قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

محمد الجندي: الاقتصاد في الماء والطاقة عبادة.. ونَشْر ثقافة بيئيَّة رشيدة واجب دعوي ورسالة إنسانيَّة

الدكتور محمد الجندي
الدكتور محمد الجندي

قال أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، إنَّ الأزهر الشريف بما يحمله من تراث عِلمي وفكري يمتدُّ لأكثر من ألف عام، لم يكُن يومًا بعيدًا عن قضايا الإنسان الكبرى؛ بل كان -ولا يزال- ضمير الأمَّة وحارسها الأمين، يستلهم من نصوص الوحي واجتهادات علمائه ما يضيء للناس طريق الإصلاح.

وأضاف الدكتور الجندي، في بيان له، أنَّ العالَم اليوم يقف أمام تحدٍّ مصيري هو التغيُّرات المُناخيَّة التي تهدِّد حياة الإنسان واستقرار المجتمعات وتوازن الكون، مؤكِّدًا أنَّ شيوخ الأزهر وعلماءه أدركوا منذ القِدم أنَّ البيئة ليست مجرَّد إطار مادي لحياة الإنسان؛ بل جزء من التكليف الشرعي.

واستعرض الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة عددًا مِنَ الرسائل العالميَّة التي يطلقها الأزهر حول قضايا المُناخ، مشدِّدًا على أنَّ حماية البيئة فريضة دِينيَّة قبل أن تكون خيارًا حضاريًّا، وأنَّ الأرض أمانة في يد الإنسان والعبث بها خيانة، وأنَّ تلويث البيئة إثم عظيم وإفساد الأرض بعد إصلاحها حرام شرعًا.

كما أوضح أنَّ الحفاظ على الموارد الطبيعيَّة مقصد شرعي يدخل تحت (حِفظ الكون)؛ فشريعة الإسلام قامت على حِفظ الإنسان والعمران، وأنَّ العدالة المُناخيَّة ضرورة لضمان حقوق الشعوب الفقيرة، وأنَّ حق الأجيال المقبلة في بيئة نقيَّة وسليمة واجب شرعي وأخلاقي، مشيرًا إلى أنَّ الاقتصاد في استهلاك الماء والطاقة عبادة وقربة لله تعالى، وأنَّ نَشْر ثقافة بيئيَّة رشيدة واجب دعوي ورسالة يؤدِّيها الأزهر الشريف عبر وعَّاظه ومنابره، وأنَّ تضامن البشريَّة كلِّها ضرورة لمواجهة الخطر المُناخي.

وبيَّن فضيلته أنَّ رسالة الأزهر في هذا السياق مؤصَّلة في تراث عِلمي وفكري ضخم يحضُّ على الحفاظ على الموارد الطبيعية، مشيرًا إلى أنَّ الأئمَّة الكبار كالشيخ محمد عبده والمراغي ومصطفى عبد الرازق والشيخ شلتوت، وصولًا إلى فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، ساروا على نهجٍ يربط بين الدِّين والعِلم والحياة، وهو ما يجعل الأزهر مؤهلًا لقيادة خطاب دِيني عالمي يرسِّخ المسئوليَّة البيئيَّة.

وأشار الدكتور محمد الجندي إلى أنَّ الأزهر الشريف -من خلال قطاعاته العِلميَّة والبحثيَّة ومنها مجمع البحوث الإسلاميَّة وجامعة الأزهر- قادرٌ على جَمْع العلماء الشرعيين والمتخصِّصين في قضايا البيئة والطاقة والزراعة لصياغة اجتهادات عِلميَّة توازن بين التنمية والحفاظ على المُناخ.

وتابع الدكتور الجندي أنَّ رسالة الأزهر الشريف تتجلَّى -كذلك- في دَوره التوعوي عبر منابره المنتشرة في أنحاء العالم، من خلال العلماء والوعَّاظ الذين يُوفدهم إلى مختلِف الدول لنشر ثقافة بيئية راشدة، تجعل المسلم يدرك أن الاقتصاد في الماء عبادة، وحماية الشجر صدقة، والحفاظ على الهواء النقي شكر لله على نعمة الحياة.

وشدَّد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة على أنَّ قضيَّة المُناخ لم تعُد شأنًا محليًّا، بل قضيَّة إنسانيَّة كبرى تتطلَّب تضامن البشرية كلِّها، موضحًا أنَّ الأزهر يدعو إلى عدالة مُناخيَّة تحفظ حقوق الشعوب الفقيرة، وإلى تكافل إنساني يضمن حماية حق الأجيال المقبلة في العيش الكريم.

ولفت فضيلته إلى أنَّ التراث الأزهري زاخرٌ بالمؤلَّفات التي تناولتْ قضايا العمران والبيئة والموارد الطبيعية، وذكر نماذج من علماء الإسلام الذين كتبوا عن هذه القضايا؛ مثل: ابن خَلدون، والفارابي، والمقدسي، والإدريسي، والقلقشندي، وابن الهيثم، والبيروني، إضافة إلى مخطوطات مباشرة تناولت الصحَّة العامَّة والمياه والوقاية مِنَ الأوبئة.

وأكَّد الدكتور محمد الجندي أنَّ الأزهر الشريف حاضرٌ بصوته في مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصَّة بالمُناخ، ومنها: مشاركته البارزة في مؤتمر (COP27) بشرم الشيخ عام 2022م، كما أصدر بياناتٍ وفتاوى واضحةً تؤكِّد أنَّ الإضرار بالبيئة «حرام شرعًا»، وأنَّ حماية الأرض مسئوليَّة دِينيَّة وأخلاقيَّة.

وربط الدكتور الجندي بين القضايا الكونيَّة الكبرى ومعاناة الشعوب المستضعفة، مؤكِّدًا أنَّ ما يعيشه الشعب الفلسطيني في غزَّة مِنْ عدوان وحصار وحرمان من أبسط مقوِّمات الحياة جريمةٌ إنسانيَّةٌ مضاعَفةٌ؛ إذْ يفتقدون الأمن الغذائي والمائي والصحِّي، ويُتركون فريسةً لآلة حرب تدمِّر الإنسان والبيئة معًا، لافتًا إلى أنَّه كما ندعو إلى عدالة مُناخيَّة تحفظ حقَّ الشعوب في العيش الكريم، فإننا نؤكِّد أنَّ العدالة لا تتجزَّأ، وأنَّ ما يتعرَّض له أهل غزة اختبار حقيقي لضمير العالَم، وإنقاذهم واجب إنساني وأخلاقي وشرعي.

واختتم الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة كلمته بتأكيد أنَّ الأزهر الشريف سيظلُّ منارة إصلاح وضميرًا حيًّا للبشريَّة في مواجهة الخطر المُناخي الدَّاهم، وأنَّ رسالته تنطلق مِنَ المنهج الوسطي المتجدٌّد لترسيخ القِيَم الإسلاميَّة، بما يحقِّق التوازن بين الإنسان والطبيعة في ضوء هدي الإسلام.