قالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف إن الوقوف بعرفة، هو الركن الأعظم في الحج، لا يُشترط له الطهارة، سواء من الحدث الأصغر أو الأكبر، مستندة في ذلك إلى ما رواه الإمام البخاري عن حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، حين حاضت في أثناء حجها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".
واستدل العلماء بهذا الحديث على أن الطهارة ليست شرطًا في جميع مناسك الحج، وإنما تُشترط فقط للطواف بالبيت، أما باقي المناسك كالسعي والوقوف بعرفة ورمي الجمار، فلا يُشترط فيها الطهارة، وإن كانت الطهارة مستحبة.
وأكدت اللجنة أن الحائض والنفساء يشملهما هذا الحكم، ويكون وقوفهما بعرفة صحيحًا مجزئًا، ولا ينقص من أجرهما أو من فضائل ذلك اليوم شيء، لأن الحيض والنفاس أمران خارجان عن إرادة المرأة، ولا تملك تأجيل وقوفها.
هل الاغتسال من واجبات الوقوف بعرفة
من جانبها، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الغسل قبل الوقوف بعرفة يُعد من السنن المستحبة للحاج، وليس من الواجبات أو الشروط.
وأشارت إلى أن جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية ذهبوا إلى أن الاغتسال لعرفة سنة مؤكدة، أما الحنفية والمالكية في المعتمد عندهم فاعتبروه من المستحبات.
واستشهدت دار الإفتاء بما روي عن الصحابة رضوان الله عليهم، حيث كانوا يحرصون على الاغتسال قبل التوجه إلى عرفة، فقد رُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "تغتسل يوم الجمعة، وفي العيدين، ويوم عرفة"، كما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يغتسل عشية عرفة.
وبيَّنت الإفتاء أن الحكمة من استحباب الغسل قبل الوقوف بعرفة تعود إلى أن هذا اليوم يجتمع فيه الناس من كل حدب وصوب في مكان واحد لأداء عبادة عظيمة، فشُرع لهم الغسل كما شُرع لصلاة الجمعة والعيدين، لما في ذلك من النظافة والتطيب وتعظيم الشعائر.
وأكدت الإفتاء أن من لم يتمكن من الغسل قبل عرفة فلا إثم عليه، ولا يؤثر ذلك على صحة حجه أو على أداء هذا الركن العظيم، ويُسن له حينئذٍ إن عجز عن الغسل أن يتيمم، كما أشار الإمام النووي في "المجموع".
وبناءً عليه، فإن الطهارة ليست شرطًا في الوقوف بعرفة، والغسل له سنة وليس بواجب، فمن اغتسل نال أجرًا، ومن لم يغتسل فلا حرج عليه، وحجه صحيح بإجماع أهل العلم.