أكدت دار الإفتاء المصرية أن اجتماع المصلين عقب صلاة العصر يوم الجمعة على الذكر الجماعي الجهري، مثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصيغة محددة وعدد معين، لا حرج فيه شرعًا، بل هو من الأمور المشروعة التي ثبتت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة قديمًا وحديثًا.
وأوضحت الدار أن الجهر بالذكر مشروع بإجماع طائفة من أهل العلم، وقد خصص كبار العلماء مؤلفات لتأكيد مشروعيته، مثل الإمام السيوطي في رسالته "نتيجة الفكر في الجهر بالذكر"، وكذلك العلامة اللكنوي في كتابه "سياحة الفكر في الجهر بالذكر"، وغيرهما.
وأشارت الإفتاء إلى أن الصلاة على النبي مأمور بها شرعًا على جهة الإطلاق، ما يعني أنها جائزة في جميع الأزمنة والأمكنة والأحوال، ولا يصح تقييدها إلا بدليل.
واستدلت الإفتاء بآيات من القرآن الكريم مثل قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا • وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾،
وكذلك قوله:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾،
وهي نصوص تدل على مشروعية الذكر الجماعي.
كما بيَّنت أن الحديث القدسي: "إن ذكرني في ملأٍ، ذكرته في ملأٍ خير منهم" يؤكد جواز الجهر بالذكر، وهو ما أقره الحافظ ابن الجزري، والحافظ السيوطي الذي جمع أكثر من 25 حديثًا تدعم استحباب الجهر بالذكر، خاصة إذا خلا من الرياء ولم يُسبب إيذاء للمصلين أو النائمين.
وفي السياق ذاته، أشارت إلى أن الجهر بالذكر وارد أيضًا في سنة النبي ﷺ في مناسبات مثل العيدين، حيث أمر بإظهار التكبير، وكان يخرج مرفوع الصوت بالتهليل حتى يبلغ المصلّى، كما نُقل عن الحسن بن علي وابن عمر رضي الله عنهم.
و شددت دار الإفتاء على أن من يبدّع هذا النوع من الذكر الجماعي إنما يقع في نوع من البدعة؛ لأنه يضيّق ما وسّعه الشرع، ويُخالف ما ورد في نصوص الكتاب والسنة، وهدي الصحابة والتابعين وأئمة الفقه.