الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يجوز دفن أكثر من ميت في قبر واحد؟ أحكام تعدد حالات الوفاة

شهداء فلسطين
شهداء فلسطين

كشفت دار الإفتاء المصرية، عن كيفية الدفن عند تعدد حالات الوفاة، فيقول صاحب السؤال: هل يجوز دفن أكثر من ميت في قبر واحد؟

دفن أكثر من ميت في قبر واحد

وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إن الأصل في دفن الميت، أن يكون بمفرده في القبر فلا يدفن أكثر من ميت في قبر واحد.

وأضافت، أنه في حالة امتلاء القبور أو تعذر الدفن فيها فإنه بذلك يجوز دفع أكثر من ميت من صنف واحد في قبر واحد، فالرجال مع الرجال والنساء مع النساء.

هل يجوز الدفن الجماعي؟

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه في حال امتلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميت في القبر الواحد إلا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجزٍ حتى ولو كانوا من جنسٍ واحد.

جاء ذلك في إجابته عن سؤال: «لدينا كثرة في عدد الموتى، والمقبرة صغيرة، فكيف نفعل بالهيكل السليم الذي لم ينفصل عن بعضه من الموتى، وكذلك العظم المنفصل عن بعضه؟».

وأوضح أنه إذا حصلت الضرورة فيمكن عمل أدوارٍ داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطية الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوبٍ أو حجارةٍ لا تَمَسّ جسمه، ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويدفن فوقه الميت الجديد، وذلك كله بشرط التعامل بإكرامٍ واحترامٍ مع الموتى أو ما تبقى منهم؛ لأن حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا.

وأشار إلى أنه اتفق الفقهاء على حرمة نبش قبر الميت قبل البِلَى لنقله إلى مكانٍ آخر لغير ضرورةٍ، وعلى جوازه للضرورة، على اختلاف بينهم فيما يُعَدُّ ضرورةً وما لا يُعَدُّ كذلك، وقرروا أن الحاجة تُنَزَّل منزلة الضرورة؛ خاصةً كانت أو عامة.

نقل الميت

وأضاف: فإذا وُجدت الضرورة أو الحاجة التي لا يمكن تحققها إلا بنقل الميت؛ كامتلاء المقابر: جاز نقله شرعًا، بشرط احترامه في نقله؛ فلا يُنقَل على وجهٍ يكون فيه تحقيرٌ له، وبشرط عدم انتهاك حرمته؛ فتُستخدَم كل الوسائل الممكنة التي من شأنها أن تحفظ جسده وتستره، مع اللطف في حمله، ويراعى بعد نقله أن يكون دفنه بالطريقة الشرعية.

وأوضحت، أن المنصوص عليه شرعًا أن الميت يدفن في قبره لحدًا أو شقًا إن كانت الأرض صلبة، أما إن كانت الأرض رخوة -كما هو الحال في مِصر وغيرها مِن البلاد ذات الطبيعة الأرضية الرَّخْوَة- فلا مانع مِن أنْ يَكون الدَّفنُ بطريقةٍ أخرى بشرْط أنْ تُحَقِّق المطلوب المذكور في القبر الشرعي، وهذا هو الذي دَعَى أهلَ مِصر للُّجوء إلى الدَّفن في الفَسَاقي مُنذ قُرون طويلة؛ لأنَّ أرض مِصر رَخْوَةٌ تَكثُر فيها المياه الجَوْفِيَّة ولا تَصلُح فيها طريقةُ الشَّق أو اللَّحْد، ولا حَرَجَ في ذلك شرعًا كما نَصَّ عليه جماعةٌ مِن الأئمة الفقهاء مِن محققي المذاهب الفقهية المتبوعة.

صلاة الجنازة على أكثر من ميت

قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه في بعض الأحيان تتعدد الجنائز في وقت واحد، مشيرًا إلى أن ترتيب الجنائز عند الصلاة عليها يتوقف على الموتى، إذا كانوا كلهم رجال أوم نساء أو أطفال أو مختلط.

