قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الإخوان بعد 30 يونيو.. من أوهام التمكين إلى دروب التيه

30 يونيو
30 يونيو

في مثل هذا التوقيت من كل عام، تتجدد الذاكرة الوطنية المصرية باستدعاء لحظة فارقة في تاريخها الحديث، لحظة اجتمع فيها الشعب على كلمة واحدة: "لا لحكم الإخوان". 

فثورة 30 يونيو لم تكن مجرد انتفاضة ضد حكم جماعة، بل كانت إعلانًا صريحًا برفض مشروع أراد اختطاف الوطن لحساب أجندات خارجية، متدثرة بشعارات دينية، ومتسلحة بخطاب مزدوج لم يصمد طويلًا أمام واقع ممارساتها.

وبعد مضي 12 عامًا على تلك الثورة العارمة، يبدو أن التنظيم الذي طالما قدّم نفسه كـ«مشروع أمة»، لم يعد سوى شبحًا مهزومًا، يعيش حالة من التآكل الذاتي، والتشظي التنظيمي، والغربة الوجودية عن الواقع السياسي والاجتماعي في مصر والمنطقة.

تنظيم مأزوم وغربة وجودية

بحلول الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، لا يبدو أن جماعة الإخوان تعيش فقط انكسارًا سياسيًا، بل حالة من الغربة الشاملة عن الواقع. فذلك التنظيم، الذي سوّق لنفسه لعقود على أنه حاضنة فكرية ومشروع نهضوي بديل، بات عبئًا تاريخيًا تتنكر له الشعوب وتتجنبه العواصم، بعدما تكشفت الوظيفة الحقيقية التي كان يؤديها: أداة مأجورة في مشاريع استعمارية وأداة ابتزاز في لعبة التوازنات الإقليمية والدولية.

وقد كشفت ثورة 30 يونيو هشاشة المشروع الأخلاقي والفكري للتنظيم، وأسقطت أوراق التوت عن شعاراته، مما أدى إلى تفكك البنية التنظيمية إلى 3 جبهات متصارعة: جبهة إسطنبول، جبهة لندن، وجبهة الداخل المصري، فضلًا عن محاولات بائسة لاستعادة شرعية منعدمة من خلال الإعلام الممول خارجيًا والخطابات الاستهلاكية.

من خطاب الأمة إلى عبء التاريخ

يرى الخبراء أن التنظيم يعيش اليوم في مرحلة "موت سريري"، يعاني فيها من الملاحقة الأمنية، والانقسام الداخلي، والتآكل الذاتي، فبين منفى وملاحقة وخطاب بائس، تبدو نهاية الجماعة أقرب إلى نهاية حركات تجاوزها الزمن وانكشفت مقاصدها.

ويؤكد النائب طارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن الجماعة أصبحت في موضعها الطبيعي كتنظيم منبوذ، ليس فقط من الشعب المصري، بل من المجتمع الإقليمي والدولي، بعدما باتت تُصنّف باعتبارها "المنبع الرئيسي لكل جماعات الإرهاب في العالم".

ما بعد الإقصاء.. مشروع استعماري مكشوف

بعد إسقاط حكم الإخوان في 30 يونيو، واجهت الدولة المصرية تحديات أمنية كبرى، شملت موجات عنف وإرهاب منظّمة. غير أن القيادة السياسية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضعت استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب، نجحت في تفكيك خلايا الجماعة وقطع أوصالها التنظيمية، لتنهار معها شبكة العلاقات السرية التي ربطت التنظيم بمشاريع خارجية، بعضها دولي وبعضها إقليمي غير عربي.

الجماعة كانت ولا تزال أداة في أيدي قوى استعمارية تسعى لتفكيك الدولة الوطنية، وأدى التنظيم دورًا وظيفيًا مفضوحًا ضمن أدوات الضغط والابتزاز والتخريب، مستخدمًا غطاء الدين لأداء أجندات استخباراتية.

وأثبت الواقع العملي فشل الإخوان في الحكم، بعد أن تم اختبارهم لوجستيًا وسياسيًا، حيث لم يجد المواطن منهم سوى شعارات جوفاء، وسياسات كارثية، أسفرت عن ما وصفه بـ"أكبر نكسة" سياسية واجتماعية للعرب والمسلمين في العصر الحديث.

هل انتهى مشروع الجماعة؟

رغم السقوط المدوي لجماعة الإخوان في مصر وعدة دول عربية، إلا أن "مشروع الجماعة لم ينتهِ كليًا"، طالما بقيت القوى الخارجية التي تستخدمها قائمة. 

فالإخوان دائمًا ما يسوّقون أنفسهم كأداة تحت الطلب، سواء للاختراق أو لخلق الفوضى أو لإعادة تدويرهم عند الحاجة في مشهد سياسي متأزم.

ولكن الدولة المصرية سبقت الجميع في التعامل مع خطر الجماعة، وتفكيك بنيتها قبل أن تتمكن من إحكام قبضتها على مفاصل الدولة، مؤكدًا أن ثورة 30 يونيو ستظل محطة فاصلة في تاريخ الأمن القومي المصري والعربي، ودرعًا منيعًا أمام أي محاولة لإعادة تسويق التنظيم من جديد.

وبعد 12 عامًا من اندلاع ثورة 30 يونيو، يتضح أن ما حدث لم يكن مجرد تغيير سياسي، بل تصفية كاملة لمشروع كان يُراد له أن يستبدل الوطن بهوية دخيلة، وأن يجعل من مصر نقطة ارتكاز لمشروع تفتيتي مدمر. 

واليوم، يقف الإخوان في موقع العزلة والتآكل، بينما تمضي الدولة المصرية نحو الاستقرار والبناء، وقد تعلمت من الدرس، وأعدّت العدة لكل من تسوّل له المساس بقرارها الوطني المستقل.