السمراء.

وأضاف حليمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن  هناك مبادرة من 6 دول أفريقية لتسوية الأزمة الروسية - الأوكرانية منها مصر والسنغال وأوغندا وجنوب أفريقيا والجزائر.

إقناع روسيا بالعودة لصفقة الحبوب

وأشار حليمة، إلى أن هذه المبادرات تأكيد على عمق العلاقات بين روسيا وأفريقيا، ودليل أيضاً على أن أكبر المتضررين من الأزمة الروسية - الأوكرانية هى الدول الأفريقية لذا سارعت بتقديم هذه المبادرة.

ومن جانبه، أكد السفير الروسى لدى واشنطن أناتولى أنطونوف، أن الإدارة الأمريكية تدير حملة إعلامية للتعتيم على مسئوليتها عن إفشال اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.

وقال أنطونوف، وفقا لقناة (روسيا اليوم)، إن "محاولات واشنطن الضغط على الدول النامية لإقناع روسيا بالعودة إلى صفقة الحبوب، جزء من حملة إعلامية لتشويه حقيقة الأمور".. مضيفا أن "الولايات المتحدة تحاول التملص من مسؤوليتها عن الإخفاقات في تنفيذ الاتفاقات.. فضلا عن أن محاولات إقناع روسيا بالعودة إلى مبادرة البحر الأسود لا معنى لها".

أما عن تأثير انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب على مصر فإنه يشار إلى أن الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، قال خلال مشاركته في الاجتماع السادس عشر للجمعية العمومية للمنظمة الإفريقية للمترولوجيا: "لم يكن نبأ سعيدا بأن لا توافق روسيا على اتفاقية الحبوب لمرور الحبوب من أوكرانيا لمضيق البسفور ثم لمختلف دول العالم، ونحن نعلم أن هذا النوع من الصراع مستمر ولا بد من الأخذ في اعتبارنا استمراره سواء صراع اقتصادى أو بصورة نزاعات".

وأكد وزير التموين أن قرار روسيا الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب سوف يؤثر على الدول الضعيفة تأثيرا سعريًا خاصة في  اللوجستيات والنقل والأمن، مع ارتفاع تكاليف النقل مع تغيير مسارات وصعوبة توافر خطوط النقل، مشيرًا إلى ضعف التأثير على السوق المصري بنسب ضعيفة تتراوح من 5 إلى 8%.

وأشار وزير التموين إلى أن مصر قامت خلال الفترة الماضية بتنويع مناشئ استيرادها للحبوب، حيث تم الاستيراد من فرنسا وألمانيا ورومانيا وروسيا وأوكرانيا وبلغاريا والولايات المتحدة، وذلك مع استمرار الاستيراد من السوق الأوكراني لأن جزء من القمح يأتي عن طريق رومانيا وأوروبا.

والجدير بالذكر، أنه من المرجح أن يؤدي انسحاب روسيا من الصفقة إلى زيادة تكاليف التأمين، و فى  يونيو  الماضي كانت قد وافقت الحكومة الأوكرانية على خطة تقضي بتعويض السفن التي ترسو في الموانئ الأوكرانية في حالة تضررها بسبب النشاط العسكري الروسي. لذلك، هناك استعداد للمضي قدما في الاتفاقية من الجانب الأوكراني.

ومن الصعب المبالغة في التهديد الذي يتربص بالمشهد الاقتصادي العالمي والأمن الغذائي، خاصة في أفريقيا والمناطق النامية الأخرى، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية في خضم اضطرابات سلسلة التوريد وبداية استقرار الحرب الروسية، لا يزال الوضع متقلبا.

وعلى الصعيد العالمي، لا يزال تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى من 5% سنويا في أكثر من 60% من البلدان المنخفضة الدخل، وحوالي 80% من البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض والبلدان المرتفعة الدخل.
وفي الأسبوعين الماضيين فقط، أفاد البنك الدولي بأن أسعار القمح قد انخفضت بنسبة 3% على مستوى العالم.