الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المفتي الفيدرالي لدولة ماليزيا: نسعى لمواكبة التطورات التكنولوجية والفضاء الإلكتروني

مؤتمر الإفتاء
مؤتمر الإفتاء

قال الدكتور لقمان بن عبد الله المفتي الفيدرالي لدولة ماليزيا إن دار الإفتاء بماليزيا تهدف إلى إصدار الفتاوى وتوضيح الأحكام الشرعية وضبط تعليم الإسلام وتعلمه وَفقًا للقوانين المعمول بها، وتقديم الخدمات والتوجيه للمسلمين في عبادتهم، ونقل فهم واضح عن أهل السنة والجماعة واستبعاد الفهم المشوه. 

مؤتمر الإفتاء 

جاء ذلك خلال كلمته ضمن فعاليات المؤتمر مضيفًا أن تحقيق رسالة دار الإفتاء في ماليزيا يكون عبر الاستشارة الدينية لصاحب الجلالة والسمو الملكي سلطان السلاطين والحكومة الفدرالية الماليزية فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية، والبحث وإصدار الفتاوى للقضايا التي تتطلب الموقف الديني، وتزكية الوعاظ والخطباء الذين يرغبون في التعليم الديني الإسلامي في المساجد والمصليات، وكذلك تقديم الاستشارة والخدمات الدينية في القضايا الإسلامية، وإجراء البحوث في الفتاوى، فضلًا عن تقديم التوجيه والخدمات في الشؤون الفلكية وإدارة وتطوير نظم إيصال المعلومات بشكل فعال للمجتمع. 
وأشار فضيلته إلى قانون إدارة الشريعة الإسلامية (الفيدرالية) لعام 1993 حيث إنه عند إصدار أي فتوى، يجب على المفتي عمومًا اتِّباع القول المعتمد في المذهب الشافعي، وإذا رأى المفتي أن اتباع القول المعتمد للمذهب الشافعي سيؤدي إلى وضع يتعارض مع المصلحة العامة، يجوز للمفتي اتباع القول المعتمد للمذهب الحنفي أو المالكي أو الحنبلي، إذا رأى المفتي أنه لا يمكن اتباع أيٍّ من المعتمد للمذاهب الأربعة.

بينما قال الشيخ حسين كفازوفيتش رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك: إن هَذَا اللقَاءَ وَأَمْثَالَهُ، التي يُنَظمُها إِخْوَانُنَا في العالمِ الإسلامي، مُسْتَوْحَاةٌ مِنْ التحَولَاتِ الحضَارِيةِ والثقَافِيةِ الكبيرةِ التي نَشْهَدُهَا. وَتَتَوَجهُ هذهِ التحَولَاتُ في المَقَامِ الأَولِ نَحوَ التقَدمِ التكنُولُوجِي، والتغَيراتِ في البُنْيَةِ الاجتماعيةِ للأُمَمِ على الصعِيدَيْنِ المَحَلي والعَالمي. 
جاء ذلك خلال كلمته بمؤتمر الإفتاء، مضيفًا أن التغَيراتِ في مَجَالِ التطَورِ التكنُولُوجِي تَتَحَركُ بِشَكلٍ أساسي في اتجَاهَينِ، أَحَدُهُمَا البَحْثُ عنْ مَصَادِرِ الطاقَةِ المُتَجَددَةِ، المَعْرُوفَةِ بِالطاقَةِ الخَضْرَاءِ، والآخَرُ تَطْوِيرُ تِكنُولُوجِيَا المَعْلُومَاتِ. وَسَوفَ تَتَجَلى لَنَا في المُستَقبَلِ العَوَاقِبُ التي سَيُخَلفُهَا هذانِ الاتجَاهَانِ في الْمُجْتَمَعَاتِ والأمَمِ النامِيَةِ. أما على المستوى الثقافي، فإن ما يُفْهَمُ عَلى أنهُ نِتَاجُ الروحِ الإنسانيةِ، سَوَاءً كَانَ قِيَمًا مَاديَةً أو رُوحِيةً، يَتَغَيرُ أيضًا، وَتَتَوَلدُ هُناكَ اتجَاهَاتٌ مُختلفةٌ. 
