أقال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "FBI" هذا الشهر ما بين 15 إلى 20 عميلًا، بعد أن ظهروا في صور ومقاطع مصورة وهم يركعون على ركبة واحدة خلال احتجاجات عام 2020 التي اندلعت إثر مقتل المواطن الأمريكي من أصل إفريقي جورج فلويد على يد شرطي أبيض.
وبحسب رسائل الإقالة التي حصلت عليها وسائل إعلام أمريكية، اعتبر المكتب أن هذا التصرف يعكس "قصورًا في الحكم على الأمور"، ويتعارض مع المعايير المهنية المتوقعة من عناصره.
في 25 مايو 2020، قُتل جورج فلويد بعد أن ضغط الشرطي ديريك شوفين بركبته على عنقه لمدة تسع دقائق و29 ثانية، في حادثة صدمت الرأي العام وأشعلت واحدة من أوسع موجات الاحتجاج ضد عنف الشرطة والعنصرية في تاريخ الولايات المتحدة.
وخلال تلك المظاهرات، ظهر بعض عملاء الـ FBI وهم يركعون أمام المحتجين في إيماءة فُسّرت حينها على أنها تضامن مع مطالب الحركة الشعبية المناهضة للعنصرية.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن جزءًا من هؤلاء العملاء نقلوا خلال الأشهر الماضية إلى مواقع أقل أهمية، فيما اعتبره مراقبون "تخفيضًا مقنعًا للرتب"، قبل أن تصدر قرارات الفصل النهائية في سبتمبر الجاري.
وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة تأتي ضمن ما يُوصف بأنه "حملة تطهير" يقودها فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب عودته إلى البيت الأبيض، بهدف إبعاد ما يعتبرونه موظفين "يساريين" أو "متيقظين" من مؤسسات الدولة.
وأثار القرار انتقادات واسعة داخل الأوساط الأمنية والسياسية. فقد أصدرت جمعية عملاء الـFBI بيانًا أدانت فيه عمليات الفصل، معتبرة أنها تنتهك "الحقوق الدستورية والقانونية" للمفصولين. ودعت الجمعية الكونجرس الأمريكي إلى فتح تحقيق مستقل في ممارسات المكتب.
من جانبه، رفض المتحدث باسم الـ FBI التعليق على القضية، بينما دافع مدير المكتب كريشنا با عن القرار، مشيرًا إلى أنه يأتي في إطار "معالجة التحيز السياسي داخل المؤسسة"، مؤكدًا أن العناصر المقالة "لم تستوف معايير المكتب الصارمة".
وأثارت أيضا القضية جدلًا واسعًا في الولايات المتحدة، إذ رأى معلقون أنها ستزيد من تآكل ثقة الرأي العام في المؤسسات الفيدرالية، بينما اعتبرها آخرون دليلاً على أن أجهزة إنفاذ القانون لا تزال ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين الإدارات المتعاقبة.
وبينما يواجه الـ FBI اتهامات بالتسييس المفرط، يرى مراقبون أن تبعات هذه الخطوة لن تقف عند حدود المؤسسة، بل قد تمتد إلى علاقة الجهاز بالكونجرس والإدارة الحالية، وربما تشعل نقاشات جديدة حول استقلالية الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة.