قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان النبي ﷺ جلس إلى صحابته الكرام، وقال لهم :" انقطعت النبوة، فلا نبي بعدى ولا رسول". فتخيل الصحابة أن خبر السماء قد انقطع، وأن الوحى قد انتهى، وأن المرجع الأعلى ﷺ لن يكون فيهم، فشق ذلك عليهم، وتكلم بعضهم مع بعض؛ منهم من بكى، ومنهم من قد حزن حزنًا شديدًا، ومنهم من قد اعتزل الناس، لما تصوروا أن هذا اليقين، وهذه اللطافة، وتلك الحلاوة سيحرمون منها، خاصة بعد أن ينتقل رسول الله ﷺ إلى الرفيق الأعلى.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه لما انتقل ﷺ إلى الرفيق الأعلى، قالوا : "أنكرنا قلوبنا". تخيل نفسك وقد انفتحت لك أبواب السماء، ورب العالمين يخاطب نبيه أمامك، ثم تخيل أن هذا الباب قد أغلق، فشق ذلك على الصحابة.
فسلاهم النبي ﷺ وقال: " انقطعت النبوة، وبقيت المبشرات". قالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: " الرؤية الصالحة يراها العبد الصالح، أو ترى له" .
فأرشدنا إلى أن الله لا يقطع مدده عن المحسنين من عباده, وأن رحماته تظل تنزل على عباده، وأنه لا يكون محسنًا إلا من كان من أمة المسلمين، ولا يكون محسنًا إلا من اتقى الله في السر والعلن، ولا يكون محسنًا إلا من تورع عن حرمات الله، ولا يكون محسنًا إلا من ذكر الله كثيرًا، فمن كانت هذه صفته، بقيت المبشرات فيه بالرؤيا الصالحة يراها, ومنه حين يذكر الله عندما يراها، وله حين يراه الناس في رؤاهم.
والنبي ﷺ علق الرؤيا على النظر، علي نظر البصيرة لا على السمع، فقال ﷺ: "من رآني فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل بي ". نعم، الشيطان لا يتمثل بسيدنا رسول الله ﷺ، لا في المنام ولا في اليقظة.
وقد قال العلماء: علق النبي ﷺ الرؤيا بالنظر والصورة والشكل، لا بالكلام والسمع . فإن شكا بعض الناس أنهم رأوا رسول الله ﷺ في المنام، وسمعوه يقول ما يخالف الشريعة، فليعلموا أن الرؤية حق، وأن الكلام الذي يخالف الشرع قد يكون من إلقاء الشيطان، فمناط الرؤيا الشكل والصورة، لا السمع والكلام.
فلو في المنام كلامًا يخالف الكتاب والسنة، أو يخالف الواقع المحسوس، أو كان أمرًا بمنكر، أو نهيًا عن معروف، أو دعوة إلى إثم، أو قطيعة رحم، فاعلم أن ذلك مرفوض مردود، ولو أنك قد رأيت صورة سيدنا محمد ﷺ؛ لأن الصورة حق،وأما الكلام فليس هو مناط الرؤيا.
الرؤيا حق، خاصة إذا كانت في النبي ﷺ , ومناطها إنما هو الصورة لا السمع، وهي ليست بحجة إذا خالفت الشرع الشريف أو الواقع المعيش.