وأوضح أن لِلدينِ في حَيَاةِ الناسِ أَهَميَةً خَاصةً مِنْ أجْلِ بَقَائِهِمْ، فَهُوَ الحَامِلُ لِلقِيَمِ الروحِيةِ التي يَعْتَمِدُ عَلَيهَا الإنسانُ دَائِمًا. وَهْوَ مُرْتَبِطٌ بالإيمانِ، والعَمَلِ، والأخلاقِ. 
وأشار إلى أن الفَتوَى، بِوَصْفِهَا مُؤَسسَةً خَاصةً في الفِكرِ الإسلامي، تَنْبُعُ منَ الشريعةِ ذَاتِهَا، منَ العَقِيدَةِ التي تَشْمَلُ كُل الأعْمَالِ البَشَرِيةِ. لِذَلِك لا يُمْكِنُ النظَرُ إلَيها حَصْرًا مِنْ وُجْهَةِ النظَرِ القَانُونِيةِ (الفقهيةِ). فالشريعةُ شَامِلَةٌ، تَنْظُرُ لِلإنسانِ بِكُليتِهِ، لأن الإيمانَ والعملَ والسلُوكَ الأخلَاقِي السوِي تندرج تَحْتَهَا. وَلَيْسَ مِنَ الضرُورِي أن تكون المَطَالِبُ القانونيةُ (الفقهيةُ) والأخلاقيةُ مُتَطَابِقَةً دَائِمًا، وَلَكِنها مِنَ الناحِيَةِ الفِقْهِيةِ يَجِبُ أنْ تَكُونَ مُتَرَابِطَةً فِيمَا بَينَها، فإِنْ لَمْ يَتَحَققْ هَذا الترَابُطُ فَسَيَحْدُثُ ارْتِبَاكٌ وَفَوْضَى في اعْتِقَادِنَا وَعَمَلِنَا وَمَوْقِفِنَا الأخلاقي. 
وشدد على أن مَسْألَةَ مُؤَسسَةِ الفَتوَى مُركبَةٌ، وَيَنْبُع هذا منَ العَلَاقَاتِ الاجْتِمَاعِيةِ المُرَكبَةِ الناتِجَةِ عنْ تَأثِيرِ الظرُوفِ المُخْتَلِفَةِ التي يُوْجَدُ فيها المسلمونَ، والبِيئَاتِ التي يَعِيشُونَ فيها، والتأثِيراتِ الاقتصاديةِ والسياسيةِ والقانونيةِ المختلفةِ والقِيَمِ الفِكْرِيةِ التي يَتَعَرضُونَ لَهَا، مشيرًا إلى أن الفَتوى، بِوَصْفِهَا مُؤَسسَةً شَرعيةً، يَجِبُ أنْ تَسْتَنِدَ إلى حَقَائِقَ وَمَعَارِفَ أكِيدةٍ وَثَابِتَةٍ حتى أقْصَى حَد مُمْكِنٍ. 
وأكد أن الحديثَ عن الفَتْوَى في الأَلْفِيةِ المِيلَادِيةِ الثالِثَةِ يَعنِي أنْ نَكُونَ مَسْؤُولِينَ بِشَكلٍ خَاص عن المَكَانِ والزمَان اللذَينِ نَعِيشُ فِيهِمَا. إن عَصْرَنَا يَتَميَزُ بِصِرَاعِ المَصَالِحِ العالَمِيةِ والجُزْئِيةِ، والكِبَار والأَقْوِيَاءِ، والدوَلِ والْمُجْتَمَعَاتِ والشعوبِ الصغِيرَةِ والضعِيفَةِ. 
