أصدرت قوات سوريا الديمقراطية بيانًا رسميًا تعكس فيه التوتر والدقة السياسية التي تميز العلاقة بين الإدارة الكردية القوية والحكومة السورية، دعَت خلاله الحكومة إلى ضبط عناصرها وضرورة احترام الاتفاقيات المبرمة سابقًا.
جاء ذلك في سياق اجتماعات وعقد تفاهمات يمهد الطريق لمرحلة جديدة في أعقاب اتفاق الدمج التاريخي بين الطرفين.
الاجتماع الذي جمع قادة من “قسد” مع وفد دمشق في الحسكة شهد تأكيدًا على ضرورة وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية. كما تم التطرق إلى تشكيل لجان تنفيذية تبدأ أعمالها بدءًا من أبريل القادم.
وفي هذا الإطار، عبّرت "قسد" عن حرصها على أن يكون تطبيق الاتفاقية قائمًا على أطر واضحة تضمن حق كل طرف بتمثيل عادل دون إقصاء.
هذا الاتفاق الذي وُقِّع في 10 مارس 2025 بين رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، يشكل خطوة بارزة نحو دمج مؤسسات الإدارة الذاتية ضمن الدولة، واحتضان تنظيماتها المدنية والعسكرية ضمن مؤسسات الدولة، بما في ذلك المعابر والمطارات وحقول النفط والغاز.
وقد وصف كثير من المراقبين هذا الاتفاق بأنه تاريخي، إذ يمثل فرصة لتعزيز استقرار البلاد عبر تأكيد وحدة الأراضي وحماية حقوق المكونات كافة، مع ضمان حصول المجتمع الكردي على موقعه الدستوري الكامل.
إلا أن "قسد" لا تخفي مخاوفها من التجاوز أو البطء في التنفيذ، لذا جاءت دعوتها للحكومة لضبط عناصرها والالتزام بتنفيذ الاتفاقيات انعكاسًا للحذر من الانحراف عن المسار المتفق عليه. كما أن ذلك يجعلها شريكًا فاعلًا في مرحلة بناء المؤسسات وإعادة الاعتبار للدولة في المناطق المحررة، بدل الانزلاق نحو فراغ أو توترات جديدة.
من وجهة نظر المتابعين، فإن التشديد على ضبط التنفيذ والالتزام بالاتفاق يعزز من مصداقية "قسد" كطرف مؤهل للمساهمة في تنظيم الأمن المحلي وفي الفعل السياسي، وهي خطوة أساسية لبلورة حكومة انتقالية ذات شرعية وطنية جامعة، بعيدًا عن تفاهمات قسرية أو أحادية.
يعبّر هذا الموقف عن فهم عميق لطبيعة المرحلة الانتقالية الحسّاسة، حيث إن "قسد" متجهة بخطى حذرة نحو إنهاء حالة الاستثناء والمسؤوليات الذاتية، نحو دمج تدريجي ومتكافئ في الدولة، مع حرص على اعتبار ذلك مصلحة وطنية لم تتخلّ الدولة عنها. ومن هذا المنظور، فإن ضبط الحكومة لعناصرها والالتزام بالاتفاق ستبعث رسائل إيجابية داخليًا ودوليًا، تهيئ البلاد لتحولات سلمية تستوعب كل مكوناتها.