أعاد اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجي، فتح ملف "القوة العربية المشتركة"، وهو المشروع الذي طُرح منذ سنوات في إطار جامعة الدول العربية، لكنه لم يرَ النور حتى الآن.
فرج، الذي سبق أن دعا لتأسيس هذه القوة منذ أكثر من عقد، يرى أن غياب الإرادة السياسية وتدخلات القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، جعلت هذا الحلم العربي معلقًا بين الواقع والخيال.
فكرة الدفاع العربي المشترك
أوضح فرج أن مبدأ الدفاع العربي المشترك ليس جديدًا، إذ تنص عليه مواثيق جامعة الدول العربية، بل أن رئيس أركان الجيش المصري يشغل موقع القيادة المفترضة لتلك القوة.
لكن التجارب السابقة، مثل تجربة "درع الخليج"، لم تحقق نتائج ملموسة على الأرض، وهو ما يجعله متشككًا في إمكانية تنفيذ هذه المبادرات عمليًا.
معوقات التنفيذ
يرى فرج أن أي تحرك نحو إنشاء قوة عربية فعلية لن يحظى بقبول أمريكي، خاصة في ظل ارتباط بعض الدول العربية بعلاقات مباشرة مع واشنطن.
وأشار إلى أن اللقاءات الأخيرة، مثل اجتماع رئيس الوزراء القطري مع مسؤولين أمريكيين، تعكس أن الإرادة الحقيقية ليست في يد العرب وحدهم.
كيف يمكن أن تتشكل القوة؟
تحدث فرج عن السيناريو الافتراضي لتشكيل هذه القوة، موضحًا أن الأمر نظريًا بسيط.. كل دولة تساهم بقوة عسكرية تتناسب مع حجم جيشها. فمصر مثلًا يمكن أن تقدم فرقة قوامها نحو 40 ألف جندي مدعومين بسلاح الطيران، بينما تساهم الأردن أو المغرب بكتيبة أو لواء، ثم تُنظم هذه القوات تحت قيادة موحدة بمهام محددة. لكنه شدد أن كل ذلك "يبقى حلمًا" ما لم تتوفر الظروف السياسية والإقليمية المناسبة.
الدور الأمريكي والإسرائيلي
أكد فرج أن الولايات المتحدة تمسك بخيوط اللعبة في المنطقة، وأنها في هذه المرحلة ستسعى للضغط على إسرائيل لخفض التصعيد، حتى لا تنفلت الأمور وتخرج عن السيطرة.
وربط ذلك بالوضع الداخلي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه انتخابات قريبة ويبحث عن كسب دعم اليمين المتطرف، مشيرًا إلى أن استطلاعًا حديثًا لصحيفة جيروزاليم بوست كشف أن 70% من الإسرائيليين يؤيدون استهداف حركة حماس حتى خارج فلسطين، بما في ذلك في قطر.
مصر بين القوة والردع
اختتم فرج حديثه بالتأكيد أن مصر تبقى خارج دائرة الاستهداف المباشر، لوعي الأطراف كافة بقدرة الجيش المصري وقوته الردعية. وأشار إلى تقارير أمريكية حديثة وصفت الجيش المصري بأنه "عظيم ومحترف"، وهو ما يعزز مكانة القاهرة كقوة إقليمية يحسب لها الجميع حسابًا.
رؤية اللواء سمير فرج تكشف عن معادلة معقدة.. مشروع القوة العربية المشتركة يظل حلمًا يراود الشعوب العربية لكنه يصطدم دومًا بالواقع السياسي وضغوط القوى الكبرى. وبينما تتواصل التوترات في المنطقة، تظل مصر بثقلها العسكري والسياسي حجر الزاوية في أي معادلة أمنية مستقبلية، حتى وإن بقيت فكرة القوة العربية الموحدة مجرد "مشروع على الورق".