وعن أهمية الإيمان بالله قال فضيلته: وَمَهْمَا بَلَغَتْ سُرعَةُ التغْيِيرِ في العالَمِ، فَسَيَبْقَى الإيمانُ باللهِ هوَ الرفِيقَ والأَمَلَ والسنَدَ الأَكْثَر وَفَاءً لِلإنسانِ. وَيَنْبَغِي أنْ يَنْصَب اهتِمَامُنَا على احْتِيَاجَاتِ الناس؛ الروحيةِ، والاقتصاديةِ، والاجتماعيةِ، والتعليميةِ، والصحِيةِ، والثقافيةِ، وَغَيْرِها. 
واختتم فضيلته كلمته قائلًا: إن لِقَاءَاتِنَا هذهِ فُرْصَةٌ جَيدَةٌ لِتَبَادُلِ الآرَاءِ حَولَ مَا يَشْغلُنَا وَيُهِمنَا. وَإننِي أَتَقَدمُ بالشكْرِ إلى فَضِيلَةِ مُفتي جمهوريةِ مصرَ العربيةِ والإِخْوَةِ العَامِلِينَ مَعَهُ، على كَرَمِ الضيَافَةِ والاهْتِمَامِ بَأحْوَالِ المسلمينَ وَكَيْفِيةِ مُسَاعَدَتِهِم. وباسمِ مُسلِمِي البوسنةِ والهرسكِ، أَتَقَدمُ بالشكْرِ الجَزِيلِ لِشَعْبِ مِصْرَ، والأزهرِ الشريفِ، والمُفْتِينَ في هذا البَلَدِ، على دَعْمِهِم مُسلِمِي البوسنةِ والهرسكِ طِوَالَ قَرْنٍ منَ الزمَنْ.
 


قال الدكتور مشعان محيي علوان، رئيس الوقف السني العراقي: إنه مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلِيَّ أَن أقومَ بِزِيَارَةِ مِصْرَ، أَرْضِ الْكِنَانَةِ، وإِحْدَى الدوَلِ الْقَائِدَةِ فِي الْأُمةِ الْإِسْلَامِيةِ، وأن أكونَ فِي رِحَابِ أَزْهَرِها الشرِيفِ، مَنَارَةِ الْعَلَمِ وَالْإِيمَانِ الْكُبْرَى، وَكَمْ هُوَ عَظِيمٌ أَنْ يُدْعَى الْمُخْتَصونَ فِي الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيةِ إِلَى هَذَا الْمُؤْتَمَرِ، الذِي يناقشُ قَضَايَا تَهم الْأُمةَ، وَالْمُجْتَمَعَ الْبَشَرِي بأسرِهِ. 
جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر مضيفًا فضيلته أن له مع القضايا التي يناقشها المؤتمر وَقَفَاتٌ سريعةٌ منها الْأَخْلَاق فِي الْإِسْلَامِ: يَكْفِي لِمَعْرِفَةِ أَهَميتِهَا فِيهِ أَنْهُ جَعَلَ الْأَخْلَاقَ غَايَةً كُبْرَى وَهَدَفًا أَسْمَى لَهُ، فِي عِدةِ آيَاتٍ قُرْآنِيةٍ. 
وأشار فضيلته إلى أنه فِي حَضَارَتِنَا الْإِسْلَامِيةِ حَمْلَ الْمُعَلمِ اسْمًا ثَانِيًا هُوَ (الْمُؤَدبُ)، وَهَذَا دَلِيلٌ عَمَلِي مِنْ حَيَاةٍ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَن الْأَدَبَ وَالْأَخْلَاقَ وَالترْبِيَةَ مُقْتَرِنَةٌ بِالتعْلِيمِ، وَمُتَقَدمَةٌ عَلَيْهِ. 
