يتساءل البعض عن معنى قوله تعالى «غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، بل إن كثيرا من المصلين يرددها دون فهم معناها، وفي كتابه "التفسير الوسيط"، قدّم الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، رؤية شاملة ومعمقة لتفسير ختام سورة الفاتحة، مركّزًا على دلالة قوله تعالى: "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" وما يتبعها من كلمة "آمين"، التي تُعد من أبرز مواضع الدعاء في الصلاة.
وأوضح الشيخ طنطاوي رحمه الله أن "المغضوب عليهم" هم اليهود وكل من عرف طريق الحق وأعرض عنه عمدًا، مشيرًا إلى أن هذا الوصف لا يقتصر على قوم بعينهم، بل يشمل كل من يعلم ولا يعمل. واستشهد بآيات من سورتي البقرة والمائدة للدلالة على غضب الله على من كفروا بنعمه وعاندوا أنبياءه، ومنهم من مسخهم الله بسبب عنادهم.
أما "الضالون"، فقد بيّن فضيلته أنهم النصارى ومن شابههم ممن ضلّوا الطريق عن جهل، فطلبوا الهداية في غير موضعها، وانحرفوا عن الصراط المستقيم بسبب غياب العلم والبصيرة.
وفي تفسيره لكلمة "آمين"، أكد الشيخ طنطاوي أنها ليست من القرآن الكريم، لكنها تُقال بعد الفاتحة بمعنى "اللهم استجب"، وهي دعاء يُعبّر به المسلم عن رغبته في أن يُثبّته الله على طريق الهداية، وأن يجنّبه سبل الغضب والضلال.
وأشار إلى أن سورة الفاتحة، بحسب ما ورد في تفسيره، تجمع بين أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، كما تتضمن الإقرار بالنبوة، والإيمان باليوم الآخر، والاحتكام إلى القدر، والرد على أهل البدع، مما يجعلها فاتحة عظيمة للقرآن الكريم، ودليلاً واضحًا على إخلاص العبادة لله وحده.
رحم الله الشيخ محمد سيد طنطاوي، فقد ترك تراثًا علميًا قيمًا لا يزال مرجعًا للباحثين وطلاب العلم في علوم القرآن والتفسير.