الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ارتفاع جنوني في أسعار البالة.. ماذا يحدث بوكالة البلح؟

وكالة البلح
وكالة البلح

منذ ما يقرب من 30 عاما ماضية، كانت أسواق البالة هي الوجهة الوحيدة أمام المواطنين من محدودى الدخل، للبحث عن بديل يضمن لهم ارتداء ملابس ماركات (براندات) حتى إن كانت مستعملة، إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية تحولت إلى سوق مفتوحة من أبناء الطبقة الغنية والمتوسطة لشراء الملابس المستوردة والمستعملة بقيمة لا تضاهي سعرها الحقيقي.

جنون الأسعار يضرب الوكالة.. راحت عليكى يا «بالة»
وكالة البلح

جنون الأسعار يضرب وكالة البلح

وكالة البلح أشهر مكان لبيع البالة، الوكالة هو أشهر الأسواق الموجودة في القاهرة، واللى يقصدها كل الفئات بعدما بات مصدراً للأستوكات الأوروبية ويعد سوق وكالة البلح من أقدم أسواق القاهرة أنشأ فى سنة 1880، تقع الوكاله بين حي بولاق أبوالعلا الشعبي والزمالك أحد أحياء القاهرة الراقية، وأصبحت الوكالة سوقا مفتوحة لبيع الملابس المستعملة والأحذية الرياضية والجلدية والمفروشات والأجهزة.

ويقاوم أبناء حي وكالة البلح في القاهرة زحف "البلوجرز" إلى سوق الملابس المستعملة (البالة) الشهير فيه، والتي يتسابق إليه أبناء الطبقة الغنية ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، من فيسبوك وتيك توك وإنستغرام.

وتحوّل الحي المصري المطل على النيل، قبل نحو سنتين، إلى ما يشبه الـ"تريند"، بعدما انتشرت فيديوهات المشاهير عنه، ويضم موقع "يوتيوب" نحو 3 آلاف فيديو عن سوق البالة في وكالة البلح، وكيف تشتريها منها ملابس كثيرة بأقل سعر، فضلا عن آلاف المقاطع عبر إنستغرام وتيك توك وفيسبوك والتي تدعو أبناء الطبقة المتوسطة والأغنياء للشراء من الوكالة بعد ارتفاع الأسعار الذي أصاب "البراندات" (الماركات الشهيرة) في مصر.

 تحولت وكالة البلح من "مول الفقراء" وأصحاب الدخل المحدود إلى أرض جديدة للمعركة بين الأغنياء والفقراء في مصر. وكادت الوكالة تلفظ زبونها الأصلي، تاركة له بضاعة الأرصفة، مكتفية بهؤلاء القادمين من الفيديوهات المنبهرين بأسعار لا تقارَن بتلك الموجودة في أفخم المحلات التجارية، التي تبيع "ماركات" عالمية في القاهرة.

وبدلا من الدعوة إلى شراء الملابس من الوكالة، انتشرت دعوة أخرى إلى ترك الوكالة لأصحابها، بعدما شهدت محلاتها تغيرا كبيرا في مستوى الأسعار، إذ صارت فوق استطاعة أبناء الطبقة المحدودة الدخل.

وداخل شارع بولاق الجديد الشارع الرئيسى، الذى يكتظ بمئات الاستندات من ملابس البالة، ارتفعت أسعار الملابس الشتوى التي تبدأ من 150 حتى 450 جنيهًا، إذ ارتفعت أسعار الملابس المستعملة بنسبة 100% عن العام الماضي، إذ لم تعد الأسعار في متناول الجميع؛ وإنما لفئة محدودة فالملابس أصبحت مهرولة وفي حالة سيئة ويبيعها التاجر بـ 150 جنيه.

وأرجع المشترون في الوكالة سبب ارتفاع الأسعار في الوكالة إلى ترويج المشاهير من الفنانين والبلوجر والإنفلونسر لها، الأمر الذي ساعد على انجذاب شريحة كبيرة من مختلف الطبقات لها، واستغل المستوردون من البالة ذلك الأمر ورفعوا من الأسعار بشكل خيالى.

ومع الأجيال الجديدة التي تهتم بالبحث واعادة تدوير الملابس، أصبحت الوكالة وغيرها من أماكن البالة هي مقصد الشباب  من جيل Z، وإعادة التدوير لا تتوقف عند الملابس، فيوجد معرض متخصص في عرض كل الأشياء التي يمكن إعادة تدويرها من البالة في وسط البلد، حيث يسعى بشكل أساسى إلى إعادة تدوير جميع العناصر لإعادة استخدامها في صناعة الملابس والإكسسوارات، حيث يقوم القائمون على المعرض أيضًا بتوجيه الزوار لتعلم مفهوم إعادة التدوير والاستفادة الأمثل من المواد المعاد تدويرها.

