الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المفتي يوضح معني قوله « هن لباس لكم وأنتم لباس لهن»

صدى البلد

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا من شخص يقول: نرجو منكم بيان المعنى المراد من قوله تعالى: ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾ [البقرة: 187].

في رده، قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إنه حينما أمر الشرع الشريف بالزواج ورغب فيه: قصد به الاستخلاف والإعمار، وأراد له الديمومة والاستمرار؛ ولذلك أقام الشرع الشريف أساس هذه العلاقة على المودة والرحمة وحسن العشرة؛ قال تعالى: ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾ [البقرة: 187]، وقال سبحانه: ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾ [الروم: 21]، وأباح استمتاع كل من الزوجين بالآخر بما يضمن لهما العفاف والكفاف، وجعل حق المرأة في ذلك كحق الرجل؛ لأن ما يحتاجه الرجل من المرأة من علاقته بها، هو عين ما تحتاجه المرأة من الرجل؛ قال تعالى: ﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف﴾ [البقرة: 228].

واستشهد فضيلة المفتي في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، بقول الإمام أبو جعفر الطبري في "جامع البيان" -في تفسير قوله تعالى: ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾-: [فإن قال قائل: وكيف يكون نساؤنا لباسا لنا، ونحن لهن لباسا، و"اللباس" إنما هو ما لبس؟

قيل: لذلك وجهان من المعاني: أحدهما: أن يكون كل واحد منهما جعل لصاحبه لباسا، لتجردهما عند النوم، واجتماعهما في ثوب واحد، وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبه، بمنزلة ما يلبسه على جسده من ثيابه، فقيل لكل واحد منهما: هو "لباس" لصاحبه..الوجه الآخر: أن يكون جعل كل واحد منهما لصاحبه "لباسا"؛ لأنه سكن له، كما قال جل ثناؤه: ﴿جعل لكم الليل لباسا﴾ [الفرقان: 47]، يعني بذلك سكنا تسكنون فيه، وكذلك زوجة الرجل سكنه يسكن إليها، كما قال تعالى ذكره: ﴿وجعل منها زوجها ليسكن إليها﴾ [الأعراف: 189]، فيكون كل واحد منهما "لباسا" لصاحبه، بمعنى سكونه إليه] اه.

وقول الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (5/ 270، ط. دار إحياء التراث العربي): في بيان وجوه تشبيه الزوجين باللباس في الآية الكريمة: [أحدها: أنه لما كان الرجل والمرأة يعتنقان، فيضم كل واحد منهما جسمه إلى جسم صاحبه حتى يصير كل واحد منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه، سمي كل واحد منهما لباسا... وثانيها: إنما سمي الزوجان لباسا ليستر كل واحد منهما صاحبه عما لا يحل؛ كما جاء في الخبر «من تزوج فقد أحرز ثلثي دينه». وثالثها: أنه تعالى جعلها لباسا للرجل، من حيث إنه يخصها بنفسه، كما يخص لباسه بنفسه، ويراها أهلا لأن يلاقي كل بدنه كل بدنها كما يعمله في اللباس. ورابعها: يحتمل أن يكون المراد ستره بها عن جميع المفاسد التي تقع في البيت، لو لم تكن المرأة حاضرة، كما يستتر الإنسان بلباسه عن الحر والبرد وكثير من المضار].