وأوضح «عويضة» خلال برنامج «فتاوى الناس»، في إجابته عن سؤال: « ماذا نفعل لو تعددت الجنائز؟»، أنه قد تتعدد الجنائز، منوهًا بأنه في حال كانت الجنائز كلها لرجال، فلا مشكلة يتم حسب ما عُرف عن الميت من تقوى والقرب من الله، وحفظًه للقرآن، فيكون هو الأقرب للإمام عند الصلاة.

وأضاف أنه إذا كانت الجنائز لرجال ونساء، فيكون الرجال هم الأقرب للأمام ثم يليهم جنازة النساء، مثل الصفوف في الصلاة النساء يكونوا خلف الرجال، لافتًا إلى أنه إذا كانت الجنازة للأطفال مع الرجال والنساء، فتُقدم جنازة الصبي على المرأة، والرجل يقدم عليهما.

حكم دفن الميت

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن دفن الميت فرض كفاية، والمطلوب في القبر الشرعي الذي يصلح لِدَفن الميت هو ما يحقق تكريم الجسد بعد الموت ويحفَظُهُ مِن الِاعتِداء عليه ويستر التغيرات التي تحدث له.

وأضافت دار الإفتاء، أن ما يتعلق بالدفن، هو استحباب دَفن الميت وبعد دخوله القبرَ يُوضَع على شِقِّهِ الأيمن.

وذكرت دار الإفتاء، أنه يجب أن يُوَجَّه وَجهُ الميت وصدرهُ وبطنهُ إلى القِبلة، ويَحرُمُ تَوجيهُ الوَجهِ لغير القِبلة، ولا يَضُرُّ أن يكون الدَّفن على الرَّمل أو التُّراب، فكُلُّ ذلك جائز.

وقالت دار الإفتاء، إنه من المقرر شرعًا أن دفن الميت فيه تكريم للإنسان؛ لقوله تعالى في معرض الامتنان: {أَلَم نَجعَلِ الأَرضَ كِفاتًا* أَحياءً وأَمواتًا} (المرسلات:25-26)، وقد حث الإسلام عليه. وأجمع المسلمون على أن دفن الميت ومواراة بدنه فرض كفاية: إذا قام به بعض منهم أو مِن غيرهم سقط عن الباقين.

كيفية دفن الميت

والمأثور في كيفية دفن الميت أنه بعد دخوله القبر يوضع على شقه الأيمن ويوجه وجهه إلى القبلة، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة، وعليه فيحرم وضعه على خلاف ذلك: كوضع رِجله للقبلة، كما هو الشائع خطأً عند كثير مِمّن يدفن في هذا الزمان.

ويُدخَل بالميت من فتحة القبر بحيث يُدفَن تجاه القبلة مباشرة من غير حاجة إلى الدوران به داخل القبر، وذلك حسب فتحة القبر؛ إذ المطلوب شرعًا هو وضع الميت في قبره على شقه الأيمن وتوجيه وجهه للقبلة كما سبق.

وإن أمكن دفن الميت في شَقٍّ أو لَحد وجب ذلك، والشق يكون بأن يُعَمَّق في الأرض محل الدفن على قدر قامة الإنسان العادي الذي يرفع يده لأعلى (أي حوالي مترين وربع المتر) ثم يُحفَر في أرضها على قدر وضع الميت على جنبه بطوله بحيث يكون على جنبه الأيمن وصدره للقبلة كما سبق بيانه، ثم يُوَسَّد.

وأما اللحد فيكون بأن يقوم الواقف داخل الحفرة المُعَمَّقة في الأرض بحفر في أحد جانبَي القبر مكانا يسمح بدفن الميت فيه على بعد ثلثَي طوله من الأرض ويعمقه بحيث يمكن إرقاد الميت فيه على الهيئة السابقة ثم يغطي جانب المفتوح باللبن أو الحجارة ثم يخرج الحافر ويُهيل التراب، وهاتان الطريقتان تكونان في الأرض الصلبة، وإنما عدل أهل مصر عن هاتين الطريقتين إلى الدفن في الفساقي منذ زمن طويل لكون أرض مصر رطبة لا تصلح لها أي من الطريقتين.