وأكد ارتباطَ الْفَضَاءِ الْرقمي بالأخلاق، فَإِن الْإِسْلَامَ قَدْ وَضَعَ أَحْكَامًا وَمَبَادِئَ تَحَكمُ الْحَيَاةَ كُلهَا، وَهِيَ تَشْمَلُ الْفَضَاءَ الرقْمِي كَمَا تَشْمَلُ الْوَاقِعَ، فَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالْقِيَمُ الْأَخْلَاقِيةُ وَاحِدَةٌ هُنَا وَهُنَاكَ، وَمِنْ ثَم فَالْحُكْمُ الدينِي وَالْأَخْلَاقِي يَتَكَيفُ مَعَ طَرِيقَةِ الِاسْتِخْدَامِ لِهذِهِ التَطْبِيقَاتِ، فإِنْ اسْتُخْدِمَتْ فِي الْخَيْرِ فَهِيَ جَائِزَةٌ أَوْ مُسْتَحَبةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ شَرْعًا، وَهِيَ عَمَلٌ أَخْلَاقِي، وَإِنْ اُسْتُخْدِمَتْ فِي الشر فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ أَوْ مُحَرمَةٌ، وَهِيَ عَمَلٌ لَا أَخْلَاقِي.  
ولفت فضيلته النظر إلى وقفة أخرى، وهي مَعَ الْإِلْحَادِ، معتبرًا إياه بأنه لوثةٌ فكريةٌ تظْهَرُ فِي كُل عَصْرٍ، لَكِنهُ لَمْ يُشَكلْ ظَاهِرَةً فِي أَي مُجْتَمَعٍ مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ فِي يَوْمِ مَا، وَبَقِيَ مَحْصُورًا بِأَقَليةٍ صَغِيرَةٍ، حَدِيثُهَا عَنْهُ يَدْخُلُ فِي بَابِ الترَفِ الْفِكْرِي، وَصَرحَتْ دِرَاسَاتٌ نَفْسِيةٌ وَاجْتِمَاعِيةٌ أَن الْمُلْحِدَ يَعِيشُ تَنَاقُضًا صَارِخًا، فَهُوَ فِي قَرَارَةِ نَفْسِهِ يُدْرِكُ حَقِيقَةَ الْوُجُودِ الْإِلَهِي، لَكِنهُ فِي الْعَلَنِ يَتَظَاهَرُ بِإِنْكَارِ الْإِلَهِ وَجُحُودِهِ، مشيرًا إلى أن عِلَاجَ الْإِلْحَادِ لَا يَتِم إِلا بِمَزِيدٍ مِنْ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاقِ.  
وأوضح فضيلته أن نُدْرَة الْمَوَارِدِ الِاقْتِصَادِيةِ، تتطلب التحلي بِقِيَم الرحْمَةِ وَالْمَحَبةِ وَالْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ وَالتكَافُلِ، وَتِلْكَ كُلهَا قِيَمٌ أَخْلَاقِيةٌ إِسْلَامِيةٌ. 
وتطرق فضيلته إلى وقفة أخرى وهي مع خِطَابِ الْكَرَاهِيَةِ مؤكدًا أن الْإِسْلَام رَسَم طَرِيقَة لِلتعَامُلِ مَعَ الْآخَرِ الْمُخَالِفِ دِينِيًّا أَوْ مَذْهَبِيًّا أَوْ عِرْقِيًّا، وَمَعَ الْأَعْدَاءِ وَالْخُصُومِ، تَقُومُ عَلَى الْأَخْلَاقِ. 
واختتم فضيلته كلمته قائلًا: وباسْتِقْرَاءِ هَذِهِ الْقَضَايَا وَغَيْرِهَا نَجِدُ أَنهَا ذَاتُ صِلَةٍ بِالْأَخْلَاقِ فِي الْإِسْلَامِ، كَمَا أَنهَا ذَاتُ صِلَةٍ بِتَشْرِيعَاتِهِ، وَهَذِهِ الْمُزَاوَجَةُ بَيْنَ التشْرِيعِ وَالْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيةِ مِنْ مَزَايَا الْإِسْلَامِ وَخَصَائِصِهِ، وَالْبَشَرِيةُ بِأَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَقَدْ وُفِقَت الْجِهَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى هَذَا الْمُؤْتَمَرِ الْعِلْمِي، فِي انْتِخَابِ الْمَوَاد الْعِلْمِيةِ، وَانتقاءِ الْبَاحِثِينَ، وَاخْتِيَارِ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ الْمُنَاسِبِ، هَذَا فَضْلًا عَنْ حُسْنِ الضيَافَةِ وَالترْحِيبِ، فَلَهَا نُسَجلُ الشكْرَ وَالْعِرْفَانَ، مَعَ أُعَطرِ تَحِيةٍ.
