في مشهد سياسي محمّل بالغموض والمراهنات، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ ساعات قليلة لتفتح باب التأويلات واسعًا بشأن توجهات واشنطن المقبلة تجاه الملف الفلسطيني، وتحديدًا قطاع غزة، بالتوازي مع ملف إيران النووي.
حين يصرّح ترامب، وهو المعروف بنزعته إلى الإثارة السياسية و"المفاجآت الدراماتيكية"، بأن "هناك الكثير من الحديث حول غزة" وأن "المزيد سيتضح خلال 24 ساعة"، فإن الأمر لا يُفهم ببساطة على أنه مجرد تلميح دبلوماسي. بل هو – على الأرجح – إشارة إلى طبخة سياسية يجري إعدادها في الكواليس، خاصة في ظل الحديث عن احتمال تقديم مقترح جديد يتعلق بصفقة تبادل أسرى قبل زيارته المرتقبة إلى المنطقة.
جاءت تصريحات ترامب بالتزامن مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن قرب صدور قرار بشأن استئناف دخول المساعدات إلى غزة، ما يُرجّح أن واشنطن تخطط لتحرك منسق، سواء عبر قنوات دبلوماسية أو ضمن صفقة أكبر تشمل وقف إطلاق نار مؤقت أو تبادل أسرى.
وفي ظل تزايد الانتقادات العالمية للولايات المتحدة بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل، قد تكون إدارة ترامب – التي تسعى إلى استباق حملة انتخابية حاسمة – بصدد توظيف هذا الملف الإنساني لصالح تحسين صورتها أمام الرأي العام الدولي والمحلي.
الأهم أن تصريحات ترامب حول غزة لم تكن معزولة عن الملف الإيراني، إذ جاء في نفس السياق تأكيده أن الولايات المتحدة لم تحسم بعد موقفها من السماح لإيران ببرنامج تخصيب نووي محدود. وبالرغم من حديثه سابقًا عن "تفكيك كامل" للبرنامج النووي الإيراني، إلا أنه بدا أكثر مرونة عندما أشار إلى إمكانية السماح لإيران باستخدام الطاقة النووية لأغراض مدنية.
هذا التزامن في الحديث عن الملفين – غزة وإيران – يُفسر على ضوء البعد الإقليمي المتشابك؛ فكل تحرك تجاه غزة لا يمكن فصله عن النفوذ الإيراني في المنطقة.
من المرجح أن تكون تصريحات ترامب محاولة مزدوجة لتوجيه رسائل متعددة: أولًا، لحلفائه في إسرائيل بأنه ما زال يملك مفاتيح الملف الفلسطيني؛ وثانيًا، للعالم الخارجي بأنه منفتح على تسويات "عقلانية" قد تشمل تخفيف التوتر الإقليمي إذا تم التعامل معه بصفقة شاملة.