سلط الدكتور محمد فضل الله المستشار الرياضي الدولي على فلسفة الوصول والتأهل إلي بطولة كأس العالم.
قال الدكتور محمد فضل الله عبر الصفحة الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك: تمهيد.. في الفلسفة الرياضية الحديثة، يبرز سؤال عميق لا يرتبط بنتيجة مباراة أو تسجيل هدف، بل يتعلق بجوهر مفهوم الإنجاز ، فهل يكمن الإنجاز في اجتياز مراحل التصفيات والتأهل إلى البطولات الكبرى، أم أن الإنجاز الحقيقي يتجسد في ما يُقدَّم من أداء ونتائج بعد الوصول إلى أرض البطولة؟.
وتابع الدكتور محمد فضل الله: هذا الأمر ليس مجرد قضية رياضية تقنية، بل هو معضلة فلسفية تضعنا أمام ثنائية الوجود ، فالتأهل كرحلة تمثل الطريق إلى الغاية ، أما النتائج كجوهر تعكس ما يُنجز عند بلوغ النهاية، وذلك تمامًا كما أن السفر إلى مدينة بعيدة ليس إنجازًا بذاته، بل الإنجاز هو ما تفعله هناك من بناء، اكتشاف، وإبداع ، في السياق التالي طرح فلسفي حول فلسفه التأهل كشرط وجودي لا كغاية نهائية ، لأنه فلسفيًا يمكن النظر إلى مرحلة التأهل بوصفها الشرط الضروري لدخول المجال، لكنها لا تمنح بذاتها معنى الإنجاز. فهي أشبه بـ"عتبة الوجود" التي لا تكتسب قيمتها إلا بما يليها.
وأضاف الدكتور محمد فضل الله: أولًا : الإنجاز كفعل في لحظة الحضور ، فالإنجاز الرياضي يتحقق فقط عندما يتجسد الأداء في المسرح الحقيقي للبطولات. هنا، يتحول الرياضي من مجرد مسافر بلغ محطته، إلى فاعل تاريخي يترك بصمة في الذاكرة الجمعية.
وواصل الدكتور محمد فضل الله: ثانيا : الفارق بين الإنجاز الوصفي والإنجاز الجوهري فالإنجاز الوصفي ( هو تسجيل الفريق في قائمة المنتخبات المشاركة بكأس العالم)، أما الإنجاز الجوهري ( فهو بلوغ الأدوار النهائية أو تحقيق اللقب، هذا الفارق يضعنا أمام مفهوم النجاح الوجودي: ليس المهم أن تصل، بل أن تفعل شيئًا يستحق الذكر عند الوصول.
واستطرد الدكتور محمد فضل الله: ثالثا : النقد الفلسفي لفكرة الاكتفاء بالتأهل ، فالاكتفاء بفكرة التأهل يعكس أحيانًا نزعة "إجرائية" تقتل جوهر الرياضة. الرياضة وُجدت لتكون فعل إنجاز، لا مجرد عبور بوابة المشاركة.
وقال الدكتور محمد فضل الله أيضا :
رابعاً : أفضل الممارسات العالمية:
(١)- ألمانيا ، حيث تعتبر أن التأهل استحقاق منطقي، لكن الإنجاز يُقاس بالبطولات التي تضاف إلى السجل، وهو ما جعلها تركز على الاستدامة في منصات التتويج.
(٢)- البرازيل ، حيث لا يُحتفل عندها بالتأهل لكأس العالم، بل يُعتبر أمرًا بديهيًا. الاحتفال فقط عند حمل الكأس أو تقديم أداء تاريخي.
(٣)- اليابان ، والتي طوّرت فلسفة "النجاح عند الوصول" عبر جعل المشاركة في المونديال خطوة استراتيجية نحو تجاوز الأدوار، لا مجرد مشاركة رمزية.
(٤)- إنجلترا ، فبعد عقود من الانتظار بين ١٩٦٦ و٢٠٢١ ، أعادت تعريف الإنجاز كرحلة طويلة لا تُختزل في التأهل، بل في الاقتراب من الألقاب الكبرى.
(٥)- الولايات المتحدة، فمن خلال الرياضات الأولمبية، وضعت فلسفة "Podium not Participation" أي أن الإنجاز يقاس بالوصول إلى منصة التتويج، لا بمجرد التواجد.
واختتم الدكتور محمد فضل الله حديثه قائلا: في النهاية التأهل هو الباب المفتوح، أما الإنجاز فهو الخطوة التي تعبر بك إلى المعنى. لا يمكن اختزال الإنجاز في الوصول، لأن الوصول بلا فعل يشبه السفر بلا مغزى ، فالإنجاز الرياضي الحقيقي إذن هو ما تصنعه في البطولة ذاتها، لا مجرد بطاقة العبور إليها.