وتأتي الملابس البالة من دول أوروبا وتركيا وبعض دول الخليج، لأن ثقافة المواطنين هناك عدم الاحتفاظ بما يزيد عن حاجتهم، غير أن هناك شركات متخصصة عالمية تقوم بالتجميع والفرز.

وكالة البلح: «الجاكيت بـ300 جنيه.. ومستعمل» - منوعات - الوطن
وكالة البلح

تضاعف سوق الملابس المستعملة عالميًا 

حسب تقديرات منصة إعادة البيع عبر الإنترنت «ThredUp»، فمن المتوقع أن تتضاعف سوق الملابس المستعملة عالميًا تقريبًا بحلول 2027، فمن الممكن أن يصل حجم السوق إلى 350 مليار دولار بعد 4 سنوات، في وقت تقوم فيه الشركات بتكييف المزيد من نماذج الأعمال الدائرية، كما أصبح المستهلكون أكثر وعيًا بالبيئة. 

ويشار إلى أن السلع المستعملة شهدت نموًا قويًا خلال العام الماضى، بنسبة 28%، لتصل إلى 177 مليار دولار، ومع بدايات 2024 من المتوقع أن يتكون 10% من سوق الملابس العالمية من الملابس المستعملة، كما أنه من المتوقع أن تصل تلك السوق في الولايات المتحدة إلى 70 مليار دولار بحلول 2027.

وفي حفلة يرتدى فيها الجميع أغلى الأزياء، دخلت سارة عبدالرحمن النجمة الشابة المتصدرة للأعمال التليفزيونية خلال الفترة الأخيرة بفستان خطف الأنظار، ومع ذلك فجرت الفنانة الشابة الأنيقة المفاجأة  قائلة: “هذا الفستان من الوكالة”.

بأزيائها الراقية التي تخطف الأنظار غيرت سارة نظرة كثيرين إلى ملابس الوكالة والعتبة وأماكن بيع البالة والمستعمل الذين تواروا للقادمين من الخلف وأصحاب المرتبات المتدنية المقتصرة على الأكل وقضاء اليوم، حيث يوجد هنا درر الملابس والأزياء التي جعلت من فنانة شابة تريند مصر في الملابس وجعلت من هذه الأماكن «new brand» يرغب الجميع في الشراء منه.

ومن جانبها، قالت أستاذة علم الاجتماع، الدكتورة هدى زكريا، إن الظروف الاقتصادية لطالما كانت سببا لاختيار فئات بعينها أماكن شرائها ملابسها، لذا عرفت أماكن بيع البالة بشكل عام ومن مسماها تعنى الملابس الأقل جودة، حيث كان يشتريها بشكل رئيسى الفئات الأقل اجتماعيا أو المغتربون أو غير القادرين ماديا، نظرا لأسعارها الرخيصة بالمقارنة مع ملابس المولات والأماكن الراقية.

وأضافت زكريا حلال تصريحات لها، أنه خلال العامين الأخيرين تحديدا ومع التطور التكنولوجى ووسائل التواصل الاجتماعى، أصبح هناك بحث أكبر عن المختلف وعدم التقليد، وهو أمر بدأته فئات أكثر راحة اقتصاديا وذهبوا لعمل طرق مختلفة لما يقدمونه على وسائل التواصل الاجتماعى، ومنها أماكن أقل سعر لبيع الملابس، خاصة مع ارتفاع الأسعار في كل منطقة كما لم يتوقفوا عند السعر فقط؛ إنما ذهبوا لموضوع الجودة والشكل مع تجربة هذه الملابس في حفلات مهمة، ما جعل كل الأماكن متاحة لكل الطبقات في النهاية.

وأشارت إلى أنه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العالم كله، أصبح من الصعب اعتبار أماكن بعينها محصورة على فئات اجتماعية دون غيرها، خاصة أن أسعار الملابس تكون مبالغا فيها كثيرا داخل المولات وبعض المناطق، لا سيما في القاهرة الكبرى، وبالتالى بدأ الجميع اللجوء إلى البالة وهى البدائل الأرخص، وإعادة التدوير والبحث عن المختلف وهو ما أتاح فرصة ذهبية للعاملين في هذه المناطق للتطوير أيضا.

وتابعت: هناك تطوير واضح في هذه المناطق منذ فترة ليست بالقليلة مع اتجاه كثير منهم للترويج لمنتجاته بشكل مختلف من خلال الوسائل الجديدة لمواقع التواصل الاجتماعى، وهو أمر محمود في هذه الوسائل ويجب التأكيد عليه مع مزيد من التطوير سيؤدى إلى نقلة في هذه المناطق وتحولها إلى مناطق تجارية كبرى.