الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

متى يبدأ صيام 27 رجب.. وهل يجوز بنية إحياء ذكرى الإسراء والمعراج؟

صيام 27 رجب
صيام 27 رجب

صيام 27 رجب هو الشغل الشاغر لكثير من المسلمين، خاصة مع اقتراب انقضاء الأسبوع الأول من شهر رجب 2024، وكون صيام 27 رجب من الأمور محل خلاف لدى البعض فهل يجوز صيام 27 رجب بنية الإسراء والمعراج؟، هذا ما نجيب عنه.

صيام 27 رجب احتفاء بالإسراء والمعراج

يوافق صيام 27 رجب 1455 هجريا الخميس 8 فبراير المقبل، وفي حكمه تقول دار الإفتاء إن صيام يوم السابع والعشرين من رجب فرحًا بما أنعم الله تعالى به على نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا اليوم المبارك؛ باعتباره اليوم الذي كان صبيحة ليلة الإسراء والمعراج وفق المشهور لا مانع منه شرعًا؛ حيث ورد الأمر الشرعي بالتذكير بأيَّام الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ومِن أيَّام الله تعالى: الوقائع العظيمة التي مَنَّ الله فيها على عباده بتفريجِ كُربةٍ أو تأييدٍ بنصرٍ أو نحوهما، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه؛ شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفاءً واحتفالًا بنجاة أخيه سيدنا موسى عليه السلام؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ". أخرجه الشيخان.

وفي روايةٍ: أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجُودِيِّ، فصام نوحٌ وموسى شكرًا لله" أخرجه الإمام أحمد في "المسند" مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وإذا كان الاحتفالُ بصيام اليوم الذي نجَّى الله فيه سيدنا نوحًا عليه السلام ونصر فيه سيدنا موسى عليه السلام مستحبًّا؛ فإنَّ صيام اليوم الذي تجلَّى اللهُ تعالى فيه على نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالمناجاة والرؤية وإمامة الأنبياء والعروج به إلى سدرة المنتهى وما رأى من آيات ربه الكبرى أولى؛ "إذ من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم قصة الإسراء وما انطوت عليه من درجات الرفعة مما نبه عليه الكتاب العزيز وشرحته صحاح الأخبار قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الإسراء: 1]، وقال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: 1-18]. فلا خلاف بين المسلمين في صحة الإسراء به صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ هو نص القرآن وجائت بتفصيله وشرح عجائبه وخواص نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيه أحاديث كثيرة"؛ كما قال القاضي عياض في "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (1/ 176-177، ط. دار الفكر).

صيام السابع والعشرين من رجب في السنة

تقول دار الإفتاء إن أمثل ما ورد في خصوص الحَثِّ على صيام يوم السابع والعشرين من رجب والترغيب فيه: ما أخرجه الحافظ أبو موسى المديني في "فضائل الليالي والأيام" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَامَ يَومَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كَتَبَ اللهُ لَهُ صِيَامَ سِتِّينَ شَهْرًا». وذكره أيضًا ابنُ أخي مِيمي الدقاق [ت: 390هـ] في "فوائده" (ص: 217، ط. دار أضواء السلف)، والخطيبُ البغدادي في "تاريخ بغداد" (9/ 221، ط. دار الغرب الإسلامي).

وذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تبيين العجب بما ورد في فضل رجب" (ص: 65، ط. مؤسسة قرطبة)، ثم قال: [وهذا موقوفٌ ضعيفُ الإسناد، وهو أمثلُ ما وَرَدَ في هذا المعنى] اهـ.

وهذا الحديث وإن كان فيه ضعفٌ، إلا أنه ممَّا يُعمَل به في فضائل الأعمال على ما هو مقرر عند الفقهاء في مثل ذلك، وحكى بعضُهم الإجماعَ عليه.

قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 8، ط. دار الفكر): [قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبُّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف، ما لم يكن موضوعًا] اهـ.

ليلة 27 من شهر رجب

قالت دار الإفتاء في حسمها الجدل حول وقوع الإسراء والمعراج ليلة 27 من شهر رجب، إن المشهور المعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وعليه عمل المسلمين أنَّ الإسراء والمعراج وقع في ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ الأصمِّ؛ فاحتفال المسلمين بهذه الذكرى في ذلك التاريخ بشتَّى أنواع الطاعات والقربات هو أمرٌ مشروعٌ ومستحب؛ فرحًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمًا لجنابه الشريف، وأما الأقوال التي تحرِّمُ على المسلمين احتفالهم بهذا الحدث العظيم فهي أقوالٌ فاسدةٌ وآراءٌ كاسدةٌ لم يُسبَقْ مبتدِعوها إليها، ولا يجوز الأخذ بها ولا التعويل عليها.

وعليه فتبدأ ليلة الإسراء والمعراج 27 رجب 1445 هجريا مع غروب شمس الأربعاء 7 فبراير المقبل وتنتهي بفجر الخميس 8 من الشهر ذاته.


-