محافظة أسوان عاصمة الثقافة الأفريقية ، والتى تمتلك من المقومات العديد والعديد ، ومنها التنوع فى الأنماط السياحية ، والتى تعد أبرزها السياحة الثقافية والأثرية .
ونقص هنا حكاية معبدى رمسيس الثانى ، ففى مثل هذه الأيام من نهاية شهر سبتمبر عام 1968تم إنقاذ معبدى أبو سمبل من الغرق عقب بناء السد العالى وارتفاع منسوب المياه فى نهر النيل خلفه، ومثلت هذه اللحظة الفارقة تجسيدًا لإرادة المصريين وقدرتهم على مواجهة التحديات، ورسخت مكانة مصر باعتبارها حامية التراث الإنساني، ورسالة خالدة بأن الحفاظ على التاريخ هو حفاظ على الهوية والذاكرة المشتركة للبشرية.
ورغم مرور 57 عام ، على إنقاذ معبدى رمسيس الثانى بأبوسمبل جنوب أسوان، فما زالت هذه الذكرى محفورة فى وجدان المصريين، وما زال معبد أبوسمبل شامخًا، يروى قصة كفاح نادرة كان بطلها الإنسان المصرى فى تعاون مع المجتمع الدولى.
ويروى الأثرى الدكتور أحمد مسعود، مدير آثار أبو سمبل، تفاصيل تلك المرحلة بأنه مع إعلان بناء السد العالى فى ستينيات القرن الماضى، برزت أزمة حقيقية تمثلت فى تهديد عشرات المعابد والآثار النوبية بالغرق تحت مياه بحيرة ناصر.
وكان على مصر أن تختار بين التنمية الاقتصادية المتمثلة فى السد العالى، أو إنقاذ تراثها الفرعونى الفريد، وبالطبع لم يكن أمامنا إلا الجمع بين الاثنين، فبدأت واحدة من أعظم حملات الإنقاذ الأثرى فى القرن العشرين".

وأشار إلى أن أبرز المحطات التاريخية فى هذه الملحمة، بدأت 1960 بإعلان بناء السد العالى وبداية خطر الغرق، ومن عام 1960 إلى عام 1964 كانت إطلاق اليونسكو حملتها الدولية، وخلال مارس 1964، بدأت أعمال النشر والتقطيع لأكثر من 1000 كتلة حجرية ضخمة من معبد أبو سمبل، ثم خلال الفترة من 1964 حتى 1968، إعادة تركيب المعبد فى موقعه الجديد على مرتفع صخرى أعلى من منسوب المياه، وأخيراً فى 22 سبتمبر 1968 كان الإعلان الرسمى عن اكتمال عملية الإنقاذ.
وكان التحدى الأكبر هو كيفية التعامل مع تماثيل عملاقة يصل وزن بعضها إلى أكثر من 30 طنًا، ليتم قطع المعبد إلى 1050 كتلة حجرية باستخدام مناشير ضخمة، ثم أعيد تركيبها بدقة مذهلة تحافظ على الانحرافات الفلكية التى تميز معبد أبو سمبل، بحيث تظل ظاهرة تعامد الشمس مرتين سنويًا كما كانت منذ عهد رمسيس الثانى".
ولذا فإن ما حققه المهندسون والأثريون لم يكن مجرد إنقاذ معبد، بل كان معجزة هندسية وأثرية أثارت إعجاب العالم كله، وكتب المصريون ملحمة كفاح لا تقل عظمة عن بناء المعبد نفسه قبل أكثر من 3200 عام واليوم، يقف معبد أبو سمبل شاهدًا على عبقرية المصرى القديم وإرادة المصرى الحديث.
وأوضح بأن الحملة الدولية لإنقاذ أبوسمبل كانت لحظة فارقة فى تاريخ التعاون الثقافى العالمى فقد شاركت أكثر من 50 دولة بخبرائها وتمويلها ومعداتها لإنقاذ الكنوز المهددة، مضيفاً أن هذه الحملة جسدت تضامنًا عالميًا نادرًا، حيث توحدت الدول حول هدف واحد، هو إنقاذ تراث لا يخص مصر وحدها لكن الإنسانية كلها.



