تستعد إيران لمواجهة جولة جديدة من العقوبات الدولية المرتبطة ببرنامجها النووي المثير للجدل، وذلك في أعقاب خطوة أوروبية لاستعادة العقوبات الأممية وفق آلية "سناب باك" التي أطلقتها فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل شهر، وتنتهي في 27 سبتمبر.
وكانت العقوبات قد رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، الذي هدف إلى منع طهران من تطوير سلاح نووي، غير أن الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق تتهم إيران بانتهاك التزاماتها.
ما العقوبات التي ستعود؟
تشمل التدابير الأممية حظر توريد الأسلحة التقليدية إلى إيران، وتشديد القيود على الأنشطة المرتبطة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، إضافة إلى حظر تخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم، وتجميد أصول، وقيود على سفر أفراد وكيانات إيرانية.
ولا تقتصر العقوبات على المجالين النووي والصاروخي فحسب، بل تمتد لتشمل قطاع النفط ، الشريان الأهم لاقتصاد إيران ، إلى جانب النقل والشحن والقطاعين المالي والمصرفي.
ما التأثير المحتمل على إيران؟
تضاف هذه الإجراءات إلى العقوبات الأمريكية المشددة التي أعاد الرئيس دونالد ترامب فرضها خلال ولايته الأولى، عام 2018، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، والتي كبّلت الاقتصاد الإيراني وقلصت صادراته النفطية.
وبينما يقلل المسؤولون الإيرانيون من أهمية عودة العقوبات الأممية، يرى خبراء أنها ستضاعف الضغوط الداخلية والخارجية.
وقال جريجوري برو، كبير محللي شؤون إيران والنفط في "مجموعة أوراسيا"، إن الإيرانيين بدأوا بالفعل يشعرون بالانعكاسات، مع تراجع الريال أمام الدولار وتنامي حالة التشاؤم في أوساط الأعمال.
وأشار إلى أن العقوبات ستضعف قدرة إيران التفاوضية حتى مع شريكها الأهم، الصين، التي تستحوذ على أكثر من 90% من النفط الإيراني بأسعار مخفضة. وأضاف: "مع عودة العقوبات، ستتمكن المصافي الصينية من المطالبة بخصومات أكبر، وهو ما سيؤثر مباشرة على العائدات النفطية لطهران".
كيف سيكون الرد الإيراني؟
لوّح نواب في البرلمان الإيراني بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال أعيد فرض العقوبات الأممية، لكن محللين يستبعدون أن تقدم طهران على هذه الخطوة التي قد تُفسَّر كمؤشر على نوايا تسليحية وذريعة لتصعيد عسكري إسرائيلي جديد.
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي يُنظر إليه كشخصية معتدلة رغم محدودية صلاحياته، أكد أن بلاده لا تخطط للانسحاب من المعاهدة.
وتأتي هذه التطورات بعد الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو الماضي ضد مواقع نووية وعسكرية إيرانية، وأسفرت عن نحو ألف قتيل، وردت عليها طهران بإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل تسببت بمقتل العشرات.
كما لمحت إيران إلى تقليص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حال عودة العقوبات، في حين قد تلجأ أيضاً إلى اختبار صواريخ باليستية جديدة يتجاوز مداها السقف الذي التزمت به منذ 2017 وهو 2000 كيلومتر، لتجنب استعداء أوروبا.
ورغم التصعيد، يرى الخبراء أن إيران لن تغلق باب الدبلوماسية بالكامل، إذ تظل أي صيغة تؤدي إلى تخفيف العقوبات أولوية قصوى لها، رغم أن احتمالات التقدم محدودة.
فقد أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي في 23 سبتمبر، رفضه القاطع التفاوض مع واشنطن، مؤكداً أن بلاده لن تتحاور مع القوى الأوروبية أيضاً، وهو ما يترك الجمود مسيطراً على ملف البرنامج النووي.