فتش عن التمويل لتتوصل الى مصدر الإرهاب.. حيث شهدت الجماعة الإرهابية تغلغلا غير عادي داخل مؤسسات الدولة، في فترة حكم الإخوان بسبب التمويل الضخم الذي تتلقاه الجماعة، فبدأت الشراكات المشبوهة والتدخلات برعاية الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي، الذي سمح ليد الجماعة بالتغلغل خاصة في المؤسسات الإقتصادية، لتوجية الاقتصاد في خدمة الجماعة.
ثروة امبراطورية الإخوان
لا توجد إحصاءات أو تقديرات دقيقة حول الثروة التي يمتلكها تنظيم الإخوان، بوجه عام، فجميعها عبارة عن تقديرات تقريبية، بُنيت على مؤشرات تتعلق بالاستثمارات التي تم الوصول إليها والتأكد من تبعيتها للتنظيم.

لكن تلك المؤشرات تعكس إلى حدٍ كبير ضخامة هذه الإمبراطورية، خاصة تلك المتعلقة بالأرقام المعلنة من جانب اللجنة القضائية المُشكلة لحصر أموال الإخوان في مصر منذ عام 2014 في أعقاب وضع الجماعة على قوائم الإرهاب وحظر أنشطتها وتعقب مصادر تمويلها.
أهمية البعد الاقتصادي لدى الإخوان
يمكن الاستدلال على أهمية البعد الاقتصادي لدى جماعة الإخوان، من خلال عدد من النقاط كالآتي:
أولاً: يمثل الاقتصاد بالنسبة لجماعة الإخوان حجر الزاوية وضمانة الاستمرار منذ نشأتها عام 1928 على يد حسن البنا، الذي سرعان ما بدأ في تأسيس إمبراطورية التنظيم المالية التي بدأت مع تدشين شركة للأوراق المالية عام 1938، ثم اعتمدت الجماعة على توسيع نشاطها الاقتصادي منذ ذلك التاريخ مروراً بتأسيس ما يعرف بالاقتصاد الإسلامي، وتأسيس شركات نقل البضائع، وتجارة الأقمشة والسلع الغذائية، والاستحواذ على توكيلات العلامات التجارية وأيضاً سوق الصرافة، والبنوك، والكومبيوتر، والإنترنت.

ثانيا: برزت الأهمية القصوى للملف المالي داخل تنظيم الإخوان بالتزامن مع توظيف الأموال لخدمة “العنف” في أعقاب عام 2013، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال محورين: الأول يتعلق بالصراعات الداخلية الطاحنة بين قيادات الجماعة للسيطرة على مصادر التمويل، وأبرزها حالة الصراع بين القيادي الإخواني محمد كمال، المُشرف على نشاط الأذرع المسلحة للتنظيم، ومحمود عزت القائم بأعمال المرشد العام، وقتها، بعد القبض على المرشد محمد بديع، وما نتج عن هذا الصراع من إعلان المجموعة التي أطلقت على نفسها “الكماليون”، نسبة للأول، انشقاقها عن التنظيم وعدم الاعتراف بشرعية الثاني، واستمر النزاع قوياً ومؤثراً في الجماعة حتى مقتل كمال في مداهمة لقوات الأمن المصرية شهدت تبادلاً لإطلاق النار مع مجموعته عام 2016، ومن ثم تمكن محمود عزت من إحكام سيطرته بشكلٍ كامل على كافة مفاصل التنظيم حركياً ومالياً.
ثالثاً: حاولت الجماعة منذ بداية ظهور الخلافات حول القيادة للعلن عام 2016 توظيف الأمر لخدمة بعض أهدافها، بادعاء أن الخلاف بين عزت وكمال كان “أيدولوجياً”، يتعلق بمسألة استخدام العنف والأذرع المسلحة للتنظيم، ولكن تطورات الصراع، والمعلومات التي جاءت على لسان قيادات التنظيم فيما بعد أكدت زيف هذا الإدعاء.
رابعاً: تمثلت السيطرة على الملف المالي، الأداة الناجحة لطرفي الصراع في حسمه، ومحو أية قدرة للتأثير من جانب الطرف الآخر، خاصة أن أدوات الحسم ترتبط جميعها بالملف المالي سواء في مسألة استرضاء القواعد بالعودة إلى تقديم الدعم المالي المطلوب لهم ولذويهم، أو السيطرة على وسائل الإعلام التابعة للتنظيم وتوجيهها لخدمته، فضلاً عمّا تتيحه الموارد المالية من قدرة في التحكم في كافة الروابط التنظيمية التابعة للتنظيم بشكل مباشر أو المؤسسات التي تعمل لصالحه تحت عطاءات مختلفة.
خامساً: يمثل الاقتصاد ركيزة رئيسية لدى جماعة الإخوان المسلمين، حيث يتم توظيفه في خدمة مشروع الجماعة الفكري والسياسي من ناحية، والتغلغل في المجتمع من ناحية ثانية من خلال بناء المشروعات ذات الطابع الخدمي التي تستهدف الفئات الفقيرة والمهمشة في المجتمع. كما لا يمكن، بأية حال، فصل المشروع السياسي عن نظيره الاقتصادي داخل جماعة الإخوان، فكلاهما يرعى الآخر ويسهم في بقائه وتنميته، ويعتبر الاقتصاد هو كلمة السر في بقاء الجماعة حتى الآن، فهو الدرع الواقي الذي يحمي الكيان من الاختفاء، خاصة وأن التنظيم الدولي له كيان اقتصادي متشعب في أكثر من 80 دولة.
محاور عمل لجان الاخوان اقتصاديا ومحاولات إيقاع الدولة
عملت اللجنة الاقتصادية داخل الإخوان على محورين، الأول: تعزيز اقتصاد الجماعة والحفاظ على أكبر قدر من مصادر التمويل بعيداً عن الملاحقات.

والثاني: هو ضرب الاقتصاد الرسمي المصري، لصالح الاقتصاد الموازي (الخاص بالتنظيم)، وبحسب البيان الصادر عن وزارة الداخلية المصرية، آنذاك، كان حسن مالك يخطط مع مجموعة من قيادات الإخوان في الخارج لتنفيذ مخطط لضرب الاقتصاد المصري لصالح اقتصاد التنظيم، ورفع قيمة الجنيه لإنهاك الدولة المصرية باستغلال شركات الصرافة الإخوانية، وقد وضعت الجماعة مبلغاً شهريا لهذا المخطط يقدر بـ” 500 مليون دولار” ـ بحسب ما جاء في نص التحقيقات ـ ثم تبين من التحقيقات التي جرت في وقت لاحق من العام نفسه، أن حسن مالك ونجله والقيادي الإخواني عبد الرحمن السعودي، كانوا يتولون إدارة اللجنة الاقتصادية المركزية التابعة لمكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان التي تهدف لتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على رجال القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما والمنشآت العامة والإضرار بالاقتصاد القومي بالبلاد، وقد نجحت الجهود المصرية سواء الأمنية أو الرقابية والقضائية في محاصرة نشاط اللجنة الاقتصادية للتنظيم وبالتالي قطع أحد أهم أذرعه في الداخل المصري.