تعد صلاة النوافل من السنن التي أوصى الإسلام بالحرص عليها لما تحمله من فضل عظيم، فهي سبيل للتقرب من الله تعالى وتمحو الذنوب وتعالج النقص الذي قد يقع في أداء الفريضة، ومع ذلك يظل التساؤل قائمًا: هل يشترط وجود نية معينة قبل أداء النوافل؟
الدكتور فتحي عثمان الفقي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، يوضح أن النية تُعد ركنًا من أركان الصلاة أو شرطًا من شروطها، فلا تصح الصلاة إلا بها، إلا أن موضع الاختلاف يكمن في حكم النية الخاصة بصلاة النوافل.
الحنفية قالوا: لا يشترط تعيين صلاة النافلة سواء كانت من السنن أو غيرها، بل يكفي أن ينوي المصلي مطلق الصلاة، إلا أن الأولى والأحوط في السنن أن ينوي المصلي متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن الأحوط في صلاة التراويح أن ينوي التراويح أو سنة الوقت أو قيام الليل، وإذا وجد المصلي جماعة يصلون ولم يعلم إن كانوا في صلاة التراويح أو في صلاة الفرض وأراد أن يصلي معهم، فليجعل نيته لصلاة الفرض، فإن تبين أنهم في صلاة الفرض أجزأه، وإن تبين أنهم في التراويح انعقدت صلاته نافلة.
أما المالكية فقد أكدوا أن الصلاة غير المفروضة تنقسم إلى سنن مؤكدة، مثل صلاة الوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء، وهذه يجب تعيينها بالنية فيقول المصلي نويت صلاة الوتر أو صلاة العيد وهكذا.
بينما الشافعية قسموا صلاة النافلة إلى ثلاثة أقسام: نوافل لها وقت معين كالسنن الراتبة وصلاة الضحى، ونوافل لا وقت لها ولكن لها سبب كصلاة الاستسقاء، ونوافل مطلقة.
فإذا كانت النافلة ذات وقت معين أو لها سبب فإنه يلزم قصدها وتعيينها في النية، كأن ينوي سنة الظهر القبلية أو البعدية، ويكون القصد والتعيين مقارنين لأي جزء من أجزاء تكبيرة الإحرام.
أما إن كانت النافلة مطلقة فيكفي مجرد قصد الصلاة عند التكبير دون الحاجة لتعيينها، ويلحق بالنفل المطلق النوافل ذات السبب التي يمكن أن تغني عنها صلاة أخرى مثل تحية المسجد، حيث تكفي عنها أي صلاة يؤديها المسلم عقب دخوله المسجد.
أما الحنابلة فقالوا إنه لا يشترط تعيين السنة الراتبة كأن ينوي سنة الظهر أو العصر، بينما يشترط في صلاة التراويح تحديد النية بأنها تراويح، أما في النفل المطلق فلا يلزم التعيين ويكفي نية مطلق الصلاة.
وخلاصة الأمر أن النية تختلف بحسب نوع الصلاة؛ فإذا كانت فرضًا وجب قصد فعل الصلاة مع تعيينها كأن ينوي صلاة الظهر أو العصر، ويضيف إليها قصد الفرضية، أما إذا كانت نافلة فإن كانت من النوافل المؤقتة أو النوافل ذات السبب وجب قصدها وتعيينها مثل راتبة الفجر أو صلاة الكسوف، وإن كانت من النفل المطلق فيكفي قصد فعل الصلاة دون الحاجة إلى تعيين أو تحديد.