واصل الجامع الأزهر، عقد أمسياته الدينية، حيث أقام اليوم الاثنين أمسية جديدة تحت عنوان: «النبي صلى الله عليه وسلم والحفاظ على البيئة»، حاضر فيها الدكتور مجدي عبد الغفار، أستاذ ورئيس قسم الدعوة والثقافة بكلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر، وقدمها الأستاذ إسماعيل دويدار، رئيس إذاعة القرآن الكريم.
وقال الدكتور مجدي عبد الغفار، إن إعمار الكون ليس مجرد خيار، بل هو مهمة إنسانية أساسية، وتكليف للإنسان بهذا العمل الجليل، قال تعالى: "إني جاعل في الأرض خليفة"، ليعمر الأرض وفق مراد الله سبحانه وتعالى، وهذه المهمة تتطلب من الإنسان أن يكون أمينًا على كوكب الأرض، ليس فقط من خلال البناء والعمران فقط، بل بالحرص على والحفاظ على كل مكونات البيئة واستخدامها بمسؤولية ووعي، ولا يقتصر هذا الحفاظ على الموارد الطبيعية كالماء والهواء، بل يمتد ليشمل كل جزء من البيئة، من الشجرة الصغيرة، لان كل عنصر من هذه العناصر هو جزء لا يتجزأ من نظام بيئي متكامل يجب أن يعامل باحترام.
وأشار الدكتور مجدي عبد الغفار، إلى أن سلوك الإنسان هو المحدد الرئيسي لحالة البيئة، فكلما كان سلوكنا إيجابيًا ومسؤولًا، كانت البيئة حولنا أكثر صحة ونقاء، لأن البيئة هي مرآة تعكس تصرفات الإنسان، فصلاحها هو نتيجة مباشرة لوعي الإنسان وتصرفاته الحكيمة، بينما فسادها هو انعكاس لانحراف سلوكه واستغلاله الجائر للموارد، وهذا يؤكد أن مسؤولية الحفاظ على البيئة تبدأ من الفرد وتصرفاته اليومية، لتتحول إلى ثقافة مجتمعية تحمي كوكبنا للأجيال القادمة.
وأوضح الدكتور مجدي عبد الغفار، إلى أن الحق سبحانه وتعالى سخر للإنسان ما في الكون، قال تعالى: " وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" لكن يجب على الإنسان أن يأخذ هذه الأشياء كما أراد الحق سبحانه وتعالى.
أما أن يعبث الإنسان بهذه الأشياء فهو أمر محرم، لأن فيه إفساد لمعالم البيئة، مبينا أن إفساد مكونات البيئة يكون سببا في إفساد حياة الناس، نتيجة السلوكيات السلبية للبعض، لهذا يقول الحق سبحانه وتعالى: " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"، وهو دليل على أن السلوكيات الخاطئة تجاه البيئة تعد فسادًا كبيرًا، وهو سلوك لا يحبه الله سبحانه وتعالى ولا يرضاه لذلك قال تعالى:" وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ".
في ختام الأمسية، قال الأستاذ إسماعيل دويدار، إن النبي جاء رحمة للعالمين، فشملت رحمته الإنسان والحيوان والنباتات وكل مكونات الكون الذي نعيش فيه، لأنه الرحمة الكبرى، مشيرًا إلى أن الاحتفال بميلاد النبي يجب ألا يقف عند المظاهر الشكلية فقط وإنما، يجب أن نتعلم من هديه الشريف التعامل مع كل شيء، ومن بين القضايا الهامة قضية الحفاظ على البيئة، لأن النبي أوصانا بضرورة الحفاظ على البيئة من أجل الحفاظ على البيئة من أجل أن يعيش الإنسان في سلام وأمان.