ويستحب عند الدفن الدعاء للميت وحل أربطة الكفن، وأن يقول واضعه: "بسم الله، وبالله، وعلى مِلّة رسول الله، أو: وعلى سنة رسول الله"؛ لما روي عن ابنِ عُمَرَ أَنّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وآله وسلم كان إذا أُدخِلَ المَيِّتُ القَبرَ قال مَرّةً: "بسمِ اللهِ وباللهِ وعلى مِلّةِ رسولِ اللهِ"، وقال مَرّةً: "بسمِ اللهِ وباللهِ وعلى سُنّةِ رَسُولِ اللهِ". رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم، وقال الترمذي: حسن غريب.  

أحكام عند دفن المتوفى

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله – تعالى- في مَعرِض الِامتِنان: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ ۞ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا»، ( سورة المرسلات: الآيات 25-26).

وأوضحت، في توضيحها لأحكام عند دفن المتوفى، أنه في حال امتلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميت في القبر الواحد إلا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجز حتى ولو كانوا من جنس واحد.
وتابعت أنه إذا حصلت الضرورة فيمكن عمل أدوار داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطية الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوب أو حجارة لا تَمَسّ جسمه ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويدفن فوقه الميت الجديد، وذلك كله بشرط التعامل بإكرام واحترام مع الموتى أو ما تبقى منهم؛ لأن حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا.

هل تلقين المتوفي من السنة ؟

قالت دار الإفتاء، إن تلقين المتوفى والدعاء له بعد دفنه سنةٌ؛ لحديث أبي أمامه الباهلي- رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وآلة وسلم- فقال: «إِذَا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب علي قبره، فليقم أحدكم علي رأس قبره، ثم ليقل، يا فلان بن فلانة، فإنه يقول، أرشدنا رحمك الله ولكن لا تشعرون، فليقل، اذكر ما خرجت عليه من الدنيا وهي شهادة أن لا إله الا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا، وبالقران إماما، فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ واحد منهما بيد صاحبه ويقول، انطلق بنا ما نقعد عند من قد لقن حجته، فيكون اللهُ حجيجه دونهما».. رواه الطبراني.

كيفية تلقين المتوفى

ذكرت دار الإفتاء، أنه يستحبُّ تلقين المحتضر، الشهادتين، وهو أن يذكر الحاضرٌ عنده قول "لا إله إلا الله"؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ» رواه مسلم.

وأضافت الإفتاء في فتوى لها أن الإمام الرملي يقول في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (2/ 436): [(وَيُلَقَّنُ) نَدْبًا (الشَّهَادَةَ)، وَهِيَ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، بِأَنْ يَذْكُرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَتَذَكَّرَ، أَوْ يَقُولَ: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى مُبَارَكٌ، فَنَذْكُرُ اللهَ جَمِيعًا: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا يَأْمُرُهُ بِهَا، وَيَنْبَغِي لِمَنْ عِنْدَهُ ذِكْرُهَا أَيْضًا.

هل يتلاقى الأموات والأرواح بعد الدفن

قال الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، إن التلاقي لا يكون بالجسد، وإنما تتلاقى الأرواح، والأرواح لا تعرف الزمان ولا المكان.

وأضاف: "الميت المدفون في القاهرة، يتلاقى مع روح المدفون في دمياط أو قنا أو أستراليا"، منوها إلى أن عالم الأرواح له قانون آخر، مشيرا إلى أن الأرواح تتلاقى إذا حسنت وصلحت، ولو كانت في أبعد الأماكن.

وأوضح "عاشور"، قائلًا: إنه يوجد بعض من الأمور التي يود معرفتها، أولاً: إنه لا يمكن للإنسان أن يحكم على قانون البرزخ بقانون الدنيا، ثانيًا: إدراك أنهما مختلفان ولكنهما تحت قدرة الله عز وجل، ثالثا: أننا في حالة عدم العلم بالشيء فالنبي لم يترك لنا شيئًا إلا وبينه.

وأضاف أن هناك كثيرا من الآثار وردت في هذه المسألة في سنن البيهقي وسنن سعيد ابن منصور ومسند الحارث وابن حبان فتقول "إذا ولى أحدكم كفن أخاه فليحسنه فإنهم يتزاورون فيه" منوها أن من ينكر هذه المسألة يرجع إلى حكمه عليها بقانون الدنيا الذي يخالف قانون البرزخ الذي يرجع إلى قدرة الله عز وجل.