ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، قال فيه صاحبه: "هل من صلى الفجر قبل الشروق حصل على الأجر كاملا وتحسب صلاته أداءً؟".
وقد أجاب عن هذا السؤال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، موضحا أن أداء صلاة الفجر قبل شروق الشمس بدقائق يعد صحيحا، وتعد الصلاة واقعة في وقتها الشرعي، وبالتالي فهي صلاة أداء وليست قضاءً.
وأوضح شلبي أن المسلم يجب أن يصلي الفجر بمجرد استيقاظه، طالما أن الوقت لا يزال قبل طلوع الشمس، مضيفا أنه إذا صلاها قبل الشروق فهي أداء، وإن صلاها بعد الشروق فهي قضاء، وتسمى في هذه الحالة "صلاة الصبح" وليست "الفجر"، من الناحية الاصطلاحية الفقهية.
وأشار كذلك إلى أن صلاة الضحى تبدأ بعد شروق الشمس بحوالي ربع ساعة، وتستمر حتى قبل أذان الظهر بعشر دقائق، وهي سنة مستحبة ولها فضل عظيم.
في السياق ذاته، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن من شروط صحة الصلاة أن تكون في وقتها المحدد شرعا، مشيرا إلى قوله تعالى: ﴿إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾ [النساء: 103].
وذكر المركز أن النبي محمد ﷺ بين مواقيت الصلوات بدقة لا لبس فيها، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، والذي أوضح فيه النبي ﷺ أن "وقت صلاة الصبح يبدأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس"، وهو ما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم.
كما أبان الشيخ شلبي أن هناك من الفقهاء – مثل الإمام ابن رشد – أكدوا على هذا التوقيت، حيث قال رحمه الله: "واتفقوا أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق، وآخره طلوع الشمس، إلا ما روي عن ابن القاسم وبعض الشافعية أن آخره وقت الإسفار".
وبين أن الإسفار يعني ظهور الضوء بشكل واضح بعد ظلمة الليل، وهو وقت تتضح فيه الأشياء.
وتعزيزا لهذا الرأي، نقل المركز حديث النبي ﷺ:
"من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح"، وهو حديث متفق عليه رواه البخاري (579) ومسلم (608)، ويستدل به على أن إدراك ركعة واحدة قبل الشروق كاف لاحتساب الصلاة أداء.
أما عن حكم من أدرك ركعة واحدة من صلاة الفجر قبل شروق الشمس، فقد أجمع جمهور العلماء، ومنهم الإمام ابن قدامة في كتابه "المغني"، على أن صلاته صحيحة ولا يعيدها، لأن وقتها لا يزال قائما ما دامت الشمس لم تطلع.
وقد ذكر ابن قدامة:
"قال أصحاب الرأي فيمن طلعت عليه الشمس وقد صلى ركعة: تفسد صلاته، لأنه صار في وقت نهي عن الصلاة فيه ، وهذا لا يصح، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)".
وأضاف: "وفي رواية: من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته" – وهذا أيضا متفق عليه.
وأوضح العلماء أن النهي الوارد عن الصلاة بعد طلوع الشمس إنما يتعلق بالنوافل فقط، أما الفرائض، فتؤدى في كل وقت ولا تسقط، بشرط أن لا يكون هناك تعمد لتأخيرها.
وقد جاء في بعض الروايات أن حتى الوقت الذي يسبق طلوع الشمس بدقائق يعد وقت نهي نسبي، ومع ذلك لا يمنع أداء الفجر.
وعليه، فإن من أدى صلاة الفجر قبل طلوع الشمس بدقائق، فإن صلاته صحيحة، وأجرها كامل بإذن الله، ولا يعد قاضيا، بل مؤديا لها في وقتها.