[10/18, 4:23 PM] دار الإفتاء: خلال كلمته في جلسة الوفود بمؤتمر الفتوى وتحديات الألفية الثالثة..  
وزيـر الشــؤون الإسلامية بجزر المالديــف: التحديات التي تواجه المسلمين في هذا العصر لم تكن تخطر ببال أحد 
نحن بحاجة ماسة إلى نشر الفكر والعلم الصحيح بين أبناء الأمة وأغلب الحروب تنشأ من تصورات خاطئة عن عقائد وأفكار الآخرين. 
كما وجه الدكتــور أحمــد زاهــر، وزيــر الشــؤون الإسـلامية فــي جمهوريــة المالديــف، الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفضيلة مفتى الجمهورية والقائمين على تنظيم مؤتمر الفتوى وتحديات الألفية الثالثة، لجهودهم المبذُولة في اتحاد كلمة الأمة الإسلامية في المسائل الفقهية والاهتمام بالبحث عن التَّحديات التي تُواجهُ العالمَ وجُهودهم في التَّغَلب عليها. 
وأضاف خلال كلمته في فعاليات جلسة الوفود الرسمية، بالمؤتمر العالمي الثامن للإفتاء، أننا بحاجة ماسة إلى نشر الفكر الصحيح والعلم الصحيح بين أبناء الأمة، فقد عانى العالم وعانت الشعوب كثيرًا بسبب النزاعات والحروب السياسية والأفكار الخاطئة، لأن أغلب النزاعات والحروب تنشأ عادة من تصورات خاطئة عن عقائد وأفكار الآخرين، أو من تفسير الدين وفهمه من خلال تصرفات بعض الأفراد الذين حادوا عن طريق الحق، ويجب علينا أن نتعامل مع هذه القضية بدقة وعمق وحذر، حتى لا نحمل الأديان والثقافات وزر هذه التصرفات البغيضة التي لا يمليها عقل ولا دين بأي حال من الأحوال ومن هنا تأتي العلاقة المهمة بين الفتوى والتصورات الخاطئة والأفكار الهدامة، فهذا الشر الخطير الذي تعاني منه المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية يحتاج إلى مواجهته والقضاء عليه، ولذلك فالأفكار الخاطئة تحتاج إلى بحث إفتائي جاد من أجل الخروج بأفضل الاختيارات الفقهية من الكتاب والسنة النبوية. 
وتابع: عند ما رأيت عنوان هذا المؤتمر وهو "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة" رأيت أن الموضوع مهم جدًّا لنبحث عنه ونتبادل الآراء فيه، لأن التحديات التي تواجه المسلمين في هذا العصر المتطور لم تكن تخطر ببال أحد منا، فكل يومٍ تحَدُث حادثَة تولد مسائلَ جديدة، ونحن نحتاج إلى حل لها، ولا شك أن العلماء هم من يقومون بقيادة الأمة المسلمة إلى طريق الخير والسلامة.

