في إنجاز علمي جديد يُضاف إلى سجل الاستكشافات الكونية، التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) صورة فائقة الدقة تعد من أعمق ما تم رصده في تاريخ الفلك، كجزء من مشروع المسح المتقدم العميق خارج المجرات (JADES) الذي يهدف إلى دراسة منطقتين تم تصويرهما سابقا بتلسكوب هابل حقل هابل العميق (1995) وحقل هابل العميق للغاية (2004)، وذلك باستخدام قدرات الأشعة تحت الحمراء المتطورة.
رصد لحظة نادرة من فجر الزمن الكوني
وبحسب ما نقله موقع "Space"، فإن تلسكوب هابل رغم إنجازاته، يظل محدودًا في قدرته على التقاط الضوء عند الانزياحات الحمراء الكبيرة، أي تلك التي تمثل المجرات الأولى التي ظهرت بعد الانفجار العظيم.
فمع تمدد الكون، يتحول الضوء المرئي الصادر من تلك المجرات إلى أطوال موجية تقع في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وهي أطوال لا يستطيع هابل رصدها وهنا، جاء دور "جيمس ويب" الذي فتح نافذة جديدة لرؤية الكون كما لم نشهده من قبل.
أكثر الصور تفصيلًا للكون في مراحله المبكرة
التلسكوب الذي يبلغ قطر مرآته الرئيسية 6.5 مترًا، استخدم كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة للحصول على نظرة معمقة على الحقل العميق، وتم تعزيز هذه الأرصاد بأداة التصوير العميق (MIDIS) لالتقاط الصورة الأخيرة التي وصفت بأنها من أكثر الصور تفصيلًا للكون في مراحله المبكرة.
الصورة تظهر جزءًا من الحقل فائق العمق، وتحتوي على نحو 2500 مجرة مرئية، أربعة أخماسها ذات انزياح أحمر عالٍ، وهو ما يعني أن الضوء الصادر منها يعود إلى فترة لا تتجاوز 380 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، أي قبل حوالي 13.4 مليار سنة، وهي فترة قريبة جدًا من فجر نشأة الكون.
وتكشف الصورة أيضًا عن تنوع هائل في خصائص المجرات، إذ تظهر مئات المجرات الحمراء التي إما لا تزال في طور تكوين النجوم ومحاطة بغبار بين نجمي كثيف، أو أنها مجرات ناضجة تحتوي على نجوم قديمة تعود إلى المراحل الأولى من عمر الكون. أما المجرات البيضاء المخضرة، فهي تلك التي تتمتع بأعلى انزياحات حمراء، ويُعتقد أنها تشكلت خلال المليار سنة الأولى من تاريخ الكون.
ويواصل علماء الفلك تحليل هذه البيانات الفريدة لإعادة بناء مشهد تطور المجرات منذ فجر الكون وحتى يومنا هذا، في محاولة لفهم الآليات التي شكلت هذا الكون المترامي الأطراف.
ما هو الانفجار العظيم؟
تُعد نظرية الانفجار العظيم الركيزة الأساسية لفهم نشأة وتطور الكون.
وتفترض هذه النظرية أن الكون بدأ من حالة شديدة الكثافة والحرارة، ثم بدأ يتمدد ويتوسع ليصل إلى شكله الحالي.
وتشير التقديرات العلمية إلى أن لحظة الانفجار العظيم وقعت قبل نحو 13.8 مليار سنة، وهو ما يُمثل العمر التقديري للكون.