الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد الشناوي يكتب: في رقبة من القول بتكفير أبوي النبي؟

خالد الشناوي
خالد الشناوي

بينما كنت جالسل اتصفح الشبكة العنكبوتية وصفحتي الشخصية على الفيسبوك إذا بي أجد مقطعا من الفيديوهات لأحد مشايخ التمسلف يرد على سائل سأله عن حال أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الآخره؟
ليقرر هذا المتشدد أن أبوي النبي في النار!
هل يستقيم هذا القول مع العقل والمنطق ؟
إذا لم يدخل أبوي النبي الجنة بشفاعته فمن يدخل؟
وماذا قدم أبوي النبي كي يقرر هذا المتشدد أنهما في النار؟
وأين هو من قول المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم "لم ازل اتنقل من الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الزاكيات"
وقوله:"ولدت من نكاح ولم أولد من سفاح ولم يمسسني دنس من دنس الجاهلية"؟
بل اين هو أيضاً من قول الله تعالى:{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} ؟
سئل القاضي أبو بكر بن العربي عن رجل قال : إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار ، فأجاب بأنه ملعون ، لأن الله تعالى قال:( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا)قال: لا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار!
وما أجمل الأزهر الشريف وما أبهى دوره الرشيد حين تصدى لمثل هذه القضايا بالحزم الشديد فها هو كتاب جوهرة التوحيد والذي يدرس على طلاب الصف الأول الثانوي بالمعاهد الازهريه يصدح بقول الراسخين في العلم فهما وفقها ودراية:(....إذا علمت أن أهل الفترة ناجون على الراجح ، علمت أن أبويه صلى الله عليه وسلم ناجيان لكونهما من أهل الفترة ، بل جميع آبائه صلى الله عليه وسلم وأمهاته ناجون ومحكوم بإيمانهم ، لم يدخلهم كفر ، ولا رجس ، ولا عيب ، ولا شيء مما كان عليه الجاهلية....) . 
ونشر هذا المقطع على صفحته الشخصيه فضيلة الشيخ أحمد أبو حسين أحد أئمة الأوقاف الذين هم عنوان للوسطية مستهجنا وناكرا ذلك ومنددا بهذا القول الشنيع وقد شاهدت الرد  العلمي الرصين لهذا الداعية الأزهري الغيور على دينه ووسطيته على أمثال هؤلاء المتنطعين الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ...
ولا عجب في ذلك فمن تربوا على مائدة الأزهر الشريف ووسطيته الفياضه وعلومه المتبحرة هم حائط سد منيع ضد هؤلاء المتطفلين على الساحة الفكرية والدعوية .
انشغلت شيئا قليلا وقمت بتغيير صورة بروفايلي الشخصي على الصفحه وإذا بي افاجئ بتعليق من فضيلة الشيخ أحمد أبو حسين قائلا لي بنوع من الدعابة: أنت تقوم دائما بتغيير صورك الشخصية على صفحتك... ولكن أين قلمك الفكري من مواجهة هذه الأفكار المتطرفة والدخيلة على ديننا وفطرتنا السوية؟
وكأن كلماته جاءت لي وكأنها رسالة حامية الوطيس لتصحيح المفاهيم المغلوطه وانقاذا لعقول الشباب من خطفها ناحية التشدد والتطرف وطمس هويتها الدينية والعقدية ...
واذا كان من طبيعتي ان احاول ان أكفي ماجور_كما تقول الحكمة المصرية العامية_ على الفتنة ومروجيها كي لا تنتشر انتشار النار في الهشيم .
ولكن لما كان هذا المقطع المصور بوصوله إلى السوشيال ميديا فلن ينفعه ولو ألف ماجور لسرعة الانتشار وسرعة الانترنت والعولمه وتبادل المعلومات!
رأيت من واجبي القيمي والإنساني استنفار ولاية قلمي ككاتب رأي اسلط الأضواء واطرح المشكلات محاولا وضع التصور لحلها كما أطرح خطورتها أمام أصحاب القرار والمتخصصين لتدارك الأمر  .....
وإن كنت كاتبا للرأي فإنني قبل ذلك ازهريا درست في الأزهر الشريف وشربت من كافة علومه الفياضه والتي كونت جانبي الفكري والوجداني فجلعتني أحلل المسائل الفقهية والعقدية واعرف ضوابطها الشئ الذي أنقذني من أن أكون فريسة في يد أبواق التطرف كما وقع غيري!
ولكم نادينا بضرورة تجفيف منابع التطرف بكافة أنواعه والوانه وصوره وملاحقة أمثال هؤلاء الذين كادوا ان يفتنوا الناس ويفسدوا عليهم أمر دينهم ودنياهم .
ولكم نادينا ايضا بضروره قفل كل القنوات التي سوقت دعاة غير متخصصين ومنعهم من التصدي لشؤون الدين والدعوة !
لا يستطيع من يحمل مؤهلا علميا غير كلية الطب أن يفتح عياده طبيه لمعالجه الناس وإن فعل ذلك فإن مصيره الحبس كما نصت القوانين على ذلك .
فلماذا لا نفعل ذلك في الأمور المتخصصه بالدين ومعتقدات الناس وقصر خطابها على المتخصصين وحسب؟.. لا سيما و أن التدين السطحي هو آفة كل المجتمعات وأن فزاعة الدين وتجاره يستغلون منابرهم التضليليه لخطف الشباب والسير بهم في نفق مظلم!
ولكم عانينا وعانت الدولة المصرية من الإرهاب الغاشم جراء فتاوى شاذة قال بها دعاة التطرف في سابق الأيام.
الأزهر الشريف جامعا وجامعة بأجنحته الكبيرة من إفتاء و أوقاف لا يجب أن نأخذ الدين إلا منهم .
ومن يقول غير ذلك فهو واهم 
وإلا ستشتت الأفكار وتضلل العقول إن لم يك هناك قانوناً دينيا حقيقيا وحاسماً يواجه ويحاسب من يقومون بازدارء الأديان ورموزها ممن يتطفلون على حقل الدعوة الدينية  .
لقد آن للعلماء والدعاة وأهل الرأي أن يضعوا الحلول الهادفة في تخليص شباب الأمة من براثين التعصب الديني بكشف عوراته وتزييف دعواه، وتقديم التصور الإسلامي الصحيح في ما يعرض هنا وهناك من مقولات وتصرفات لم تعد خافية على متابع، والتصدي لخطر هذه الظاهرة ووأدها قبل أن يتطاير شررها في قابل الأيام .