وأكد أن في مثل هذه المؤتمرات ننظر إلى الحوادث جملةً وتفصيلًا لنَتَمَكَّنَ من وضْع منهجٍ يُفيد في المستقبل، وهذا الاجتماعُ يُذَكرنَا بأسلوب أبي بكر، عندما عرضت عليه مسألة جديدة، والرواية ذكرها العلماء وإن كان في سندها ضعف، أذكُرها للاستئناس بها، كما روي أن أَبا بَكْرٍ إذَا وَرَدَ عَلَيْه الْخَصْمُ نَظَرَ في كتَاب الله، فَإنْ وَجَدَ فيه مَا يَقْضي بَيْنَهُمْ قَضَى به، وَإنْ لَمْ يَكُنْ في الْكتَاب وَعَلمَ من رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذَلكَ الأَمْر سُنةً قَضَى به، فَإنْ أَعْيَاهُ خَرَجَ فَسَأَلَ الْمُسْلمينَ وَقَالَ: أَتَاني كَذَا وَكَذَا، فَهَلْ عَلمْتُمْ أَن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَضَى في ذَلكَ بقَضَاءٍ؟ فَرُبمَا اجْتَمَعَ إلَيْه النفَرُ كُلهُمْ يَذْكُرُ من رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قَضَاءً، فَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: الْحَمْدُ لله الذى جَعَلَ فينَا مَن يَحْفَظُ عَلَى نَبينَا. فَإنْ أَعْيَاهُ أَنْ يَجدَ فيه سُنةً منَ النبي - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ رُءُوسَ الناس وَخيَارَهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَإنْ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَمْرٍ قَضَى به". وكذلك ما روي عن علي بن أبي طالب -وفيه ضعف كذلك- قال: قلت: يا رسول الله! الأمر يَنْزلُ بنا بعدكَ، لم يَنزلْ به القرآنُ ولم نسمع فيه منكَ شيء؟ قال: اجمعُوا له العَالمين، أو قال العابدين، من المؤمنين واجعلوه شورَى بينكُم ولا تَقضُوا فيه برأيٍ واحدٍ.  

وأوضح أن من مقاصد هذا المؤتمر -كما تعرفون - تَطوير المنظومة الإفتائية في ضوء التحديات المستَجدة التي تواجهُ المسلمين والعالم في مَطلَع الألفية الثالثة، يُفهم من العنوان أمران مهمان -فيما أعرف والله أعلم- وهما أولًا: ما يتعلق بالفتوى في عصرنا الحاضر، وثانيًا: ما يتعلق بالفتوى فيما يحَدُث في المستقبل، وهذا الأمر يتعلق بأبنائنا الذين يأتون بعدنا، قائلًا: "أنا شخصيًّا أعترف بأهمية هذا المؤتمر، ولكن مَنْ يَضمن لنا في المستقبل ما يحَدُثُ لأبناء المسلمين، ولا بد أن نُوجه أنظارَنا إلى الجيل الذي سيأتي في المستقبل كما أشرتُ، لأنهم سيُبْتَلُون بما ابتُلينَا في مثل هذه التحديات، والمهم أن نبحث عن الحل لهم كذلك، والحل هو أن نُعد جيلًا علْميًّا مثل ابن جرير الطبري والإمام البخاري وأئمة المذاهب الأربعة، وهؤلاء العلماءُ استنبطوا القواعد والأصول والمسائل الفقهية من القرآن والسنة، لأنهما أساسان لهذا الدين كما رواه الإمام مسلم "وَقَدْ تَرَكْتُ فيكُمْ مَا لَنْ تَضلوا بَعْدَهُ إن اعْتَصَمْتُمْ به كتَابَ الله.." الحديث.
والسنة تفسر القرآن، كما قال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتُبين للناس ما نُزل إليهم..."، وهنا يقول قائل: كيف يكفي الكتاب والسنة، والزمن تطور والناس يطيرون في الهوى والفضاء، والمسائل الجديدة تواجهنا كل يوم وأبناؤنا يبتعدون عن الدين شيئًا فشيئا؟!
ونرد بأن القرآن منزَّل من عند الله، والسنة هي الوحي، وإن الكتاب والسنة مصدران قديمان، وهما قديمان في النزول، لكنهما جديدان لحل المسائل الجديدة والحديثة، لأن الذي أَنزلَ الوحيَ أعلَمُ بما سوف يحَدُثُ في المستقبل، وفي أي وقت سَيحدُث وأين يحَدُث، فلا يَقبل العقلُ أن يُنَزَّل بوصفه منهجًا متكاملًا لحياة الإنسانية وليس فيه حل له. 
