قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

اتفاق غزة.. نافذة أمل وسط الركام وتحديات تثبيت السلام

اتفاق غزة.. نافذة أمل وسط الركام وتحديات تثبيت السلام
اتفاق غزة.. نافذة أمل وسط الركام وتحديات تثبيت السلام

رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة فتح نافذة أمل بعد حرب مدمرة استمرت عامين، إلا أن تثبيت هذا السلام، وفق مراقبين، يتطلب "معارك من نوع آخر" تتجاوز الميدان إلى السياسة والدبلوماسية. 

فقد أدى الاتفاق، الذي أُعلن عنه يوم الجمعة الماضي، إلى تحرير الرهائن الإسرائيليين والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، في مشهد اعتُبر تتويجًا لمسار تفاوضي شاق، لكنه في الوقت ذاته، كما تقول وكالة "أسوشيتد برس"، ربما يمثل الجزء الأسهل من العملية الطويلة نحو الاستقرار.

احتفالات في شوارع غزة بوقف الحرب وهتافات شكر للرئيس السيسي والجيش المصري

الخطوات الأولى نحو السلام

وخلال قمة شرم الشيخ حول مستقبل غزة، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن "الخطوات الأولى نحو السلام هي الأصعب دائمًا"، معربًا عن تفاؤله بأن إعادة الإعمار ستكون المرحلة الأسهل بعد التوصل إلى الاتفاق. 

وأشاد ترامب بجهود الوساطة التي أنهت الحرب، معتبرًا أن الاتفاق يشكل بداية جديدة لإعادة بناء القطاع المدمر. لكن دبلوماسيين وخبراء، من بينهم المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، حذروا من أن المرحلة المقبلة ستكون "صعبة للغاية"، خاصة في ظل تعقيدات تتعلق بنزع سلاح حماس، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وتشكيل مجلس إدارة مؤقت للقطاع.

وبحسب تحليل وكالة "أسوشيتد برس"، ما زالت أسئلة عديدة بلا إجابة: متى وكيف سيتم نزع سلاح حماس؟ وما مصير تلك الأسلحة؟ ومن سيرسل القوة الأمنية الدولية المقترحة؟ وأين سيُقام المجلس الإداري المؤقت لغزة؟ ويرى مراقبون أن منع تجدد القتال يتطلب من الولايات المتحدة والدول الضامنة مواصلة الضغط على الطرفين، وتكريس جهد دبلوماسي دائم، في ظل إرث طويل من انعدام الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، فشلت محاولات عدة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ولم تُسفر سوى عن هدن قصيرة. 

وتقول لوسي كورتزر إيلينبوغن، الزميلة البارزة في معهد الشرق الأوسط، إن "الهدنة الحالية خطوة إيجابية لكنها هشة"، مضيفة أن مصيرها يعتمد على التزام ترامب والدول المشاركة في تنفيذها. أما منى يعقوبيان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فترى أن السلام لا يزال بعيد المنال، وأن الطريق إلى تثبيته مليء بنقاط الفشل المحتملة.

ورغم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التزامه بخطة ترامب، إلا أن المشهد السياسي في إسرائيل لا يزال مضطربًا، وسط مخاوف من انهيار حكومته وإجراء انتخابات مبكرة. كما لا تزال حماس، رغم إنهاكها بعد عامين من الحرب، تحتفظ بقدر من السيطرة على القطاع، رافضة التخلي عن سلاحها. وتبقى مسألة رئاسة "مجلس السلام" غامضة بعد تردد ترامب بشأن ترشيح توني بلير لرئاسته.

في المقابل، يواجه قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ تشير التقديرات إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 90% من السكان، وتدمير المستشفيات والبنية التحتية بالكامل. وقدّر البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تكلفة إعادة الإعمار بنحو 53 مليار دولار، وهو رقم يعكس حجم الدمار وعمق التحديات. وتشدد إيلينبوغن على أن إعادة الإعمار والحكم الأمني يجب أن يسيرا "بالتوازي، لا بالتتابع"، لضمان استقرار حقيقي.

أما قضية الدولة الفلسطينية، فلا تزال ضبابية داخل الاتفاق، إذ لم يأتِ على ذكر "حل الدولتين" الذي ترفضه إسرائيل. وفي طريق عودته إلى واشنطن، قال ترامب للصحفيين إن مسألة الدولة الفلسطينية "منفصلة عن خطة إعادة الإعمار"، مضيفًا: "بعض الناس يفضلون الدولة الواحدة، وآخرون دولتين.. سنرى". 

وهو تصريح يعكس أن السلام في غزة لا يزال قيد التشكّل، وأن الطريق إلى تسوية شاملة قد يكون أطول مما يبدو في لحظة التفاؤل الأولى.

ومن جانبه، أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، أنه يقف بين التفاؤل والتشاؤم بشأن مستقبل قطاع غزة بعد قمة شرم الشيخ للسلام، موضحًا أن الحرب لن تعود في الفترة القريبة، لكن التحديات الكبرى لما بعد الحرب بدأت بالفعل، وعلى رأسها ملف نزع السلاح وإعادة الإعمار. 

واعتبر أن المكسب الحقيقي من الاتفاق هو "وقف المقتلة" التي عاشها الفلسطينيون لعامين، مشيرًا إلى أن سكان غزة يعيشون مشاعر مختلطة بين الفرح بالنجاة والحزن على حجم الدمار الذي طال 90% من المدينة.

وأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد” أن استمرار الهدوء مرهون بسبين أساسيين؛ أولهما التخلص من عبء الأسرى الإسرائيليين الذي شكّل ذريعة لإطالة الحرب، وثانيهما الرفض الدولي لاستئناف القتال الذي أكده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ولكنه حذر من أن وقف الحرب لا يعني تحقيق السلام، محذرًا من أن تأخر الإعمار أو غياب الأمل قد يؤدي إلى نزوح فلسطيني جديد، مشيرًا إلى أن ملف نزع السلاح يمثل "عقبة المرحلة الثانية" مع رفض حماس له، مما قد يمنح نتنياهو ذريعة لعدم استكمال الاتفاق.

واختتم الرقب بتأكيد الدور المحوري لمصر في التوسط بين الأطراف، قائلاً إن "مصر لم تُختر، بل فرضت نفسها من جديد" بفضل ما وصفه بـ "دبلوماسية المخابرات" التي تجمع بين الخبرة والقدرة على إدارة الأزمات بحرفية عالية.