في خطوة سياسية ودستورية مهمة تهدف إلى تنظيم مسألة انتقال السلطة وضمان استقرار مؤسسات الحكم الفلسطينية، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعلانا دستوريا جديدا يوضح الإجراءات الواجب اتباعها في حال شغور منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبو لحية أستاذ القانون الدولي، إنه لا يوجد سند قانوني في القانون الأساسي الفلسطيني يجيز إصدار ما يعرف بـ"الإعلانات الدستورية"، إذ لم يتضمن القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته لعام 2005 أي نص يمنح رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية هذه الصلاحية، سواء بصورة مباشرة أو ضمنية.

وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه يعد اللجوء إلى هذا الأسلوب، ممارسة سياسية خارج الإطار الدستوري تتجاوز آليات التعديل التي نص عليها القانون الأساسي نفسه في المادة (120)، والتي تحصر تعديل أحكامه بقرار يصدر عن المجلس التشريعي بأغلبية الثلثين ومصادقة الرئيس عليه.
وأشار أبو لحية، إلى أن الإعلان الدستوري الصادر مساء أمس عن الرئيس محمود عباس، الذي يقضي بأنه في حال شغور منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وفي ظل غياب المجلس التشريعي، يتولى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مهام الرئاسة مؤقتا، جاء بعد الإعلان الدستوري رقم (1) لسنة 2024، الذي نص على تولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مهام الرئاسة المؤقتة في حال شغور المنصب.
وتابع: "تارة ينقل الاختصاص إلى رئيس المجلس الوطني، وتارة إلى نائب رئيس اللجنة التنفيذية، ما يعكس حالة تخبط في هندسة النظام الدستوري الفلسطيني ومحاولة مستمرة لسد فراغ مؤسسي بوسائل استثنائية غير منصوص عليها دستوريا".
وأردف: "هذا التخبط ليس مجرد مسألة إجرائية، بل يعبر عن أزمة بنيوية في النظام السياسي الفلسطيني، تفاقمت بفعل الانقسام الداخلي واستمرار تعطيل العملية الديمقراطية، وخاصة تأجيل انتخابات عام 2021 في اللحظة الأخيرة تحت مبررات غير مقنعة قانونيا أو سياسيا".
واختتم: "غياب المجلس التشريعي المنتخب، وتركز الصلاحيات في يد السلطة التنفيذية، أوجد فراغا دستوريا يملأ بقرارات استثنائية تفتقر إلى السند القانوني، مما يهدد مبدأ الفصل بين السلطات ويمس الشرعية الدستورية، كما أن منح الصلاحيات لنائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يمثل خلطا بين مؤسسات السلطة الوطنية ومنظمة التحرير، وهو ما يخلق ازدواجية مؤسسية تتعارض مع أحكام النظام الدستوري الفلسطيني القائم على الفصل بين الكيانات القانونية والسياسية".
والجدير بالذكر، أن الإعلان يقضي بأنه "إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائب رئيس دولة فلسطين، مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا، لمدة لا تزيد على 90 يوما".