كما ذكر مجموعة أمثلة، من بينها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الآتي، عن الدجال الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه: "قُلْنَا يَا رَسُولَ الله، وَمَا لُبْثُهُ في الأَرْض؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ يَوْمًا؛ يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائرُ أَيامه كَأَيامكُمْ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، فَذَلكَ الْيَوْمُ الذي كَسَنَةٍ أَتَكْفينَا فيه صَلاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: «لا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ». ولو خرج في زمن النبي أو بعده، وهل يمكن أن يقدروا الوقت والشمس مرتفعة، ولكن الله تعالى يَعلم بأن الساعةَ (التي تُبَين لنا الوقتَ) سوف تُوجد وقتَ خروج الدجال، وتقدير الوقت لا يكون صعبًا على المسلمين حينئذٍ. 
ومثل هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام النسائي وصححه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، وهو: "يَوْمُ الْجُمُعَة اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً..." والساعة (التي تُبَين لنا الوقتَ) وجدَتْ فيما بعد، ومُوجدُ الساعة جعل اليومَ اثْنَتي عَشْرَةَ سَاعَةً وَفقَ الحديث، وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة كما رواه مسلم في صحيحه عن عُقْبَةَ بْنَ عَامرٍ يَقُولُ: سَمعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ عَلَى الْمنْبَر يَقُولُ: {وَأَعدوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ منْ قُوةٍ}، أَلا إن الْقُوةَ الرمْيُ أَلا إن الْقُوةَ الرمْيُ أَلا إن الْقُوةَ الرمْيُ»، ولم يقل السهم أو الرمح بل أخرج الله سبحانه وتعالى من فمه -صلى الله عليه وسلم- ما هو شامل بما سوف يُوجَد في المستقبل.  

مؤكدًا أن الوحي شامل لما في المستقبل، والمهم أن نُعدَّ جيلًا علميًّا يَستطيع أن يَستنبط الحَل للتحديات. لأن الله سبحانه أخبر بأن الذي يفعله هم العلماء كقوله تعالى: "وَإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ منَ الأَمْن أَو الْخَوْف أَذَاعُوا به وَلَوْ رَدوهُ إلَى الرسُول وَإلَى أُولي الأَمْر منْهُمْ لَعَلمَهُ الذينَ يَسْتَنْبطُونَهُ منْهُمْ"، والآية عامة. 
وإذا نظرنا إلى القرون السابقة ومنهجهم في الحوادث الجديدة، نرى أنهم اهتموا بها وأخرجوا المسلمين منها مستنبطين من القرآن والسنة، فالمهم أن نَسلك سبيلهم في التغَلب على التحديات، والبحث عن حلها، يقول الشاعر:
فإنْ أنتَ لم يَنْفَعْكَ علْمُكَ فانْتَسبْ، لَعلكَ تَهْديكَ القُرونُ الأَوَائلُ

وفي ختام كلمته أكد أنه علينا أن نُعدَّ جيلًا علميًّا حتى يصلوا إلى درجةٍ من العلم يستطيع بسهولة التَغَلبُ على التحديات الألفية الثالثة، وهذه المسئولية ستتحملها الجامعات الإسلامية، وهنا يُسأل: هل تُخَرجُ الجامعات مثل المجتهدين السابقين أم لا؟ وإن قلنا نعم، فأين هؤلاء؟ والأكثر مشغول في تصحيح كتب القُدامَى أو تشريحها أو الرد عليها، وإذا لم نتَمَكن من الاستنباط، فعلينا أن نتبع منهج المجتهدين في الاستنباطات بدون تعصب للمذهب، ومن ثم تبدأ واجباتُنا، وهي تخطيطُ منهجٍ متكاملٍ للتدريس يشمل العلوم الدنيوية والدينية، ثم نُرغبُ الطلابَ المتفَوقين في العلم ونُتيحَ لهم الفُرَصَ للتعلم، وهذا إضافة إلى ما سنبحثه هنا في هذا المؤتمر.